التدخل الإثيوبي في الحرب السودانية – البنية، المسارات، والمآلات

1. مقدمة
تمثل المعلومات التي كشفتها مصادر حكومية سودانية بشأن تدريب وتسليح قوات الدعم السريع داخل الأراضي الإثيوبية أخطر تطور إقليمي منذ اندلاع الحرب. فالخطوة لا تقف عند حدود الدعم اللوجستي أو المرور العابر، بل تتضمن بناء بنية كاملة لتوليد قوات مقاتلة على الأرض الإثيوبية، بما يشمل معسكرات تدريب، ممرات نقل، وإشراف عسكري مباشر.
2. البنية العسكرية للتدخل
•معسكرات تدريب: تم إنشاء معسكرين في منقي والأحمر يستوعبان 10,000 مقاتل.
•قادة الإشراف: يقود العملية الجنرال غيتاتشو غودينا، مع ضباط من دول داعمة للدعم السريع—لم تسمّ المصادر هوياتها.
•القوات المشاركة:
•عناصر فرّت من جبهات دارفور،
•مرتزقة من جنوب السودان،
•مقاتلون من أميركا اللاتينية (خصوصًا كولومبيا)،
•عناصر من الجيش الشعبي التابع لعبد العزيز الحلو.
3. خطوط الإمداد
•مداخل بحرية: ميناء بربرة (الصومال) وميناء مومباسا (كينيا).
•ممرات برية: أصوصا → بني شنقول → أبورامو → شرقولي → أهوفندو → قشن → يابوس (داخل السودان).
•معدات نوعية: مركبات قتالية، مدفعية، أجهزة تشويش، وطائرات مسيرة استخدمت ضد الدمازين والكرمك.
4. أهداف التدخل الإثيوبي
•خلق موازين ضغط على الخرطوم في ملفات الحدود وسد النهضة.
•تعزيز نفوذ أديس أبابا في شرق السودان المتاخم لمناطق حساسة.
•دعم محور إقليمي معادٍ لبورتسودان يتضمن أطرافًا تموّل وتسّلح الدعم السريع.
5. المخاطر الإقليمية
•احتمال فتح جبهة جديدة في النيل الأزرق وحدود أعالي النيل.
•تهديد مباشر لخطوط النفط والطاقة والاتصالات الإقليمية.
•احتمال انهيار الاستقرار الداخلي في إثيوبيا نفسها إذا تورطت عسكريًا في حرب مفتوحة.
6. مؤشرات التصعيد
•استخدام طائرات مسيرة انطلاقًا من داخل الأراضي السودانية والإثيوبية.
•وجود ضباط أجانب في المعسكرات.
•انتقال الحرب من دارفور وكردفان إلى الهياكل الحدودية الشرقية.
7. سيناريوهات المستقبل
1.تصعيد حدودي: مناوشات قد تتطور لاشتباكات بين جيشي البلدين.
2.احتواء مشروط: تدخل إقليمي (إيغاد/الاتحاد الأفريقي) لإجبار إثيوبيا على وقف البرنامج.
3.تدويل الصراع: تدخل مباشر من قوى كبرى لحماية حدود النيل الأزرق أو مصالحها في البحر الأحمر.
4. انهيار داخلي في إثيوبيا: إذا دخلت حربًا مكلفة دون قدرة مالية أو توافق سياسي داخلي.
ثالثًا: تحليل سياسي موسّع
1. لماذا تفعل إثيوبيا هذا الآن؟
إثيوبيا تعيش ثلاث أزمات مترابطة:
•أزمة اقتصادية خانقة بعد حرب تيغراي.
•توترات داخلية في أقاليم بني شنقول وأوروميا وأمهرا.
•صراع جيوسياسي مع السودان حول الحدود وسد النهضة.
في هذا السياق، دعم الدعم السريع يُمكّن أديس أبابا من:
•امتلاك ورقة ضغط على الخرطوم.
•خلق عمق أمني داخل الأراضي السودانية.
•إدخال لاعبين إقليميين (الإمارات/كيانات أخرى) في حسابات توازن القوى.
2. كيف تستفيد قوات الدعم السريع؟
بهذا الدعم، يتحول الدعم السريع إلى قوة إقليمية عابرة للحدود، تعتمد على:
•معسكرات خارجية،
•أسلحة ومسيّرات،
•مرتزقة،
•وخطوط إمداد بحرية لم تستطع الخرطوم قطعها.
هذا يرفع قدراته بعد خسائر بشرية كبيرة في الغرب خلال 2024–2025.
3. ماذا يعني هذا للسودان؟
يعني أنه لأول مرة منذ حرب التسعينيات:
•توجد جبهة ثانية قد تُفتح في الشرق.
•توجد مليشيا تتلقى تدريبًا وتسليحًا خارج البلاد.
•توجد شبكة إقليمية تمتد من ليبيا إلى إثيوبيا مرورًا بأفريقيا الوسطى وتشاد.
4. موقف المجتمع الدولي
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منشغلان بـ:
•حماية مصالح شرق أفريقيا،
•أمن البحر الأحمر،
•منع تمدد روسيا والصين.
وبالتالي، استمرار تدخل إثيوبيا قد يدفع واشنطن إلى:
•الضغط على أديس أبابا،
•أو استخدام ملف الدعم السريع كورقة تفاوض في قضايا أخرى.
5. الخلاصة السياسية
التدخل الإثيوبي ليس حادثًا معزولًا.
إنه جزء من خريطة صراع إقليمية تتداخل فيها:
•مشاريع نفوذ،
•مصالح اقتصادية،
•خطوط إمداد ممولة خارجيًا،
•وتوازنات جيوسياسية تمتد من القرن الأفريقي إلى الخليج.
إذا لم تُواجه هذه الخطوة بتحرك سوداني–إقليمي شامل، فقد تنتقل الحرب من غرب السودان إلى غره وشرقه، بما يهدد الدولة السودانية بالانهيار الشامل.



