الجنجودية الناعمة

عثمان جلال يكتب

(1)
المرتزق على الشيوع حميدتي صنعته حالة الفراغ الناتجة عن خروج القوة الصلبة للإسلاميين من المؤسسات الناظمة للحكم خلال الفترة من 1999 الى 2013 وذلك نتيجة الانشقاقات التي عصفت بالتجربة والتنظيم الاسلامي الوطني. وحتى سقوط الرئيس البشير في أبريل 2019م كان حميدتي مجرد كلب حراسة لا يمسك من السياسة وأسبابها إلا كما يمسك الماء الغرابيل
وقد محضنا النصح لعقلاء قيادات قحت بضرورة حل قوات الدعم السريع قبل مغادرة الثوار ميدان الاعتصام ولكن شهوة السلطة الجامحة طغت على شعارات وقيم الثورة وتحول حميدتي إلى أحد أيقونة ثورة ديسمبر 2018، بل أصبح نقطة الجذب المركزية حيث نزع تحالف قحت للاستقواء به في مواجهة التيار الاسلامي (حميدتي الضكران الخوف الكيزان) . كما تمسك به الفريق البرهان لصيانة سلطته ضد أي تحرك من داخل المؤسسة العسكرية وكانت المحصلة النهائية لهذه التمحورات حول حميدتي إضعاف المؤسسة العسكرية الأم وتضعضع القوى السياسية المدنية. وبالمقابل تضخمت إمبراطورية الدعم السريع السياسية والاقتصادية والعسكرية . وأصبح حميدتي الرجل الثاني في الدولة، وشيد شبكة من العلاقات الإقليمية والدولية . ثم ارتفع سقف أحلام الفتى الطائر للانقضاض على السلطة وتتويج نفسه ملكا على السودان.
(2)
ما كان ينبغي لحميدتي أن يمتلك الجسارة والإقدام على تنفيذ انقلابه الدموي ضد الجيش السوداني في يوم 15 أبريل 2023 دون تأييد وغطاء من قوى سياسية مدنية وذلك لتسويق انقلابه داخليا وخارجيا ،وقد وجد ضالته في قيادات قحت الذين شاركوا معه في التخطيط السياسي والاعلامي والتمويه وتعمية قيادات الجيش بل كانوا على أهبة الاستعداد لحفز جماهيرهم على الخروج لتأييد الانقلاب وتشكيل الوزارة الجديدة من القصر الجمهوري في منتصف نهار يوم الانقلاب.
(3)
لكن بعد أن ارتد السحر على الساحر وتحطمت مؤامرة الانقلاب نتيجة الصمود الأسطوري لأبطال الجيش والقوات المساندة وإلتفاف الشعب السوداني مع قواته المسلحة ، عندها صدرت التعليمات من الكفيل الاماراتي لقيادات قحت/ صمود بالتحول الى الخطة(ب) وهي ممارسة أدوار الجنجودية الناعمة وذلك من شاكلة ترديدهم لرواية الطرف الثالث الذي أشعل الحرب بين الجيش والدعم السريع والهدف من ذلك تثبيط همم عزائم الشعب السوداني من الالتحام والقتال مع الجيش في معركة الشرف الوطني وذلك بتصوير الحرب بأنها محض صراع حول السلطة والحكم وليست حرب وجودية تستهدف استلاب الدولة السودانية ونهب مواردها. واذلال كرامة المجتمعات السودانية وتفكيك محرماتها الثقافية والأخلاقية والقيمية المتوارثة. كذلك تسعى قيادات قحت/ صمود عبر هذه الرواية الكذوبة خلق فتنة وتصدعات داخل الجيش السوداني . وممارسة الإرهاب الفكري والسياسي على قيادة الجيش لدفعها إلى إقصاء قاعدة التيار الاسلامي الوطني التي تقاتل مع الجيش والشعب في خندق معركة الكرامة . وجر البرهان الى الصدام معهم على المدى البعيد. ولكن هيهات
(4)
إن الغاية النهائية من وراء هذه الأدوار الجنجودية الناعمة هو الإضعاف والإنهاك الاستراتيجي للجيش السوداني وخلق حالة من توازن القوة في الميدان العسكري يدفع قيادة الجيش والدولة للتفاوض وابرام تسوية سياسية تعيد إنتاج مليشيا آل دقلو الارهابية وجناحها السياسي المدني المتمثل في صمود وتأسيس الى صدارة الحكم والمشهد السياسي ، ولكن أنا لهم التناوش من مكان بعيد فحرب الكرامة هي معركة وعي واستنارة والوعي الراسخ وسط كل المجتمع السوداني هو تجاوز الولاءات الفكرية والايديولوجية والسياسية والجهوية والتلاحم مع الجيش السوداني ومنازلة الجنجويد حتى الهزيمة الساحقة او التفاوض على الاستسلام .

الجمعة: 2025/12/19

Exit mobile version