العمل الإنساني.. المدخل الناعم للمخابرات ومطامع الدول

تقرير – أمير عبدالماجد
ثمة إشارات قدمها رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان حول استغلال العمل الانساني واستعماله في الصراع أو التسوية بالدخول عبره إلى الهدنة، وقال إن المنظمات تريد محاصرة الدولة بقضية المساعدات الانسانية، وأضاف (كنا نسالهم عايزين توصلوها لي منو؟، وتابع (نحن سنحرر الارض واعادة الناس وتوفير احتياجاتهم).
وسؤال البرهان هنا هو تقريباً ماكان يسأله المواطن في أم درمان المحاصرة والتي يضربها الجوع ولا توجد أموال لشراء الحاجيات البسيطة كان يسال عندما يتابع أخباراً عن هدنة انسانية .. اين تذهب الاغائة التي قيل ان الهدنة إنعقدت لاجلها ..لم يصل إلى الناس وقتها ما يجعل الهدن التي تم الاتفاق عليها في جدة منطقية.. لم تصل إغاثة لكن المليشيا وصلت وانتشرت وتمددت وواصلت عملها في القتل وتشريد الناس.. كنا نشاهد كيف استغلت المليشيا الهدنة وحولتها إلى وسيلة للتمدد والانتشار ودخول بيوت المواطنين.. كانت اسوأ ايام المواطنين في الخرطوم هي الايام التي قيل انها هدن ووقف لاطلاق النار اذ اخرجت المليشيا وقتذاك اسوأ ماعندها.. اتجهت مباشرة لمنازل المواطنين او ما تبقى منها وفتكت بهم ووسعت وجودها في ام درمان القديمة وادخلت السلاح والمقاتلين عبر ام بدة ونقلتهم إلى مقراتها في مستشفي القابلات ومقر الاذاعة والتلفزيون وإلى بحري وشرق النيل.. واقامت ارتكازات ووسعتها في ود البشير وودنوباوي وحي العمدة واستمرت في هجومها على مقر الاحتياطي المركزي ام درمان وكوبري الحلفايا .. كان العالم وقتذاك يتحدث عن ايصال المساعدات الانسانية والمواطنين محاصرين في أم درمان.. لم تصلهم إغاثة ولم يشاهدوا ولا منظمة دولية او منظمة إغاثة .. شاهدوا فقط قوات المليشيا تقتل وتقصف وتتوسع تحت غطاء الهدنة .. مات كثيرون بسبب الجوع ودفنوا غالباً داخل منازلهم ومن بين هؤلاء موسيقي معروف توفي جوعاً في وقت كانت فيه الهدن التي انتجتها جدة في اوجها … مات في المناطق التي دخلتها المليشيا الاف بينهم من مات جوعاً .. لذا كانت العبارة التي تسمعها في الخرطوم كلما جرى الحديث عن هدنة انسانية انك كمواطن في منطقة نزاع تشعر ان العالم وهو يسعي الي ايقاف القتال واقرار الهدن ان بواخره في الميناء وشاحنات اغاثته جاهزة وهو امر عشناه واختبرنا مصداقيته.
يقول جبر الله الصادق احد الناشطين في العمل الطوعي بام درمان ان ما يرشح في الاعلام من حرص العالم علي توزيع الاغاثة وانقاذ الناس في الواقع لا اثر له على الارض اذ لم تصلنا اغاثة تكفي حتى العدد الذي كان موجوداً في ام درمان والخرطوم عموماً وهو عدد قليل مقارنة بسكان الخرطوم قبل الحرب مع ذلك لا وجود هنا لمنظمات دولية او اغاثة دولية وما شهدناه هو اغاثات وصلت إلى ام درمان من السعودية عبر مركز الملك سلمان ومن قطر وحتى هذه شحيحة جدا ولا اعتقد ان المواطن المحاصر هنا استفاد منها او انقذت حياته) وتابع (لو اعتمدنا على هذه الاغاثات لمات الناس جوعا) وقال ( التكايا التي يدعمها المجتمع المحلي هي التي قدمت خدمات كبيرة ومنعت انتشار الجوع لولاها لكان الوضع صعباُ ولو اعتمدنا علي الاغاثات لما صمدنا لانها شحيحة واغلبها فقط دقيق وبكميات بسيطة لا تتجاوز احيانا الـ (5) كيلو دقيق وزعت عبر لجان الاحياء.
وقال د. أسامة حنفي أستاذ العلوم السياسية بجامعة السودان إن ما اشار له البرهان قديم متجدد اذ كانت ولا زالت المنظمات هي فرس رهان التدخلات الخارجية في دول تعاني اشكالات وصراعات كدولنا وجميع الانظمة التي حكمت السودان تعاملت بطريقة أو بأخرى مع تدخلات هذه المنظمات التي اسقطت للاسف حكومات في الداخل والخارج، وأضاف (معظم العمل المخابراتي يتم من خلال هذه المنظمات ولك ان تتخيل ان هذه المنظمات لم تتحدث عن دور انساني واغاثي عاجل عندما مات الناس بالجوع في الفاشر والمليشيا تحاصرهم والتي تتحدث عن دور انساني عاجل بعد ما فتك الجوع بالمواطنين في الفاشر وبعد ان فتكت بهم قوات المليشيا وقتلتهم)، وتابع (هذه امور سياسية ومخابراتية لاعلاقة لها بالعمل الانساني وأنظر إلى أي دولة فتحت ابوابها لهذه المنظمات إلى أين وصل هؤلاء لا يقدمون أي جهد انساني حتى منظمات الأمم المتحدة كلها مخلب قط لقوى دولية واضرارها كبيرة ما لم تلزمها الدولة بحدود عملها الانساني اذ كلما وجدت مساحات للتمدد ستتمدد).



