تقارير

“البركة لا تموت”.. من هي السيدة سنهوري؟

 

الأحداث – وكالات 

رحلت عن الدنيا الحاجة السيدة سنهوري، إحدى الشخصيات الخيرية البارزة في السودان، وصاحبة اسم المسجد الشهير في الخرطوم الذي يتوافد عليه الآلاف في شهر رمضان المبارك، لتترك خلفها إرثًا روحيًا ودينيًا ما زال يصدح بأثره في أرجاء العاصمة السودانية.

مسجد السيدة سنهوري، الذي يقع في شارع الستين بشرق الخرطوم، يعتبر من أبرز المعالم الإسلامية في السودان. يتميز المسجد بمئذنتين شاهقتين، ويحتوي على مبنى ضخم تبلغ مساحته حوالي 600 متر مربع، موزعة على طابقين خصص أحدهما للنساء بمساحة 280 مترًا، إضافة إلى سطح مجهز لتخفيف الاكتظاظ خلال شهر رمضان.

يقترن اسم المسجد دومًا باسم إمامه الشيخ الزين محمد أحمد، الذي يُعد من أكثر القرّاء شهرة في السودان. بصوته الشجي وتلاوته المؤثرة، جذب الشيخ الزين آلاف المصلين، خاصة خلال صلاتي التراويح والتهجد في رمضان، حيث يصل عدد المصلين يوميًا إلى ما يقارب 10 آلاف شخص.

الحاجة السيدة سنهوري، زوجة رجل الأعمال المعروف مأمون البرير، كانت تتمنى أن يُبنى مسجد يحمل اسمها ليكون مصدرًا للأجر والثواب، وقد لبى أبناؤها رغبتها عام 2001 حين أسسوا مسجدًا فخمًا تكفلوا بإدارته بالكامل من حيث المصروفات التشغيلية، أجور العاملين، أعمال الصيانة، وغيرها من المتطلبات، وذلك عبر منظمة خيرية باسم والدهم.

يُعد مسجد السيدة سنهوري تحفة معمارية، إذ يضم قبة مركزية مزخرفة بنقوش إسلامية فريدة، وإطار دائري منقوش بآية الكرسي. كما تنتشر أسماء الله الحسنى وآيات قرآنية على جدران المسجد، بالإضافة إلى منبر مزين بفسيفساء عثمانية دقيقة.

إضافة إلى إقامة الصلوات، يتحول المسجد خلال رمضان إلى مركز اجتماعي ضخم. تقدم إدارته يوميًا نحو 5 آلاف وجبة إفطار، وتوفر المياه للمصلين، وتنظم الاعتكاف في العشر الأواخر، كما تُبث منه صلوات التهجد مباشرة عبر القنوات الفضائية، مما يضاعف من حضوره الروحي والإعلامي.

أحد أبرز مسؤولي المسجد، الصادق حمدان أحمد، أكد أن طاقمًا كبيرًا يعمل يوميًا خلال رمضان لتنظيم الحشود وتوفير الخدمات. وأوضح أنهم لا يكتفون بتنظيم الداخلين للمسجد، بل يشرفون أيضًا على تجهيز الموقع للبث المباشر، وتهيئة كافة المرافق من حمامات ومتوضآت وغيرها.

يحظى الشيخ الزين بقبول جماهيري واسع في السودان، حيث يُعد صوته مألوفًا في كل مكان، من الإذاعات إلى المنازل، وحتى الهواتف. ويُؤكد الشيخ أن علاقته بالمسجد بدأت منذ تأسيسه، نافياً تقاضي أي أجر مقابل إمامته، واصفًا ما يحدث في المسجد بأنه “توفيق من الله”.

يقع المسجد في نقطة محورية عند تقاطع عدة شوارع رئيسية شرق الخرطوم، ويتميز بجمال الحديقة الخارجية، المجهزة بالمراوح والفرش، بالإضافة إلى الأعمدة الرخامية العملاقة، وأجهزة التكييف المنتشرة، مما يجعله بيئة مثالية للراحة والسكينة الروحية.

وفاة السيدة سنهوري فتحت الباب واسعًا لتأمل إرثها العظيم الذي تجاوز حدود المال إلى ما هو أبقى؛ مسجد عامر بالمصلين، وبصمة لا تُنسى في الحياة الدينية والاجتماعية للعاصمة السودانية. لقد جعلت من اسمها دعوة دائمة في صلوات المصلين، وصدقة جارية تفيض بركاتها حتى بعد الرحيل.

نقلا عن موقع “نبض السودان”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى