الأمين العام السابق لاتحاد الغرف الصناعية السوداني ل(الأحداث): خسائر القطاع الصناعي تتراوح من 15 إلى 20 مليار دولار
الأمين العام السابق لاتحاد الغرف الصناعية السوداني ل(الأحداث)
خسائر القطاع الصناعي تتراوح من 15 إلى 20 مليار دولار
تقدمنا بطلب ضرورة تدخل بنك السودان في جدولة مديونية القطاع
لم يبدأ بعد الحصر الدقيق للأضرار التي أصابت القطاع الصناعي
حوار – رحاب عبدالله
كشف الأمين العام السابق لاتحاد الغرف الصناعية السوداني أشرف صلاح نور الدين عن ترتيبات لمعالجة مديونيات القطاع لدى البنوك وجدولتها، وأعلن عن تقديم اتحاد الغرف الصناعية مطلب ورؤية للدولة بضرورة تدخل بنك السودان كممثل للدولة في جدولة مديونية القطاع ومنسوبيه لفترة تمتد من 3-5 سنوات، والسعي لتوفير تمويل جديد لإعادة الإعمار من خلال محفظة جديدة برأس مال لايقل عن ملياري دولار، بالرغم من علمهم أن المصارف نفسها وكنتيجة للحرب تعاني من ضعف القدرات بسبب تعرضها للنهب والسرقة ولعملائها، وشدد على أن تدخل بنك السودان والدولة مطلوب في هذا الجانب حتى لا تنهار هذه المصارف تحت وطأة مديونية القطاع الصناعي، ومديونية القطاعات الأخرى، وقال أشرف صلاح نو الدين، إن دمار المصانع بسبب حرب المليشيا في الخرطوم والجزيرة أثر على توفر السلع والخدمات بصورة واضحة.
وأكد في حوار مع (الأحداث) أنه تسبب في غياب شبه كامل بنسبة تتجاوز ال95% للمنتجات المحلية من الأسواق.. المزيد من التفاصيل في إفاداته التالية:
هل بدأ حصر خسائر القطاع الصناعي؟
لم يبدأ بعد حصر دقيق للأضرار التي أصابت القطاع الصناعي لسبب أساسي هو استمرار الحرب حتى الآن وتعذر الوصول إلى المناطق الصناعية الكبرى في ولاية الخرطوم والتي كما هو معلوم أن ولايتي الخرطوم والجزيرة تحوي أكثر من 90% من هذه الوحدات الصناعية وهي إلى الآن مناطق حرب واشتباكات ومعارك وليس من جهتنا فحسب، حتى الدولة أو وزارة الصناعة لم تستطع إجراء حصر لهذه الخسائر وبذات السبب، ولكننا نستطيع أن نقول وفق تقديرات أولية أن نسبة التدمير الكامل لوحدات القطاع الصناعي فاقت ال50% وتتفاوت ما بين تدمير جزئي وتدمير كلي، أما التخريب والنهب هذه أعتقد أنه بنسبة تكاد تكون 100%، هذا إضافة إلى التوقف عن الإنتاج لفترة أكثر من عام وما يترتب عليه من خسائر غير مباشرة ولك أن تتخيل أن معظم أصحاب المصانع عاجزين عن معرفة ما حلّ بمصانعهم حتى هذه اللحظة، حجم الضرر غير معروف لديهم فقدوا الاتصال تماماً بمصانعهم مما يجعل من العسير جداً حصر وتحديد الخسائر، ولكن الثابت أنها تعرضت إلى التدمير والنهب والسلب والتخريب، ولكننا نأمل بانتهاء الحرب وبالسرعة الممكنة أن يتم حصر هذه الخسائر، وبدء إعمار ما دمرته الحرب.
حجم الخسائر؟
الشيء نفسه ينطبق على تقدير حجم الخسائر وبالتأكيد يأتي بعد حصر الخسائر نفسها، ثم بعد ذلك تحديد حجمها في شكل رقم دقيق ولا أعتقد أنه وجود رقم دقيق إلا بوقوف الحرب، وإجراء الحصر ولكن مع الأسف نقول جهود عشرات السنوات من الإنشاء والتعمير والتطوير في القطاع الصناعي قد ذهب هباءاً منثورا، بيوتات تجارية وشركات صناعية عمرها يفوق ال70 عاما، أصبحت بفعل الحرب مجرد ركام، ولكن بعض الخبراء يقدرون حجم خسائر القطاع الصناعي بأنها تتراوح من 15 إلى 20 مليار دولار موزعة ما بين خسائر مباشرة للوحدات الصناعية نفسها من مباني ومواد وماكينات خام أو مواد مصنعة جاهزة وما بين دمار البنية التحتية الأساسية في المناطق الصناعية من طرق ومعدات كهرباء ومواسير مياه وصرف صحي وأضرار بيئية مختلفة.
ماذا فعلت وزارة الصناعة؟
الحقيقة الوزارة أصابها شلل نصف كامل بعد 15 أبريل شأنها في ذلك شأن معظم مؤسسات الدولة في ظل الحرب المستعرة، ومع ذلك ظلت وزير الصناعة المكلفتين السابقة والحالية اللتين تعاقبتا على الوزارة منذ بدء الحرب حتى الآن في محاولات مستمرة بالاتصال مع أصحاب المصلحة في القطاع الصناعي مُلاك المصانع والشركات الصناعية في محاولة لوضع تصورات والأسس النظرية على الاقل لعملية إعادة الإعمار لما بعد انتهاء الحرب بإذن الله وفي محاولة أيضاً لتقديم التسهيلات للمصانع العاملة بالولايات البعيدة عن الحرب وأيضاً تسهيل نقل لبعض المصانع لبعض خطوط إنتاج من الخرطوم إلى الولايات، وأيضاً هذا حاولت وزارة الصناعة أن تبذل فيه مجهود بتسهيل عمليات النقل وأيضاً محاولة تقديمهم لتسهيلات لبعض المصانع الذي رغبت في استيراد نفس منتجاتها من الخارج وبنفس الإسم التجاري حفاظاً على الإسم وحصتها السوقية وتلبية لحوجة السوق المحلي لمنتجاتها ولا سيما المواد الغذائية ومواد التنظيف والصابون وما إلى ذلك، وفي هذا السياق أقامت الوزارة في مطلع هذا الشهر وبالتضامن مع اتحاد الغرف الصناعية عدداً من الورش قدمت فيها العديد من الأوراق من جهات مختلفة وكان أهمها الورقة المقدمة من اتحاد الغرف الصناعية نيابة عن الصناعيين وذلك تمهيداً لعقد مؤتمر الصناعة والذي يعقد في بورتسودان منتصف مايو الحالي والذي يستهدف وضع تصور وتحديد مطلوبات إعادة الإعمار للقطاع الصناعي، وفي هذا الإطار نقول إن القطاع الصناعي ونتيجة لهذه الحرب أصبح أكثر حوجة للدولة فقد أصابه دمار كبير والخسائر كانت مهولة يحتاج إلى تطوير وتحديث قوانين كثيرة وهي مسؤولية الدولة بالتأكيد، والدولة أيضاً اعتقد أحوج ما يكون إلى أن تعود عجلة إنتاج القطاع للدوران بأعجل ما تيسر لتغطية حاجة الأسواق للسلع الاستهلاكية من جهة ومن جهة أخرى يستهدف المؤتمر النظر ما يستلزمه إعادة الإعمار من سلع وخدمات لإعادة بناء وتطوير البنية التحتية للبلاد التي تدمرت بفعل الحرب، فالحوجة إلى القطاع الصناعي تظل حوجة كبيرة جداً، ولذلك يجيء هذا المؤتمر في تقديري في هذا الوقت العصيب والحسّاس لوضع اللبنات الأساسية لعملية الإعمار ومستصحباً في ذلك آراء أصحاب المصلحة وذلك لاختصار الزمن في بداية إعمار القطاع الصناعي متى ما توقفت الحرب وفق أسس واضحة وخطط علمية وعملية وأعتقد برغم أن كثيرون يروا أن الظرف غير مناسب في ظل استمرار الحرب يظل المؤتمر بلا قيمة وتوصياته قد لا تجد طريقها إلى النور ولكننا نقول، لابد من وضع لبنات ورؤى يمكن البناء عليها كثوابت بغض النظر عن ما ستؤول إليه الأمور، وعقدنا النظر عن متى تنتهي الحرب، هذا شيءٌ مطلوب ومجهود مقدّر من الوزارة والدولة بالرغم من الظروف المعلومة، ونقول تفاءلوا بالخير تجدوه، إضافة إلى أننا في القطاع الصناعي لدينا قضايا مهمة وملحة، تتعلق بضرائب الدولة، وإعادة الإعمار وإشكاليات التمويل، والاشكاليات القائمة قبل الحرب وماهو مطلوب لإعادة
الإعمار وكثير من الأمور تحتاج معالجات وتحتاج أن تكون الدولة على توافق فيها مع القطاع الخاص من خلال القوانين واللوائح والرؤية المشتركة، وإن شاء الله تكون بداية سريعة وقوية تجنبنا مزيد من إهدار الزمن.
هروب المستثمرين خارج القطاع؟
بالنسبة للمستثمر المحلي الأمر واضح ينطبق عليه ما انطبق على جموع الشعب السوداني وهم ما بين نازح ولاجئ ومستجير ببلدان الجوار وما بين صامد يعيش في مسغبة، شأنه في ذلك شأن كل المواطنين السودانيين في ظل الحرب المستعرة، أما المستثمرين الأجانب في القطاع الصناعي على قلتهم تدمرت استثماراتهم ونهبت أموالهم وهم الآن خارج البلاد ومسألة عودتهم من جديد في تقديرنا من الصعوبة بمكان ولكن يجب أن تبذل الدولة جهودها في هذا الأمر لاعطائهم حزم تشجيعية من إعفاءات ضريبية وغيرها في محاولة لعودتهم واستمرار استثمارهم داخل البلاد ولذلك لجعل الوضع بعد الحرب جاذباً لهم وغيرهم من المستثمرين.
ماهو أثر دمار المصانع على توفر السلع والخدمات؟
غياب شبه كامل بنسبة تتجاوز ال95% للمنتجات المحلية من الأسواق، حتى ابسط المنتجات الآن أصبحت مستوردة من الخارج في ظل اقتصاد ضعيف وعاجز قبل الحرب فما بالك بعد الحرب اقتصاد عاجز عن توفير العملة الصعبة للاستيراد، وذلك مما قفز بأسعار الدولار إلى مستويات قياسية كما يحدث الآن، وأيضاً أدى لتذبذب في توفر السلع الضرورية المستوردة نفسها في الأسواق إضافة للارتفاع الكبير في أسعارها إضافة ايضاً أنه كثير من هذه السلع تفتقد إلى الجودة المطلوبة ولا تطابق المواصفات المطلوبة ولا تتماشى مع ذوق المستهلك السوداني.
هنالك مديونيات لدى البنوك كيف تعالج؟
هذه من أبرز المشاكل الماثلة الآن التي تواجه القطاع الصناعي بعد انتهاء الحرب، ففي المؤتمر الصناعي قدم اتحاد الغرف الصناعية رؤية للدولة بضرورة تدخل بنك السودان كممثل للدولة في جدولة مديونية القطاع ومنسوبيه لفترة تمتد من 3-5 سنوات والسعي لتوفير تمويل جديد لإعادة الإعمار من خلال محفظة جديدة برأس مال لا يقل عن ملياري دولار، بالرغم من علمنا أن المصارف نفسها وكنتيجة للحرب تعاني من ضعف القدرات بسبب تعرضها للنهب والسرقة ولعملائها ولذلك يكون تدخل بنك السودان والدولة مطلوب في هذا الجانب حتى لا تنهار هذه المصارف تحت وطأة مديونية القطاع الصناعي ومديونية القطاعات الأخرى.
لماذا لا يتم توزيع الصناعات في مناطق إنتاج الخام؟
هذه من التوصيات التي طالبنا بها في ورشة القطاع الصناعي واعتبر أنه في الفترات السابقة حقيقة كان هنالك خلل في خارطة توزيع المؤسسات الصناعية على مستوى البلاد وتركيز الصناعات في العاصمة والمدن الكبيرة وإهمال الولايات، فالمطلوب من الدولة الآن أن تجعل من الولايات بيئة جاذبة للصناعات لا سيما الصناعات التحويلية التي تعتمد على الإنتاج كمدخل خام أساسي، وذلك من خلال تهيئة المناطق الصناعية والبنية التحتية اللازمة من كهرباء ومياه وغيرها إضافة إلى حوافز استثمارية لتشجيع رأس المال المحلي والأجنبي للدخول إلى تلك الولايات، وفي هذا الإطار أعتقد يجب وقف أي تصاديق صناعية جديدة إلا باستثناءات بسيطة لصناعات استراتيجية معينة.
برأيك كم تبلغ تكلفة إعادة الإعمار للقطاع الصناعي؟
أعتقد ان تكلفة إعادة الإعمار بالتأكيد لن تعادل قيمة الخسائر للقطاع الصناعي فحسب بل تزيد عليها بأكثر من 100% فاذا قُدرت الخسائر المباشرة للقطاع الصناعي ب10 مليار دولار فالحوجة تكون 20 مليار دولار، علماً بأن البنية التحتية القديمة الموجودة في المناطق الصناعية أصلاً بنية أساسية قديمة متهالكة كانت تحتاج إلى تأهيل وتجديد وصيانة وحتى الموجود تم تدميره بالكامل وأصبحنا محتاجين إلى بنية تحتية حديثة وهي مسألة مكلفة إضافة إلى أن العديد من المؤسسات كانت تحتاج إلى إعادة تأهيل واستجلاب معدات حديثة لأن معداتها عفا عليها الزمن، عموماً البلاد والقطاع الصناعي تحتاج إلى خطة أو مشروع “مارشال” قوامه عشرات المليارات من الدولارات لإعادة الإعمار وهذا بالضرورة يستلزم مساهمات المجتمع الدولي والإقليمي ومؤسسات التمويل الدولية، وفي تقديري هذا لن يتأتى إلا في ظل وجود نظام سياسي مدني مستقر ذو إرادة قوية لإعادة الإعمار تتفرع منه خدمة مدنية شفافة وفاعلة تقود عملية الإعمار.