الرباعية.. عندما تتحول المبادرة إلى “مسمار جحا”

تقرير – أمير عبدالماجد
خلف خطاب رئيس الوزراء السوداني د.كامل ادريس ردود أفعال كثيرة على مختلف الصعد وتسبب في حالة هياج بين متنفذي صمود ومتنفذين في أبوظبي، فبينما اعتبر تحالف القوى المدنية (صمود) مبادرة رئيس الوزراء محاولة للهروب من مسار الرباعية قال المستشار الدبلوماسي لرئيس الامارات انور قرقاش إن اتهام بلاده بالضلوع فيما يحدث بالسودان غير صحيحة، وأشار إلى أن الامارات تتعرض لحملات شرسة، وقال إن بلاده لا تسعى للزعامة أو النفوذ بل تعمل مع شركائها من أجل تحقيق منطقة مستقرة ومزدهرة خالية من التطرف، وأضاف (هذه الحملات تجاهلت في غالبها الظروف الداخلية للحالات التي تناولتها بهدف تبرير تقصيرها لكنها بقيت في النهاية معدومة النتائج) فهل بقيت فعلاً معدومة النتائج؟ وهل هناك أفق للتعامل مع دولة تصرح انها لا تسعى للنفوذ وتقول في الوقت نفسه إنها تحارب التطرف بل وتدعم مليشيا للسيطرة على دولة وتوفر لها السلاح والمال والمرتزقة هل يمكن الثقة في هكذا دولة تعتمد على التسويف واختلاق الروايات والضغط على الاخرين لتحقيق مكاسبها حتى لو استدعى هذا الضغط التضحية بملايين المواطنين وتدمير الدول وزرع الفتن والمشاكل بين اثنياتها؟ يقول بروفيسور فضل المولي النعيم الاستاذ المتخصص في العلوم السياسية إن الأمر لدى كثير من الاماراتيين كفيلم يشاهدونه على التلفاز أو الميديا ولا يعرفون عنفه وموته ودماره ولان هؤلاء يحصلون على المال من خلال نشر الموت وزعزعة الدول دون ان يتعرضوا لاي أذي فهم لن يتوقفوا ولا شيء يهمهم لا دول لا قدرات ولا انسان فعلوها في اليمن وكرروها في ليبيا وهاهم الان في السودان يرعون الموت ويدعمونه ويخرجون للناس مؤكدين أنهم رجال سلام ومحبة وان بلادهم تعمل على نشر الاستقرار)، وأضاف (ما تفعله الامارات في السودان وما فعلته في اليمن وليبيا هو أنها من أجل مكاسب ما ومن أجل السيطرة على الموانئ والموارد يمكنها فعل أي شيء دون خطوط حمراء طالما كان العالم يراقب ويشاهد ويساعدها حتى في تحقيق رغباتها)، وتابع (ما يتحدثون عنه الان يؤكد ان الحملات الشرسة التي أشار لها اثرت فيهم والا لما ردوا عليها وانشغلوا بها والا لما حاولوا اسكات صوت رئيس الوزراء السوداني في نيويورك لو كانت بلا نتائج فهم يخشونها الان ويتحسبون لها ويعرفون ان الحديث السوداني المتكرر والذي يفضحهم ويعريهم امام العالم سيؤثر وهو امر بالمناسبة لم يختبروه لا في اليمن ولا في ليبيا صحيح تعرضوا إلى محاولات كشف الكذب هذه وخرجت بعض الأصوات تفضح جرائمهم لكنهم في الحالة السودانية يواجهون شعب كامل بدأ يتحدث بما تفعله الامارات في بلادهم وهو أمر ان لم يؤثر اليوم سيؤثر غداً).
وكان الدبلوماسي والخبير الامريكي كاميرون هدسون قد أشار في إفادته التي قدمها أمام مجلس الأمن الدولي بوضوح إلى جسر جوي أقامته الامارات لنقل الأسلحة إلى المليشيا المتمردة عبر تشاد وليبيا وافريقيا الوسطي وجنوب السودان والصومال ومنطقة بورتلاند، وقال إن المليشيا حصلت على مسيرات متطورة وتكنولوجيا حديثة وهو ما مكنها من تطوير قدراتها وارتكاب مجازر بحق المدنيين، واتهم هدسون المليشيا بارتكاب جرائم تطهير عرقي في الفاشر، وأكد أن المليشيا قتلت عشرات الالاف وأحرقت جثث الموتى لاخفاء الأدلة، وأبدى هدسون اسفه لان بعض الأطراف الداعمة للحرب موجودة داخل المجلس وهم أعضاء داخل مجلس الأمن نفسه ما يعيق المحاسبة).
أما اليسع محمد نور الباحث في الشؤون السياسية ومدير مركز نور للدراسات الاستراتيجية فاكد أن هيجان الامارات الحالي هي ومسانديها له علاقة بالرغبة السودانية في الخروج من مبادرة الرباعية الدولية التي تحقق لهم مكاسب عديدة، وأضاف (أي محاولة من السودان للخروج من الرباعية والقبول بمبادرات أخرى أمر غير مقبول لدى الامارات وتنسيقية صمود ومليشيا الدعم السريع لان المبادرة الرباعية تتضمن في مساراتها أمور تهمهم أولها ترسيخ وجود المليشيا وترتيب وضعها بما يضمن أن تكون جزء من أي تركيبة سلطة قادمة هي وصمود وهو أمر مهم جداً عند الاماراتيين لان وجود عملائهم في السلطة يمكنهم من تحقيق غاياتهم بطبيعة الحال)، وتابع ( لاشك عندي أن أبوظبي منزعجة من التدخلات التي طالت الملف وتخشى أن التدخلات هذه قد تنتج تسوية بعيدة عنها ولا تقررها هي بالضرورة)، وقال (الرباعية عندي كالمسمار الذي دقه جحا في بيت استاجره بعض الناس منه فاخبرهم أن ايجارهم للبيت لا يشمل هذا المسمار وظل يزورهم يومياً للاطمئنان على سلامة المسمار الذي تحول إلى وسيلة يدخل بها جحا إلى المنزل كل يوم هذا بالضبط ما يحدث مع الرباعية التي تحولت عند هؤلاء إلى مسمار جحا لا يرغبون في فقدانه لانه يتيح لهم البقاء ضمن البيت ومواصلة تدميره).



