تحذيرات أمريكية منذ 2023 عن خطة المليشيا لإبادة الفاشر

الأحداث – وكالات

كشف خبير أمريكي بارز في رصد النزاعات المسلحة أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة تلقّتا تحذيرات مبكرة منذ يوليو 2023 بشأن خطة مليشيا الدعم السريع للهجوم على مدينة الفاشر، وذلك استنادًا إلى صور أقمار صناعية عالية الدقة ومعلومات ميدانية سرية وثّقت نمطًا منهجيًا من الإبادة الجماعية بحق قبائل المساليت والفور والزغاوة في دارفور.

وخلال حديث علني نادر، قال الخبير إن فريقه حصل على صور أرضية من الجنينة في الأيام الأولى للقتل، وأظهرت “أكوامًا من جثث الرجال والصبية من المساليت” بعد محاصرة أحياء كاملة واغتصاب النساء والفتيات. وتمكّن المحللون من قياس الجثث بدقة عبر صور فضائية تبلغ دقتها 30 سم، إذ بلغ متوسط طول الضحايا من الأطفال 1.3 متر ومن الرجال 2 متر.

وأضاف أن النساء كنّ يجمعن الجثث داخل مبنى مدرسة حُوِّل إلى ضريح مؤقت، الأمر الذي سمح بتعقّب مسار عمليات القتل “باستخدام أكوام الجثث كنقاط ملاحة من الفضاء”. وأظهرت مستشعرات “ناسا” أعمدة حرارية ضخمة شمال الجنينة، تزامنًا مع هجوم الدعم السريع على قرية صِرْبَا التي “اشتعلت بالكامل”.

وأوضح الخبير أن التحليل الاستخباراتي الأمريكي توصّل مبكرًا إلى أن قوات الدعم السريع “تستغل المعارك في الخرطوم لاستكمال الإبادة الجماعية في دارفور، بدءًا بالمساليت”، مضيفًا أن فريقه بعث في نوفمبر 2023 رسالة تحذير رفيعة المستوى إلى مجلس الأمن القومي الأمريكي تشير إلى أن الفاشر ستكون هدفًا مباشرًا خلال موسم الجفاف 2023 ـ 2024.

كما قدّمت هذه النتائج في جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي في يوليو 2023، ما يعني أن المجتمع الدولي امتلك “سنتين ونصف من الإنذار المبكر قبل وقوع مجزرة الفاشر في 26 أكتوبر”.

وأظهرت صور فضائية لاحقة أن قوات الدعم السريع بنت خلال 2024 جدارًا ترابيًا بطول 37 كيلومترًا وارتفاع 9 أقدام حول الفاشر، في ما وصفه الخبير بأنه “صندوق قتل مغلق” استُهدف داخله المدنيون من الفور والزغاوة أثناء حصار استمر 18 شهرًا — أي ثلاث مرات ونصف أطول من حصار ستالينغراد.

وبعد سقوط المدينة، رصدت الأقمار الصناعية الشوارع وقد امتلأت بآلاف الجثث الملتفة على شكل C وJ وL، وهو ما يشير إلى سقوط الضحايا على الركبتين أو في وضعية الجنين عند إطلاق النار عليهم. كما ظهرت بقع دم حمراء بعرض نصف متر خلف الشاحنات المزوّدة برشاشات ثقيلة من عيار .50.

وأكد الخبير أن الناجين الذين وصلوا إلى طويلة — آخر نقطة نجاة من الفاشر — سجّلوا “واحدًا من أعلى معدلات سوء التغذية في تاريخ العمل الإنساني الحديث”، مبينًا أن معظم الفارّين كانوا من النساء والأطفال غير المصحوبين، بعد أن قُتل الرجال والصبية عند الحواجز الترابية.

وأشار إلى أن شبكة المعلومات الميدانية التي كانت تزوّد فريقه بالصور والتفاصيل “اختفت بالكامل بعد المجزرة”، إذ أبلغ الفريق يوم سقوط المدينة أن عدد القتلى بلغ 1200، قبل أن يرتفع الرقم مساء اليوم نفسه إلى 10 آلاف، ثم انقطع الاتصال نهائيًا في اليوم التالي.

ويرى مراقبون أن هذه المعطيات الجديدة ستزيد الضغط على المجتمع الدولي لإعادة تقييم مقاربته للحرب في السودان، خاصة فيما يتعلق بالاتهامات الموجّهة للإمارات بدعم قوات الدعم السريع بالسلاح والمال، ومسؤولية مجلس الأمن عن التقاعس رغم امتلاكه إنذارًا مبكرا دام أكثر من عامين.

Exit mobile version