الكتيابي وسيف الجامعة والحلنقي اجابات مسكتة لكنها غير مقنعة
حسين خوجلي
في احدى زياراتي لدولة الامارات الشقيقة أقام لي الاخ الشاعر الكتيابي والاخ الشاعر الحلنقي والفنان سيف الجامعة، ولفيف من الصحفيين والاعلاميين ومعهم الموسيقار الكبير بشير عباس رحمه الله، عشاءً فاخرًا مترع بالشواء والغناء والذكريات والأشعار العامية والفصيحة مما جعلها إحدى أمسيات الف ليلة وليلة.
وقد وجدت في نفسي حزناً بليغاً أن مثل هذه النوارس خارج سربها وأوكارها وبلادها، وقد حرضتهم وأغريتهم وحفزتهم بالأماني واقسمت لهم بأنها لن تكون من كواذب القول وسراب الأمنيات.
قلت للحلنقي: لماذا لا تعود للسودان وكل العنادل والأوتار في انتظارك؟
فرد قائلا: تعرف يا حسين إنه أخوك بخاف من الحرارة والطيارة والعيون الغدارة، واكملها بابتسامته الودودة الغامضة، لكنه من بعد الغياب عاد زي عيداً غشانا وفات وعاد وعم البلد أعياد.
وقلت لعبد القادر الكتيابي: لماذا لا تعود يا عبدالقادر والمعابر والمنابر والنسيمات العوابر في انتظارك؟
فقال في ابتسامة تقع ما بين جغرافية الحزن والسخرية: أنا كما تعلم يا صديقي حسين مثقل الكاهل بالاشعار الشوارد التي لم تكتب بعد والفواتير المؤجلة والضراعات والجراحات القديمة، وحتى اتداوى بها ومنها سأعود للسودان، وعاد عبد القادر وجمل أمسياتنا بشعره البديع من عامية أهل السودان وفصيح العرب والكتياب، من وادي عبقره الخاص دون أن يشغل نفسه بفن التفعيل والتشطير والكتاب.
وقلت أيضاً لسيف الجامعة: انت يا سيف في بلاد حفية بالسودانيين، ولكن لا جمهور لك فيها والفنان بلا جمهور سيموت مثل الفراشات والعصافير حين يجف النبع وتذبل الحديقة
فقال لي متعللاً وكان انذاك أحد أصوات المعارضة بالانقاذ: أنا يا حسين خايف لو جيت الجماعة ديل يعتقلوني، فضحكت حتى انتبه القوم.
فقلت له: انت يا سيف الجامعة قايل روحك سيف الدولة الحمداني؟ وفعلا عاد سيف وقد فاح عطره الابداعي من لدن المتمة وحتى لقاوة ومن الفاشر حتى كسلا، وقد ملأ الأرجاء غناءً وسيما وأسعدنا بزواج مبارك وملأ الساحة بذرية صالحة، فكانت اعذريني من كلمات الحلنقي ولحن صلاح ادريس حمامة بيضاء أتت من سرب الستينات الجميل.
أعذريني الدمعة ديّه… حتبقى آخر دمعة ليّه
تاني لو قربت منك… يبقى ليك الحق عليّ
ويتواصل البوح الباكي إلى نهايته الموحية الجريحة
من زمان وأنا راجي منك
كلمة بيها تفرحيني
وانتي ما فرحت قلبي
كنت ديمة بتجرحيني
قسمة الزول ما بتفوتو
والبجيني معاك بجيني
لو بكت منك عيوني
سامحيها وأعذريني
وأرجو من كل قلبي بعد الانتصار والتحرير أن يعود الثلاثي الأنيق لبلاده وهل من عودة تاني أم هي مستحيلة؟.