رأي

الإسلاميون والسلطة .. تونس نموذجاً (1-3)

د. إبراهيم الأمين

القوى السياسية بمختلف مسمياتها وتوجهاتها، في أي بلد، تسعى للسلطة بوسائل مشروعة وغير مشروعة، خاصة في المنطقة العربية والإسلامية لوجود أنظمة حكم هي الأكثر تخلفاً في مجالي الحريات وحقوق الإنسان. وللمنطقة منذ قديم الزمان أهمية كبيرة لموقعها الإستراتيجي. فهي نقطة إرتكاز للأديان السماوية. وتوجد بها الممرات المائية الرابطة بين الشرق والغرب، والبترول، وتشهد الصراع العربي الإسرائيلي. لكل هذه العوامل فهي ساحة مفتوحة للصراعات الإقليمية والدولية، والأفكار التى يتم فرض بعضها بالقوة وبآليات السلطة.
مع التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة، بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي وتآكل المشروع الماركسي، وتراجع المشروع القومي بعد حرب الأيام الستة سنة 1967م، والغزو الأمريكي للعراق، والأحداث الدامية في سوريا، وثورات الربيع العربي، شهدت المنطقة صعود مشروع الإسلام السياسي بصورة غير مسبوقة.
واليوم تواجه القوى والحركات الإسلامية مأزقاً فكرياً وسياسياً، في ظل فشل قوى الإسلام السياسي في تقديم النموذج الناجح على صعيد الحكم والإدارة في مصر والسودان وافغانستان. وفشل على مستوى المجتمع في مصر والسودان وسوريا واليمن وليبيا والعراق، بإستثناء تونس. وزاد من تعقيد الأزمة صعود قوى التطرف والتشدد مثل داعش، وجبهة النصرة، والقاعدة، وبوكو حرام، والحوثيون، وحركة الشباب في الصومال.
تاريخياً، حدد الإمام حسن البنا مراحل ثلاث لتحقيق أهداف الجماعة. وقد تم إنجاز المرحلتين الأولى والثانية بنجاح، وهما مرحلة الدعاية والتبشير بالفكرة ومرحلة التكوين واختيار الأنصار والأعضاء. أما المرحلة الثالثة، وهي مرحلة التنفيذ والعمل والإنتاج، فلم تتمكن الجماعة بروافدها المختلفة من تحقيق أي إنجاز يذكر. وذلك لصعوبة الإنتقال من الآيديولوجية الفضفاضة إلى برنامج عملي وتنفيذي يضمن النجاح في الحكم. الآيديولوجية كانت حاضرة في المرحلتين الأوليتين. أما مرحلة العمل والتنفيذ والإنتاج، فهي تتطلب منهجاً للتعامل مع القضايا العامة والقوى الأخرى بأسلوب أكثر واقعية، وأكثر إلتزاماً بالقضايا الوطنية. بمعنى أن تكون للمواطنة الأولوية المطلقة. وأن يكون الإلتزام بها هو الأساس عند مخاطبة القضايا العامة، والإنتقال من عالم الأفكار والتحيزات الآيديولوجية والتنظيمية، إلى عالم السياسات والبرامج الواقعية وما تحمله من مواءمات وتوازنات سياسية واجتماعية واقتصادية. هنا لن تصبح معايير الولاء والإنتماء الفكري والتنظيمي أو الآيديولوجي للجماعة، هي المحك في رسم سياساتها وتنفيذ برامجها، الحركات الإسلامية التي وصلت إلى السلطة لم تستطع إنزال شعار الإسلام هو الحل والمشروع الحضاري.. إلخ إلى أرض الواقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى