الأحداث – أمير عبدالماجد
مابين تقديم السفير الأوكراني المقيم بالقاهرة ميكولا ناهوري لأوراق اعتماده سفيراً لبلاده في السودان وزيارة نائب وزير خارجية روسيا للسودان ميخائيل بوغدانوف مياه كثيرة تجري تحت ظلال البنادق في حرب السودان فالأوكراني والروسي يخوضان الآن حرباً مستعرة على الأرض في وقت يرى فيه كثيرون أن هذه الحرب هي في الواقع ساحة لمعركة أكبر بين روسيا وأمريكا والغرب وأن كلا الطرفين (روسيا وامريكا) يجربان في أوكرانيا الآن الأسلحة والقدرات ويوجه كل منهما رسائله للآخر. ويرى البعض أن مايحدث في السودان وفي محيطه الأفريقي والعربي هو نقل أو لنقل بعضاً من الصراع الروسي مع الغرب وأمريكا وهو صراع مشتعل الآن في النيجر وأفريقيا الوسطى وليبيا وسوريا وغيرها، وهؤلاء يرون أن التدافع بات واضحاً في السودان وظهر جلياً مع اشتداد الصراع بين الجيش والدعم السريع.
تعزيز نفوذ
يقول الباحث في العلاقات الروسية السودانية عصام صلاح الدين إن روسيا مهتمة بتعزيز نفوذها في أفريقيا بعد أن تغلغلت في المستعمرات الفرنسية السابقة)، وأضاف (موقع السودان الجيوسياسي المنفتح على كل الساحل الأفريقي والقرن الأفريقي والبحر الأحمر يجعله موضع اهتمام وتنافس بين الدول الكبرى)، أما حالياً فيرى عصام أن المصالح والتغيرات على مستوى العالم والإقليم وراء التقارب السوداني الروسي حيث تسعى القيادة السودانية الآن لتعاون عسكري يعزز موقفها على الأرض ضد قوات الدعم السريع لأن معظم العتاد الحربي للجيش السوداني روسي خصوصاً الطيران الحربي الذي يلعب الآن دوراً هاماً وفعالاً في الحرب. الطيران الحربي السوداني معظمه روسي بالإضافة إلى نقطة هامة وهي أن التقارب السوداني الروسي يوجه رسائل مباشرة إلى الجوار الإقليمي العربي بأن السودان قادر على جلب المتاعب لهم بفتح شواطئه على البحر الأحمر لإقامة موانئ ومقرات عسكرية روسية وهو أمر مقلق بالنسبة لهم وللأمريكيين والغربيين لأن وجود روسيا على البحر الأحمر سيتسبب لهم في مشاكل عديدة يدركون آثارها ويخشونها.
دعم عسكري
وكانت مصادر عسكرية قد أشارت إلى أن المباحثات السودانية الروسية التي جرت بمدينة بورتسودان تناولت ملف الدعم العسكري بصورة مباشرة، وأكدت أن الوفد الروسي عرض على الجانب السوداني تقديم مساعدات عسكرية نوعية و(بلا سقف) مقابل ماذا..؟؟ لاشك أن روسيا تضع عين على الموقع الجيوسياسي خاصة فيما يتعلق بالساحل الأفريقي الذي حققت فيه نجاحات كبيرة وطردت القواعد الفرنسية من مستعمراتها القديمة وتضع العين الأخرى على القاعدة البحرية التي تمت تفاهمات بشأنها بين روسيا والرئيس الأسبق عمر البشير وتوصل الجانبان بعدها مع إلحاح الجانب الروسي لتفاهمات جديدة قضت بإحالة أمر الموافقة على إقامة قاعدة بحرية روسية على البحر الأحمر أو عدم إقامتها إلى أول مجلس تشريعي ينتخب في السودان لحساسية الأمر وارتباطه بملفات محلية وإقليمية ودولية.
البحث عن المصالح
يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة السودان د. أسامة حنفي إن “روسيا بطبيعة الحال تبحث عن مصالحها وهو أمر مشروع لكن مشروعيته هذه عندما تتسبب بأي أضرار للسودانيين فإنها يجب أن تكبح وتوقف فوراً إذ أن إلحاح الروس مثلاً على إقامة قاعدة بحرية عسكرية في البحر الأحمر أمر مفيد جداً لروسيا لكن ماذا سنستفيد نحن عندما نتسبب في قلق كبير لجيراننا وأولهم المملكة العربية السعودية وربما مصر وعدد كبير من الدول الأفريقية “، وأضاف “دعم روسيا للسودان مهم جداً في الحرب الحالية لكن يجب على القيادة ألا تقدم لهم تعهدات لايمكن الإيفاء بها لا الآن ولا مستقبلاً كما فعل عمر البشير عندما تعهد بإقامة القاعدة البحرية وصعب عليه الأمر بعد ذلك”، وتابع “يجب أن نكون منطقيين وعقلانيين في تعاملنا مع هذا الملف صحيح أن الاتجاه الغالب الآن خصوصاً بعد اندلاع الحرب يتجه إلى روسيا وإيران والصين بعيداً عن الغرب وامريكا إلا أن إدارة هذه العلاقات يجب ألا تخضع للضغوطات الآنية ولا لحسابات الربح والخسارة في الحرب الحالية.. صحيح مهم أن نكسب الحرب ونكسر شوكة الدعم السريع ومن يقف خلفه لكن غبار المعركة يجب ألا يوقع بدلاً عنا على فواتير من الصعب الإيفاء بها وسدادها لأن روسيا التي قد تمنحنا الآن بلا سقوفات قد تعود لتأخد منا بلاسقوفات أيضاً”، وقال “لا أرى في الدعم الروسي الحالي مايعزز فرضية أنها قد تمنحنا أسلحة نوعية تحسم المعارك على الأرض لذا يلزم أن نفتح مسارات أخرى للحصول على السلاح والعتاد النوعي لحسم المعركة وألا نعتمد فقط على روسيا للحصول على السلاح فرغم أن تسليح الجيش أغلبه روسي إلا أن وجود السلاح الإيراني مثلاً أحدث تحولات إيجابية على الأرض والسلاح الإيراني ليس فقط المسيرات بل حتى الأسلحة الخفيفة التي وصلت أحدثت توازناً ما في المعارك لأننا كنا نستعمل الكلاشنوف في مقابل الأس سكستين”، وختم “لا أعتقد أن من يقودون الدولة لايعرفون مثلاً طبيعة الصراع المشتعل بين روسيا والغرب وأمريكا في أفريقيا ولا يقدرون الموقع”.