أعادت المجازر التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على مدينة الفاشر في دارفور تسليط الأنظار مجددًا على الدور الذي تلعبه الإمارات في الصراع السوداني، وسط اتهامات متكررة من جهات رقابية ومنظمات حقوقية ومسؤولين سودانيين بأن أبوظبي تمد الميليشيا بالأسلحة والمعدات والتمويل.
منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عام 2023، ظلّت تقارير دولية تتحدث عن وجود دعم إماراتي للقوات بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، رغم النفي الرسمي من جانب الإمارات.
✦ أدلة أممية وتحقيقات دولية
•لجنة خبراء بالأمم المتحدة قالت إنها تمتلك معلومات “موثوقة” عن إرسال الإمارات معدات عسكرية للدعم السريع عبر تشاد.
•بلغاريا أبلغت الأمم المتحدة أن قذائف كانت ضمن شحنات وصلت للإمارات ظهرت لاحقًا بحوزة قوات الدعم السريع دون موافقة لإعادة التصدير.
•تحقيق لمنظمة العفو الدولية كشف أن أسلحة صينية متطورة وصلت على الأرجح إلى قوات الدعم السريع عبر الإمارات.
•الولايات المتحدة فرضت عقوبات على شركات مقرها الإمارات بتهمة دعم الميليشيا ماليًا ولوجستيًا.
ورغم ذلك، تنكر أبوظبي بشكل قاطع تقديم أي دعم منذ اندلاع الحرب، مؤكدة أنها تُسهِم في الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع.
✦ خطوط إمداد جوي وتحركات مشبوهة
خبراء في تتبع حركة الطيران قالوا إن طائرات شحن مرتبطة بالإمارات واصلت التحليق نحو مواقع مرتبطة بقوات الدعم السريع، مرورًا بمنشأة تسيطر عليها الإمارات في بوصاصو بالصومال، ثم إلى ليبيا وتشاد، كمحطات وسيطة قبل دخول السودان.
هذه التحركات تُعد امتدادًا لجسر جوي كانت وثقته الأمم المتحدة سابقًا كمسار لنقل أسلحة.
كما اتهمت الحكومة السودانية الإمارات بالمشاركة في تجنيد مرتزقة أجانب من كولومبيا وإرسالهم لمساندة قوات الدعم السريع — وهي تهمة تنفيها أبوظبي.
✦ موقف أمريكي يتغير تدريجيًا
على الرغم من التحالف القوي بين الإمارات والولايات المتحدة، بدأ سياسيون أمريكيون يرفعون الصوت ضد الدعم الإماراتي المفترض للميليشيا:
•السيناتور الجمهوري جيم ريش دعا لتصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية.
•مشرعون ديمقراطيون وجمهوريون قدموا مشروع قانون يطالب بوقف مبيعات الأسلحة للإمارات حتى تتوقف عن دعم المليشيات.
شخصيات من الإدارة الأميركية السابقة قالت إن الإمارات “لم تكن صادقة” في نفيها، وإن أجهزة الاستخبارات الأميركية لديها مؤشرات قوية على تورطها.
✦ جذور العلاقة: اليمن والذهب والسودان ما قبل الحرب
تحالف الإمارات مع قوات حميدتي يعود إلى الحرب في اليمن حين شارك مقاتلو الدعم السريع تحت قيادة التحالف العربي.
كما كانت أبوظبي تعمل قبل الحرب على مشاريع استراتيجية في السودان تشمل:
•إنشاء ميناء جديد على البحر الأحمر
•الاستثمار في أراضٍ زراعية واسعة
•السيطرة على جزء من تجارة الذهب السوداني، إذ تشير تقارير إلى تهريب كميات كبيرة منه إلى دبي عبر شبكات مرتبطة بعائلة حميدتي
يرى محللون أن الإمارات دعمت حميدتي باعتباره “الرجل القوي” القادر على منع عودة الإسلاميين إلى السلطة في الخرطوم، وهو منطق تكرر في تدخلات أبوظبي في دول أخرى.
✦ تعقّد سياسي وإقليمي
فشل المفاوضات التي جرت في واشنطن بين “الرباعية” (أمريكا، الإمارات، مصر، السعودية) جاء جزئيًا بسبب خلافات حول مصير الفاشر، حيث اعتبرت الخرطوم أن أبوظبي مارست ضغوطًا لتسوية تمنح الدعم السريع موقعًا متقدمًا في الإقليم.
الحكومة السودانية قالت إن الدولة الخليجية طالبتها بالتراجع عن اتهاماتها قبل الحديث عن إعادة العلاقات أو الاستثمارات — وهو ما رفضته الخرطوم.
