د. إبراهيم الأمين
قوة السودان في وحدة مواطنيه، وتماسك جميع مكوناته في ظل نظام ديمقراطي تعددي لا مركزي، السيادة فيه لدولة القانون والمؤسسات.
الدولة القومية:
الدولة القومية كمؤسسة قامت في الأساس وفقاً لنظرية العقد الاجتماعي، أرض وشعب ثم قانون يحكم العلاقة بين أفراد الشعب، في هذه الأرض الدولة الحديثة وسيط محايد بين هذه المجموعات المتنافسة وبين أفراد المجتمع، وهي أي الدولة الحكم القادر على حماية كل المواطنين من أن تنتهك حرماتهم أو حقوقهم. الدولة القومية تمثل المصلحة العامة ولا تدع المصالح الفردية والفئوية تهيمن على مسار العملية السياسية من خلال توزيعها لمراكز صنع القرار على مصالح متعددة، تشمل كل واحد منها فاعلين ومصالح مختلفة بهدف حماية التعددية السياسية بما يعزز اتساع مساحة الحرية والحقوق. هنا يبرز سؤال على درجة عالية من الأهمية وهو ماذا لو اكتشف المواطنون أن القائمين على شؤون الدولة غير قادرين على الوفاء بوعودهم تجاه الوطن، وغير مؤهلين للنهوض بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم علماً بأن السياسة تدبير راشد للشأن العام والغاية منها خدمة المجتمع. والبرنامج السياسي ينبغي أن يكون برنامجاً يعكس تطلعات الناس واحتياجات المجتمع، والسياسة الناجحة هي تلك القادرة على استثمار كافة الجهود بهدف الوصول إلى القرار الصائب، والساعية لإشراك كافة الجهود ذات العلاقة في اتخاذ القرار لتقاسم المسؤولية معها وحثها على التنفيذ. والقرار السياسي هو عملية تدوير عجلة المال والخبرة، والنخب السياسية العاقلة أو المتعقلة وفقاً لمقولة الأستاذ محمد أبو القاسم حاج حمد هي القادرة على تعويض النقص في الموارد من خلال الاستدانة المتوازنة، وشراء الخبرات وإدارة العمليات الإنتاجية والخدمية، وفي العالم هنالك دول لا تتوفر لها موارد طبيعية تدر عليها الأموال، ولكنها تمتلك نخباً متعقلة مكنتها من رفع مستوى شعوبها، وهناك دول أخرى أدى عجز نخبها السياسية عن إدارة الدولة بعقلانية إلى المزيد من الأزمات التي أعاقت عمل وتطور مؤسسات الدولة، أدت إلى إضعافها وفقدانها لروح المبادرة والإنجاز. إن التراجع المستمر في أداء مؤسسات الدولة وتفكك الروابط المؤسسية وغلبت الصراعات بينها، أدى إلى فقدان هذه المؤسسات لدورها في حماية وتحصين كيان الدولة وهو أمر خطير حين يشعر المواطنون بالفراغ المؤسسي الذي قد يتطور إلى سلوك عدواني يدفع ثمنه الوطن والمواطن. ومن هنا جاء الحديث عما يصيب الدولة من علل وإن اختلفت التسمية، حيث يكون الاختلاف في الدرجة فقط، والنتيجة في النهاية واحدة وهي انهيار الدولة، وربما امتدت الانهيارات للمجتمع ما لم تنتبه العناصر الحية الفاعلة في المجتمع لخطورة الموقف والعمل على إنجاز حلول مناسبة لضمان الحفاظ على كيان الدولة وغلبت مؤسساتها، والخلل قد يبدو بالدولة الحائرة وهي الدولة التي لا تعرف ما تريد؟
والدولة التائهة تحكم بلا رؤية ومن مضاعفاتها الدولة الرخوة، والدولة العاجزة والدولة الفاشلة والدولة العميقة والدولة المنهارة. والأخيرة تتميز بغياب تام للسلطة حيث تصبح الدولة مجرد تعبير جغرافي تغيب عنه المؤسسات.
دكتور إبراهيم الأمين