القتل العشوائي المستمر .. لماذا.؟
فيما أرى
عادل الباز
“هناك حرب لابد من خوضها في هذه البلاد، ضد هؤلاء الذين تجرأوا كثيراً”.
أهزوجة أمريكية
1
كثيرون في حيرة بسبب الفظائع التي ترتكبها المليشيات يومياً في كافة بقاع السودان.. وسبب الحيرة أنهم لا يجدون إجابة لسؤال بسيط ومعقد.. لماذا تفعل تلك المليشيا ما تفعل?. “الإغارة على الضواحي وإفساد السابلة” وقتل كل الناس لماذا.. ماهو الهدف الخفى؟. هناك سلسلة من الأسئلة المتناسلة يمكن أن نجد لها إجابة… إلا القتل العشوائي بحاجة لبحث عميق.
2
لماذا تنهب عصابات المليشيا وتسرق؟
…لأنهم بالأصل لا قضية لهم، مجرد كسابة كل هدفهم من الحرب النهب والسرقة ولذا فإن أي منطقة جرى نهبها غادروها.
لماذا يتوحشون في تعذيب الناس وإذلالهم ؟
لأن هذه طبيعة حياتهم التي عاشوها في الصحاري حيث نشأت لديهم طبيعة متوحشة ونزعت منهم إنسانيتهم وأصبح لا يمكن التعامل معهم كناس أسوياء.
ممارستهم في اغتصاب النساء وخطفهم واسترقاقهم؟
وذلك لأنهم بلا أدنى احترام للمراة ككائن بشري فالمرأة في حياتهم غير موجودة وإن وجدت فهي مجرد وعاء لإنتاج مزيد من الأشاوس المتوحشين. كل ذلك يمكن فهمه ولكن القتل.. القتل لماذا ؟.
قتل لأتفه الأسباب أو قتل بدون سبب إطلاقاً؟.
لماذا هم متعطشين دوماً للدماء؟!!
الطبيعية البشرية العادية لأي إنسان أنه ينفر من الدماء والقتل حتى إن كانت هنالك أسباب؟ فما الذي يدفع هؤلاء المجرمين الأشاوس للقتل المستمر.؟.
يقتل الأشاوس عليهم اللعنة في كل يوم المئات دون أن يحققوا أي نصر.
بالأمس القريب قتلوا 200 في قرية ود النورة.. لماذا؟ كان يمكن أن يدخلوا القرية الوادعة بسلاحهم الثقيل ويهددهوا ساكنيها وينهبوها كعادتهم ويغفلوا راجعين؟. هل كانت هناك مقاومة في القرية أو مجاهدين أو مستنفرين؟ الحقيقة أنهم بدأوا في تدوين القرية لساعات بالراجمات والدوشكات والثنائيات وغيرها من الأسلحة وأغلب القتلى بسبب التدوين العشوائي وليس نتيجة معارك مباشرة مع الأهالي. ثم بعد أن أجهزوا على أهلها اجتاحوها مزيدا من القتل. كذلك فعلوا في أمدرمان كرري ويفعلون يومياً في تدوين المناطق المأهولة بالسكان في الفاشر والأبيض، الهدف القتل لماذا .؟!!.
3
واضح أن هذا القتل العشوائي لا يحقق حتى الآن أي هدف، فهو بالقطع لن يجعل الجيش يستسلم وهو لن يكسر شوكة الكيزان كما هو عاجز أيضاً عن إنهاء دولة 56 وهو بالطبع ليس طريقاً للسلطة فالطريق إلى السلطة لا يمر عبر آلاف الجثث، القتل لا يزيد الشعب إلا كرهاً لمليشيا القتلة في كل يوم ينتجون ثأراً جديداً وغبائن يستحيل معها مساكنتهم ناهيك عن قبولهم في أي سلطة وأي مؤسسة مدنية أو عسكرية.
العجيب أنهم ومستشاريهم وحلفاءهم يفهمون ذلك جيداً ولكنهم لا يوقفون القتل…لماذا؟.
هناك احتمالات.. الأول أن تكون هذه المليشيا انفلتت من عقلها ولم يعد لها أي رابط تنظيمي يأمر وينهي، وتحولت فقط لمجموعات من المجرمين القتلة لا علاقة لهم بقيادة فيما كان يسمى بالدعم السريع سابقاً. ولكن هذا الاحتمال يضعف تماماً إذا علمنا أن قيادات وحلفاء المليشيا لازالوا يدافعون عن جرائمها ويبررونها ثم يتدفق عليهم السلاح والفزع من مناطق سيطرة المليشيا بالخرطوم. إذن هناك قيادة تشونهم وتدفع لهم وتمدهم بالعربات والمدافع لممارسة القتل. إذن انفراط العقد والقول بأنهم مجرد كسابة حيلة لم تعد تنطلي على أحد.
احتمال ثان.. القيادات المجرمة في المليشيا تتوهم أنها بإراقة مزيد من الدماء بين السكان المدنيين سيضغطون على الجيش وسيثير المدنيين ويحرضهم ضده ليأتي صاغراً ومهرولاً للمفاوضات…ولكن في كل مرة يحدث العكس فكلما ارتكبت المليشيات المجازر كلما التف الشعب حول الجيش وأدراك أن هذه مليشيا إرهابية مجرمة تقتلهم بلاسبب. وكلما مرة يحدث هجوم غادر على منطقة يصعب على الحكومة مجرد الحديث عن مفاوضات ناهيك عن الذهاب للمفاوضات حيث أصبحت المفاوضات في عرف الشعب جريمة وخيانة… لقد جعلت هذه الممارسات القذرة للمليشيات التفاوض نفسه مستحيلاً. أنظر لتصريحات ولقاءات البرهان آخرها في سنار أمس وعقب كل مجزرة وهجوم غادر.
احتمال ثالث.. قد تعتقد القيادات المجرمة في المليشيات وحلفائها الداخليين ومموليها الخارجيين أنهم بهذا النهج في القتل العشوائي المستمر الذي يقع على المواطنين سيرهق الجيش ويبدد موارده وتبوظ أعصابه مما قد يجعله يتصرف بتهور فتكسب المليشيا المعركة نتيجة للأخطاء والتهور والعجلة في حسم المعركة..
تلك أيضاً فكرة فاسدة أثبتت فشلها إذ بقي الجيش يدافع عن البلاد وهو في ثكناته بصبر عظيم رغم الحصار إلى أن كسر عظم ظهر المليشيا ودفعها هي للتهور وحولها بصبره وقدراته على المناورة من جيش عرمرم إلى مجرد مليشيا إرهابية مدانة من كل العالم.. والجيش لم ينهك، لايزال يقاتل بصبر وخطة ويفشل كل المؤامرات السياسية والعسكرية والدبلوماسية، الجيش لايخوض معركته ضد مليشيات مجرمة فقط بل يخوضها ضد دول جوار متآمرة وعالم غربي متواطئ وسياسيين لا وطنيين مرتزقة، رغم كل ذلك لم ينهك الجيش ولم يجعله يستسلم كما يهوى الجاك ورهطه من خدام الجنجويد.
احتمال الأخير… مادام سقطت مؤامرة الاستيلاء على الدولة بالانقلاب أولاً ثم بالحرب ثانياً يصبح الخيار الأخير هو تهيئة المناخ لقيام حرب أهلية تفتت الدولة السودانية نهائياً.. أنا أرجح هذا الاحتمال ولكن كيف يجعلونه واقعاً ولماذا؟.نواصل.