الفيتو الروسي
محمد وداعة
*الفيتو : اخرج الوزير البريطاني عن وقاره الدبلوماسي*
*المرافعة : الرد الروسي جاء قويآ معيدآ للاذهان أجواء حقبة التحرر ومناهضة الاستعمار،*
*عالم جديد : حروب اوكرانيا وغزة والسودان ترسم ملامح تحالفات جديدة*
*التحدى : ضرورة خلق توازن حقيقي بين الالتزام بمصالح البلاد العليا وعدم التفريط في السيادة الوطنية*
شهد يوم امس تحولآ كبيرآ فى مضمار السياسة الدولية و تقاطعاتها و اليات الصراع و تداخلاتها ، ولا شك ان استخدام روسيا للفيتو ضد مشروع القرار البريطاني دشن مرحلة جديدة فى طريقة تعاطى الاطراف الدولية تجاه الحرب فى السودان ، و ربما كانت المرافعة الروسية و الحيثيات التي ساقها المندوب الروسى لاستخدام الفيتو هي الاهم ، و توضح إلى حد كبير الأساس القانوني و السياسي الموضوعي الذي استند عليه استخدام حق الفيتو ،
ربما نادرآ ما يتم استخدام عبارات صارخة او خارجة على الاعراف الدبلوماسية في جلسات مجلس الامن ، الا انه كان مفاجئآ الغضب العارم الذي تحدث به وزير الخارجية البريطاني الذى حضر الجلسة (شخصيا) وخروجه عن طوره ومهاجمة الرئيس الروسي بوتين واقحام الحرب الروسية الاوكرانية في الموضوع ، و جاء الرد الروسي قويآ معيدآ للاذهان اجواء حقبة التحرر و مناهضة الاستعمار،
بلا شك فان الفيتو وضع حدآ لمحاولات اقليمية و دولية بتمويل و رشاوى اماراتية تولت بريطانيا وزر تنفيذها ، و لاسباب واضحة لعل اهمها ، استخدام ذريعة حماية المدنيين للابقاء على وجود المليشيا في المشهد السوداني بعد ان لاحت امكانية القضاء على هذا الدور نهائيا ، وهذا هو السبيل الوحيد للابقاء على دور متضخم لتقدم فى العملية السياسية المرتقبة بعد وقف الحرب ، و اعادت سردية الحرب بجدل جديد ، هل ينهي الاتفاق السياسى الحرب ؟ ام ينشأ اتفاق سياسي تاسيسآ على ايقاف الحرب ؟
جاء المشروع البريطاني محاولة لمصادرة السيادة و تجريد السلطات السودانية من شرعيتها ، وإعادة خلط الأوراق لاعادة الاتفاق الإطاري في نسخة جديدة، يدخل السودان إلى حالة من الفوضى تمهيدآ لتقسيمه إلى دويلات متناحرة ، بالطبع لن تنتهي المحاولات البريطانية وكالة أو أصالة ، ولن تكف الامارات يدها عن استخدام كل ما متاح لها من موارد للحفاظ على مصالحها مهما تعاظمت خسائرها ، وهذا ربما يضع اعباءآ إضافية لإدارة الحرب ، و بلا ريب ستكون له كلفة سياسية ، و لذلك فان القرار الوطني السوداني مواجهة بضرورة خلق توازن حقيقى بين الالتزام بمصالح البلاد العليا و عدم التفريط فى السيادة الوطنية ، و بناء علاقات استراتيجية مع روسيا وفقآ لقاعدة المصالح المشتركة ،
القضية لا تتعلق بمنح قاعدة بحرية لروسيا ، او استخدام روسيا للفيتو لاجهاض القرار البريطاني لمصلحة السودان ، العالم يتشكل من جديد ، حروب اوكرانيا وغزة والسودان ترسم ملامح عالم جديد ، وتحالفات جديدة، السودان بموارده الهائلة و موقعه الجغرافي الاستراتيجي ،مؤهل ليلعب دورآ مهمآ في استقرار القرن الافريقي والشرق الاوسط ،
على صانع القرار السوداني ان يدرك قيمة ما لديه ، وأن يحدد بدقة ما له .. وما عليه.