د. قسم الله محمد الصلحي :
كنت أظن نفسي والأستاذ الكبير البزعي والأستاذ المدرسة عبدالمطلب الفحل وغيرهم ممن تقابلت معهم في الندوات والمحاضرات حراسا للسودانوية في مستوى الممارسة دون النشاط الفكري الشاق والجاد الذى بسط له دكتور أحمد زين العابدين ومن قبله إبراهيم الصلحي ومدرسة الخرطوم والذهاب أعمق مدرسة الغابة والصحراء حيث قدم شاعرها (المنفستو) في عودته إلى سنار مغنيا بلسان ومصلي بلسان… والبزعي من بعد الطيب محمد الطيب هو بحق راعي هذا المشروع وقد تبني معي وانا مديراً للبرامج سودان بعيد عميق يغني ويرقص متجاوزا تجارب المراكز الغنائية التى ظلت تحتكر كل المناسبات والاحتفالات الوطنية والدينية والفنية والقومية وإذاعة السلام وكيف قيلتو؟.
شواهد على ممارسة الرجل وفكره وجهده، ولكن ولأننا في زمن اعطبنا فيه ذاكرتنا وأصبحنا نرى الخائن والعميل مناضل وبائع الأوطان شريف وثوري، وهنا وأنا أقف باكياً على وطن ضاعت حقائقه بين صناع الكذب إذ ما يزال أناس سودانيين ممن تعلموا بمال السودان وعرق السودانيين المزارعين الكادحين وضرائبهم وزكاواتهم يصفون هذه الأيدي بأنهم نظام بائد ويجب أن يقاتلهم شذاذ الآفاق بإدعاء أنهم( دولة 56) وسط هذا الجو اطالع حادثة المذيعة بكل أسف وحزن شديدين، والابنة المذيعة تحاول أن تثبت للناس كافة أن البزعي ربما كان ضد التعبيرات والتجسيدات وهو أحد أهم حراسها والمقدمين لها في كل زمان ومكان،
تحاول الابنة المذيعة أن تجعل من توجيهات بسيطة وما هو معروف في أعرافنا في التلفزيون والإذاعة أن المذيع لابد أن يكون على دراية بادواته من لغة جسده إلى الأزياء التى يرتديها فكلها تقدم لغات وحديث يفهمه المتلقي. فرسالة التلفزيون قومية وليست قابلة في اللحظة الفاعلة للتجريب والمغامرة، فهي حالة من الثبات المؤقت المعبر عن الأمة في اللحظة المعينة وإن كانت الابنة المذيعة لها من الخبرة والعلم لما أثارت هذا الموضوع بتلك الطريقة المزعجة لكن دون شك هي لا تعي اللحظة القومية التى نحن فيها، ولاهلنا البجا انتم لستم رقما صغيراً يبحث له عن وجود وظهور بالمناسبات، انتم أصل وأصل تالد وتاريخ راسخ ولا مظالم الأمس واليوم من أهل السياسة تسمح للبعض أن يقدم أهل البجا والشرق عموماً في هذه الصورة المتراجعة والرجعية أن يلوذ أهل الحضارة إلى مراحل ما قبل الحضارة إلى القبيلة والقبلية المقيتة، فكانت للمذيعة قوة في القانون والصحافة وطرح الموضوع بما تراه مناسبا من القوة والحجة لكن أن تثير الأمر بهذه الطريقة فأنا لا افصله عن الذى سبقه من إضطراب القرارات التى تتعلق بالتعيينات الأخيرة واضطراب القلم الذى يوقع عليها.
وهنا أقول لقد ظل التلفزيون والإذاعة في مستوياته الإدارية نهبا للسياسة والسياسيين حيث يظل التلفزيون يؤهل ويدرب من أهل التلفزيون ممن تشربوا المهنة والمهنية ليكونوا مديرين للمؤسسة بالخبرة والمهنية، فيأتى السياسي ليعين من يغامر بالمؤسسة وكأنها ملك يمينه فيهوى بها في الفوضى وعدم الاستقرار، ورأينا ذلك عندما كان يسمي التلفزيون باسم تلفزيون فلان. لقد عشنا تلك الفترة ونعلمها جيداً وكيف أضرت بالهيئة عموماً والتلفزيون على وجه الخصوص، وما رأي التلفزيون استقرارا نسبيا إلا في فترة الأستاذ البزعي والذى ترى ابنتنا أنه يجب الإعتذار لها، هل يعتذر لك ام للقبيلة؟.
فإن كان للقبيلة فما أظن احدا منهم لا يعرف البزعي باحثاً جاداً حاملاً للسودان وانسانه في قلبه ثقافة وممارسة شعبية، أكتب هذا الكلام إحقاقا للحق وللذين لا يعرفون البزعي هو من منحني لقب “ابن عوف الثالث بعد أن منحني لقمان اللقبين الأولين بحسب رأي الباشمندس عصمت، هذا لقصر مدة التكليف في إدارة البرامج، وأقول للابنة الطموحة لو كنت مكان البزعي أو الأخ عمار لارسلتك لدورة تدريبية ولمدة ستة أشهر لأصول التقديم ولغة الجسد والإعداد، ولن اسمح لك بالتقديم إلا بعد هذه الدورة، هل كنت ستقبلين كلامي في إطار التأهيل والتدريب والمهنية أم ستثيرين ضدي القبيلة لتقتحم مكتبي.
وفي الأخير يكفي تدخلات للايدي في التلفزيون من أي يد سواء أكانت من مجلس الوزراء أو المجلس العسكري أو أيا كان، فهؤلاء الناس يعرفون جيداً ماذا يريد الوطن والمواطن، وماذا تريد المرحلة فدعوهم يرتبوا أمرهم فسترون منهم مايسركم.
وأخيرا نحن ذاكرة أمة تأبى أن تعطل، وللأمام تلفزيون لايجامل أحداً، وسننتصر وستفرح الأمة، وعاشت أمة السودان.
وشكراً كبيراً وشكرآ جزيلاً يسر الناظرين لأهل الشرق فرداً فرداً ومؤسسة مؤسسة وإدارة إدارة بأن استقبلت صوت السودان حينما أرادت قوى الشر إسكاته.