الإمارات والدعم السريع …فتح (صندوق باندورا) الشر (5)
الأحداث – وكالات
(صندوق باندورا) في الميثولوجيا الإغريقية، هو صندوق حُمل بواسطة باندورا يتضمن كل شرور البشرية من جشع، وغرور، وافتراء، وكذب وحسد، ووهن، ووقاحة ورجاء.
وفي الاساطير الاغريقية بعد سرقة بروميثيوس النار، أمر زيوس ابنه هيفيستوس بخلق المرأة باندورا كجزء من العقوبة البشرية. وأعطيت باندورا الكثير من الهدايا من أفروديت وهيرميز والكارايتات وهوري. وقد حذر بروميثيوس شقيقه إبيمثيوس من أخذ أي هدية من زيوس خوفا من أعمال انتقامية منه، غير أن إبيمثيوس لم يصغ وتزوج باندورا التي كانت تمتلك صندوق أعطاها زيوس إياه، وأمرها ألا تفتحه، غير أن باندورا فتحت الصندوق وخرجت كل شرور البشر منه.
وهكذا….وللمقاربة خرجت كل أنواع الشر للسودانيين من الإمارات في عهد محمد بن زايد والتي تحولت في عهده لصندوق باندورا لكل الشرور تجاه السودان وشعبه والكثير من الدول الأخري ،وأصبح دعم الامارات للمليشيا اللامحدود محل تساءل كبير على مستوى العالم وكان السؤال الجوهري لماذا تفعل الإمارات ذلك وماذا تريد من السودان ولماذا تنفق بهذا السخاء ،ومن خلال هذه السلسلة من الحلقات سنكشف بالادلة القاطعة كل اشكال الدعم الذي تقوم به الامارات لخدمة المليشيا وكل انواع السلاح والمركبات وحتى ضباط الاتصال الذين يتولون ذلك الأمر وسنذكر الشكاوي التي رفعها السودان ضد الامارات والادلة الدولية وتقارير مجلس الامن وتقارير وكالات الانباء العالمية التي تثبت الدعم الاماراتي للمليشيا بالأدلة، وفيما يلي نحاول أن نرصد في هذه الحلقة الاخيرة من السلسلة الاثباتات الدولية التي تم اثباتها حول دعم الامارات للمليشيا عبر تقارير أممية وتقارير وتحقيقات استقصائية نفذتها كبرى الصحف العالمية ،فضلا عن الشكاوي والأدلة التي تقدم بها السودان إلى مجلس الأمن الدولي.
خبراء الأمم المتحدة:
وكشف تقرير أممي في يناير 2024 مكتوب عبر 3 خبراء تابعين للأمم المتحدة عن تورط الامارات في تقديم دعم عسكري للمليشيا عبر رحلات مستمرة تتم عبر مطار ام جرس في تشاد تمت عبر أكثر من 122 رحلة جوية.
فورين بوليسي:
وكشف مقال لمجلة (فورين بوليسي) الامريكية للمستشاران القانونيان في مركز (راؤول والنبرغ ) لحقوق الإنسان (معتصم علي ويونا دايموند) انهما كانا جزء من أول تحقيق دولي عن الابادة الجماعية في السودان شارك فيه عشرات المحققين والباحثين من جميع انحاء العالم وخلص ان الدعم السريع هي المسؤول الأول عن ارتكاب الابادة الجماعية في دارفور ،وتوصل التحقيق لتلقي المليشيا دعما عسكريا وماليا ودبلوماسيا مباشرا من الامارات ،الأمر الذي يدعمه أيضا فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالسودان، الذي وجد أدلة موثوقة على قيام الإمارات بتوفير أسلحة ثقيلة للمليشيا. وأشار المقال إلى أن مجموعة من أعضاء الكونغرس الأميركي أرسلت، في ديسمبر عام 2023، رسالة إلى وزير خارجية الإمارات تحثه على وقف الدعم العسكري الإماراتي لقوات الدعم السريع.
نيويورك تايمز:
في تقرير مفصل لـ”نيويورك تايمز”، كشفت الصحيفة عن الدور الكبير الذي تلعبه الإمارات في دعم المليشيا وتأجيج الصراع الدائر في السودان.
وفقاً للتقرير، استخدمت الإمارات قاعدة “أم جرس” التشادية التي زعمت أنها أنشأتها لتقديم المساعدات الإنسانية والخدمات الطبية للاجئين، ولكن صور الأقمار الصناعية أظهرت أن القاعدة تُستغل عسكرياً لإمداد المليشيا بالأسلحة والذخائر، إضافة إلى تقديم الرعاية الطبية لمقاتلي المليشيا.
التقرير كشف أيضاً عن استخدام القاعدة لإطلاق طائرات مُسيرة إماراتية من طراز (وينج لونج 2) صينية الصنع، والتي لعبت دوراً حاسماً في توفير الدعم الجوي للمليشيا ، وتوجيه قوافل الإمداد بعيداً عن كمائن الجيش السوداني. كما ساعدت المُسيرات في توفير الرصد الجوي والمعلومات الاستخباراتية، مما ساهم في محاصرة الفاشر وتجويع سكانها، وأدت إلى تدمير المستشفيات بالمدفعية، في محاولة لإخلاء المدينة من السكان تمهيداً للسيطرة عليها.
بالإضافة إلى الطائرات بدون طيار، قدمت الإمارات أسلحة أخرى، بما في ذلك “مدافع الهاوتزر” و”قاذفات الصواريخ” وأنظمة الدفاع الجوي المحمولة، مما ساهم في تحييد سلاح الجو السوداني وتقليل تفوقه الجوي، الأمر الذي كان سيحسم الصراع لصالح الجيش لولا التدخل الإماراتي.
خطأ فادح:
ووفقاً للتقرير، لم يعد بإمكان الإمارات إخفاء دعمها لمليشيا الدعم السريع، حيث أكد رئيس وزراء تشاد السابق، سوكس ماسرا، أن “الإمارات ترسل الأموال والأسلحة”. وصرح بأنه حذر الرئيس محمد ديبي من السماح بمرور الأسلحة عبر تشاد، واصفاً ذلك بأنه “خطأ فادح”، لكن الإمارات قدمت قرضاً بقيمة 1.5 مليار دولار لديبي، ما يقارب الميزانية الوطنية لتشاد.
وأشار التقرير إلى أن الدعم الإماراتي يأتي تحت غطاء المساعدات الإنسانية، وهو ما وصفه المتحدث باسم الصليب الأحمر الدولي، توماسو ديلا لونجا، بأنه “جريمة حرب”، منتقداً إساءة استخدام شعار الهلال الأحمر المحمي قانونياً بموجب اتفاقيات جنيف، كغطاء لنقل الإمدادات العسكرية للمليشيا.
رويترز:
وواصلت وكالة (رويترز ) في تقرير مشابه لتقرير (نيويورك تايمر) ورصدت هبوط 170 رحلة إجمالا باستخدام صور الأقمار الاصطناعية المستقاة من شركات (بلانيت وماكسار وبلاك سكاي) لطائرات مركزها الإمارات واتجهت إلى أم جرس منذ بداية الحرب.
ويُظهر مقطع مصور، اُلتقط هذا العام في أم جرس ولم ينشر من قبل وراجعته (رويترز)، منصتي نقل خشبتين على المدرج محملتين بصناديق ذات لون كاكي وبعضها يحمل علم الإمارات .
وقال ثلاثة خبراء في الأسلحة، عمل اثنان منهم كمحققين للأمم المتحدة، إن الصناديق فيما يبدو ليس بها على الأرجح مساعدات إنسانية .
وقال أحد الخبراء الذي عمل مفتشا للأسلحة في الأمم المتحدة وطلب عدم نشر اسمه بسبب إن المحتويات من المرجح بشدة أنها ذخيرة أو أسلحة، استنادا إلى تصميم ولون الصناديق .
حقائق ملموسة:
وقال ، المتحدث باسم الجيش السوداني العميد الركن نبيل عبد الله ، في بيان أرسله لرويترز إن إمداد المليشيا بأسلحة إماراتية “ليست اتهامات وإنما حقائق ملموسة. تدفق الأسلحة والمعدات من قبل الإمارات بهذه الطريقة للمليشيا لم ينقطع منذ اندلاع هذه الحرب، ونحن في القوات المسلحة قدمنا الكثير من الأدلة التي تثبت هذا التورط الإماراتي وتمثلت في أسلحة ومعدات وأدوية اماراتية وعليها شارة هذه الدولة في الكثير من المواقع التي سيطرت عليها قواتنا وكانت تحت أيدي المتمردين .
وقال جاستن لينش، المحلل البارز في مرصد الصراع في السودان ان الإمارات استخدمت شبكة الطائرات هذه لتسهيل وصول الأسلحة باستمرار إلى قوات الدعم السريع
وأضاف “الأسلحة المقدمة من الإمارات غيرت ميزان القوى ، وأطالت أمد الحرب وزادت من أعداد الضحايا المدنيين .
الأمن التشادي:
وقال أحد أفراد قوات الأمن التشادية الذي أرسل إلى أم جرس هذا العام أنه شهد وصول طائرات تحمل صناديق تشبه تلك التي تستخدمها وحداته لنقل الأسلحة. وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه مخافة الانتقام، إن وحدته شاركت في حراسة الصناديق إلى الحدود مع السودان حيث تسلمها مقاتلو الدعم السريع .
وقال مصدر مطلع على اجتماعات بين مندوبين من الإمارات ومسؤولين أمريكيين بارزين في واشنطن هذا الخريف إن مندوبي الإمارات تراجعوا عن إنكار تقديم دعم للمليشيا بعد أن أطلعوا في الاجتماعات على معلومات استخباراتية جمعتها واشنطن.
وقال تسعة مسؤولين من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأفريقي لرويترز إنهم يراقبون عن كثب الدعم العسكري الذي يتدفق إلى قوات الدعم السريع من الإمارات عبر تشاد، على الرغم من أنهم لم يوجهوا أي اتهامات علنية.
شكاوي السودان لمجلس الامن:
وفي مارس 2024 تقدّم السودان بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد الإمارات بسبب دعم الأخيرة للمليشيا معززة بالادلة،عن طريق مندوب السودان الحارث إدريس الحارث ،ودعا السودان الامارات بتقديم تعويض عن الأضرار والخسائر “التي تسبب فيها هجوم المليشيا المدعومة من قبلها، وفقاً لمبادئ القانون الدولي المتصلة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً.
ودفعت الحكومة برسالة ثانية لمجلس الامن دافعة بادلة جديدة تثبت تورط الامارات في دعم المليشيا.
تقرير سري:
وفي نوفمبر الماضي تلقى أعضاء مجلس الأمن تقريراً سرياً من فريق الخبراء المعني بدارفور، أشار إلى تعاون أبوظبي مع المليشيا ، وكشف التقرير عن ملاحظة سلسلة من رحلات الشحن منذ أغسطس، عن طريق جوى قليل الاستخدام بين موقع وسيط وانجمينا.
وفي مخاطبة جديدة لمجلس الأمن خلال النصف الأول من ديسمبر الجاري كشف نائب مندوب السودان لدى الأمم المتحدة عمار محمد محمود عن ادوار اماراتية جديدة لدعم المليشيا.
خبراء إماراتيون:
وقال عمار ان الدعم الاماراتي يشمل مواد عسكرية واسلحة يتم تصنيعها في بعض الدول الاعضاء في مجلس الامن دائمة العضوية ،وذكر ان الامارات صعّدت خلال الاسابيع الماضية من عدوانها على السودان باستخدام طائرات من دون طيار تنطلق من مطار ام جرس في تشاد لاستهداف اهداف داخل الفاشر ومدن اخرى بما في ذلك شندي وعطبرة ومروي
كما انهم يزودون المليشيا بطائرات مقاتلة مُصنعة في صربيا وتستخدم الان ضد النازحين في مخيم زمزم ، هذه الطائرات تم استخدامها ايضا في الضربات العشوائية على امدرمان والتي اودت بحياة 65 مدنيا وسقوط عدد من المدنيين الابرياء.
وأكد عمار ان المعلومات تشير الى ان خبراء اماراتيين يقومون بتدريب عناصر المليشيا داخل الامارات على استخدام هذه الطائرات المُسَيَّرَة بالاضافة لتدريبهم في مناطق داخل السودان تقع تحت سيطرة المليشيا.
ودعا السودان مجلس الامن لاتخاذ اجراءات قوية وفعالة لضمان وضع حد للعدوان الذي تمارسه الامارات والعواقب الكارثية التي ينبغي معالجتها السودان.
ما تم ايراده من وثائق وادلة وبيانات هي جزء بسيط جدا ويسير من شواهد الدعم الاماراتي للمليشيا المتمردة والتي تسببت في تدمير البنية التحتية وانتهاك حقوق الانسان سرقة ونهبا واغتصابا وقتلا ،واستهدفت المواطنيين الآمنيين في مناطق ولايات السودان المختلفة التي لاتوجد بها قوات مسلحة وتسببت في تشريد ونزوح ولجوء الملايين من السودانيين ،ولاتزال الإمارات تواصل دعمها اللامحدود للمليشيا.
نقلا عن موقع “أصداء سودانية”