القوة و الحق و السيطرة على السياسة

زين العابدين صالح عبد الرحمن

يؤكد آهل الفكر السياسي؛ أن السياسية تحتاج إلي القوة و الحق معا.. لآن القوة هي القدرة على فرض القانون، و المدافعة عن سيادة الدول و مصالحها و مصالح المواطنيين.. و في نفس الوقت تكون هناك ضرورة للحق، بهدف شرعنة القوة لكي يكون لها أدوات تضبطها و تتحكم في تصرافات المطبقين لها.. هذه المعادلة ضرورية للأستقرار و السلام و تطبيق العدالة في المجتمع..
فالمعادلة بين القوة و الحق لا تحتاج إلي شعارات، و لا إلي ضغوط تمارس من قبل جانب على الأخر، أنما تحتاج إلي وعي سياسي لكي يجعل المعادلة مقبولة، و تتم المحافظة عليها من قبل الجميع.. كل يحاول أن يستثمر الأخر لمصلحة الوطن، و لكي تسود عملية الاستقرار الاجتماعي و السياسي في البلاد، بهدف خلق بيئة صالح للتنمية بكل أنواعها لنهضة المجتمع و وطن ، و تطبيق العدالة دون مؤثرات و اتساع دائرة الحرية ..
الصراع السياسي في أية بلد يعتمد على رصيد كل حزب في المجتمع، و القوى السياسية التي ليس لها رصيدا أجتماعيا يؤهلها على التنافس، إما أن تنتظر طويلا حتى تستطيع أن تقنع الجماهير بفكرها و مشروعها السياسي، أو أن تلجأ للقوة لكي تدبر انقلابا يمكنها من الوصول للسلطة.. و في هذه الحالة لن تقيم نظاما ديمقراطيا، لأنها لم تأت بوسائل ديمقراطية، لذلك سوف تعتمد على القوة التي أدارت بها أنقلابها للاحفاظ على حكمها..
و الظاهرة الأخرى التي تشكل خطورة على العمليةالسياسية و على سيادة الدولة نفسها، و تضحى تحديا لمستقبل العمل السياسي في السودان، أن تقبل قوى سياسية بمحض إرادتها أن تصبح أداة لأجندة خارجية.. و في هذه الحالة سوف تصبح أداة تنفيذية لقرارات الخارج.. الأمر الذي يتطلب عليها احتكار القوة لكي تحمي نظامها السياسي و بمعاونة الخارج، هذا التحول في السياسة من صراع داخلي بين مكونات سياسية فيما بينها، إلي صراع يصبح بين قوى سياسية يستمد بعض منها قوته من الخارج, بأجندة الخارج ليس للمواطن فيها صالحا.. و هي بالفعل التي تسببت في الحرب الدائرة الآن..
أن العناصر التي رفضت في تنشأتها لأولية تاريخا أن تدخل حلبة السياسة، و رفضت التعاطي معها و محاولت أن تستبدلها بعناوين أخرى، تعتقد أنها أفضل من الدخول في صراعات سياسية، هؤلاء سوف تكون قدراتهم السياسية متواضعة، و إذا التحقوا بالسياسة في مراحل متأخر تكون المصلحة الفردية هي المتحكمة فيهم.. و يعجزوا على إدارة الصراع بالصورة التي تحقق لهم مكاسب لصالح المشروع الذي ينتسبون إليه.. و من هنا تكون تفتح منافذ للأجندات الخارجية.. و هؤلاء يعجزوا أن يقدموا مشروعا سياسيا مفصلا يوضحوا فيه رؤيتهم لمستقبل الدولة و السياسة فيها..
أن القوة إذا تغلبت على الحق سوف يكون المسار في اتجاه الشمولية، و الحق لا يتأتي لوحده إلا إذا خلقت معادلة توازن القوى في المجتمع، لأن الحق نفسه تفرضه القوة، و يعمل الحق من أجل شرعنة القوة و يجعلها خاضعة للقانون… نسأل الله حسن البصيرة

Exit mobile version