السفيرة سناء حمد تكتب مودعة شهيداً: تحت ظل النيمة .. أقسمنا

¤ يا محمد محجوب.. إنا لله وانا اليه راجعون

فقد كنت مثل لقبك ” النيمة” شجرةٌ ظليلة ممتدة الجذور والفروع. شامخة ، تفئ اليها الأجيال المختلفة تنهل منك العلم حديثاً واقتداء ، تتعلم منك الشجاعة والمرؤة ومكارم الاخلاق..
يا ايها الاخيار ..الباسلون ..العاشقون لهذا التراب ..المتفانون لاجل هذا الدين ..الباذلون الروح في سبيل هولاء الغبش ..حمايةً لهم ونصرةً
¤ با أيها الساهرون لاجل الحق والعدل والحرية ، يتنافس غيركم وهم خِفافٌ لاهثون على الدرهم والدولار والقِيان والدور !! ، ويا سعدكم انتم ثِقالٌ مترفعون عن هموهم الصِغارُ مثلُهم ، تقفون هاماتكم عالية وهمتكم أعلى وهمومكم ساميّة ، يصّعد نظركم للسماء رجاء لحظة لقاء تسألون الله ان تكون شهادةً في سبيله .
¤ يا ” النيمة ” ، ان قلت الفارس فما أنصفتك فأنت فوق هذا الوصف ، وان قلت الزاهد فأنت فقت حد الزهد ، وان قلت العالم الدكتور ، فانت كنت خُلقاً يسير بين الناس تزيّنت بك الشهادات ،وان قلت ” يا سعادتك ” فلمثلك كانت الألقاب ، للمأمون المقدام عند الفزع والثقيل عند الطمع كحالك دوماً واخوتك ، وليس للخونة والبؤساء !! .
¤ لقد عشت حيياً تتجنب مظان الظهور إلا في مكانٍ يحبه الله ورسوله ، لقد اسرعت لتلبية نداء ” أن يا خيل الله اركبي” ، منذ اول يوم ..تركت بيتك وعيالك لله ، والتزمت حوشك الذي تُحب ..و الذي نحب نحن اهل الصحافة وجبرة وطه الماحي واللاماب و الشجرة والحماداب والعزوزاب والرميلة
¤ التزمت المدرعات …ولم تغادرها إلا مدافعاً عنها او باحثاً عن إمداد لها او تشوين لجندها ، او مقداماً مهاجماً ..منقذاً لأسيرات منتهكات او لأسرً مغلوبة على امرها او دحراً لغازٍ استباح كل حدٍ وفاق شرّه حد كل وصف …
¤ يا النيمة .. وقد ارتقيت اليوم وانت مقتحمٌ لمكامن العدو .. فأعلم ان رحيلك مُوجعٌ ..مُوُجع..
يا محمد ..بك وبمحامدٍ معك كنا نطمئن ، فبمثلكم تتنزل البركات .. لقد عجِلت لاحقاً برفيقك عمر النعمان ، وبينكما اقل من يوم .. انت من جبرة وهو أبن الصحافة رغم رحيله منها لزمان .. ورحيل مثلكما وصحبكما يهدُ الرواسي ، غير ان عهدنا مع الله دوماً انه بُخلفنا خيراً وفتحاً ..
¤ يا محمد كان يومي مختلفاً فقط ، لأن زوجي هاتفني قائلاً النيمة يسلم عليك !! ثم بعد سويعات فجعني برحيلك !! كيف لا نبكي عليك !! ، لقد كنت مختلفاً حتى في رقيّك إلى حيث سعيت ..
¤ تعرف فكرت ” أكيد ناس المدرعات وناس الصحافة وجبرة عاملين غلبة فوق … عاوزين النيمة .. ولذلك صعد !! ” …
ولكنك تركت خلفك حزانى ويتامى كُثُر !! انت مستعجل ليه !! .. رب اتاك خيارنا فانصر دينهم وبلادهم واهلهم بهم ..
¤ و يا ايها السودان متى يستقيم عودك وأمرك ..ولا تحتاج لنا كي نسندك بدمائنا وأجسادنا …متى ؟!
متى يفهم اهل هذه البلاد ، ان ثمن حريتهم وأمانهم ثقيل..ثقيل ..فلا يفرطوا فيه ولا يسلموا عقولهم ومصيرهم بسهولة !! .. متى ؟!
¤ اعلموا انه حين يجِد الجد وتبلغ الروح الحناجر ، وتتلفتون وقد بلغ الخوف مبلغه ، لن تجدوا تلك الأصوات العالية ، ولا اولئك المتشدقون بالنضال وحب الوطن ، لن تجدوا أولئك الذين يحدثونكم عن الديمقراطية وحقوق الانسان وحرية المرأة وحقوق المثليين ،!! يتحدثون حتى ملتهم المنابر ، يتدافعون نحو الكراسي والمناصب والأضواء حتى أحرقتهم !! ، و هم يدٌ سُفلى للطامعين في بلادكم وهم سترٌ لكل مجرمٍ هتك ستركم ، لن تجدوهم!! ، ¤ بل ستجدون هذه الوجوه المتوضئة ، والقلوب الخاشعة ، والسمت الذي يشبه طين هذه الارض ، وتسكنه روحها الأبيّة وقد تشّرب باخلاق اهلها وعرف حقها ، ستجدون رجالاً ونساءً لا يدخرون وسعهم في حماية الارض والعرض ، وملء صدورهم فخر ، لا يعطون الدنيّة في دينهم وبلادهم واهلهم ، وعينهم على ما عند الله مثل ” محمد اخوي” كما يناديه حيدر ، والنيمة كما ينادينه اخوانه وأترابه والأجيال التي غرسها ورعاها .
¤ يا محمد طبت حيّاً وصاعداً …
وان عهدنا معكم هو .. هو .. لن يصلوا لبلادنا وديننا .. وفينا عينٌ تطرُف.

Exit mobile version