الأحداث – عبدالباسط إدريس
على إثر تحول النظام التشادي لنظام عدائي للسودان بفعل الدعم المستمر لمليشيا حميدتي استدعت الخرطوم سفيرها في إنجمينا.. ويتبادر للأذهان على خلفية هذه الخطوة تساؤلاً مفاده هل العلاقة مقبلة على تطور مختلف يستند على المواجهة أم أن الخطوة تأتي في سياق إرسال رسالة واضحة وقوية من السودان مفادها استياءه من الموقف التشادي المساند للمليشيا.
تجاهل ملاحظات:
واستدعت وزارة الخارجية السودانية، بشكل مفاجئ سفير السودان في تشاد، عثمان محمد يونس، إلى مقر الوزارة في العاصمة الإدارية المؤقتة بورتسودان بحسب صحيفة السوداني.
وبحسب المعلومات جرت الخطوة لمناقشة خطوات وإيفاء النظام في إنجمينا بملاحظات سودانية بشأن ضبط الحدود.
وقال مصدر حكومي مطلع بحسب ”سودان تربيون” إنّ تشاد تفتح أراضيها لإمداد الدعم السريع وتسمح بحركة الجنود وقادة تلك القوات وتقدم لهم التسهيلات.
وأضاف “تشاد متورطة في التدخل بالشأن السوداني عبر استخدام أراضيها لإمداد الدعم السريع وكل الدعم الإماراتي يأتي للمليشيا عبرها والسودان قدم أدلة على ذلك”.
وأكد مصدر دبلوماسي طبقا لـ “سودان تربيون” إن السودان سبق وسلم الحكومة التشادية رسمياً ملاحظات دقيقة حول ضبط الحدود.
وكشف أن السلطات التشادية لم تعلق أو ترد على تلك الملاحظات ما يستوجب استدعاء السفير لمناقشة تلك التطورات.
وتابع: “لم تجد ملاحظات السودان آذان صاغية ولم تقم تشاد بضبط الحدود، رغم تكرار تلك الملاحظات التي قدمناها بالطرق الدبلوماسية تجاهلتها لذلك تم استدعاء السفير”.
وتوقع الدبلوماسي عودة السفير لتشاد الأسبوع المقبل بعد اتخاذ الخطوات المطلوبة.
تفسير دبلوماسي :
يقول الكاتب عدي مزهر على موقع (عمون): “عندما تقوم الدولة باستدعاء سفيرها ،فإنه يترك عاصمة الدولة التي وقع خلاف معها ويعود لبلاده للتشاور بشأن القضايا، كموقف من الخلاف أو الاحتجاج وهو إجراء له معنى دبلوماسي، فعند حدوث ذلك تستمر البعثة الدبلوماسية بأداء عملها بمستوى أخفض من التمثيل الدبلوماسي ولو مؤقتاً، ولا يعتبر ذلك قطيعة.
ولكنه في كل الأحوال الأمر ليس بهين فاستدعاء السفراء يمكن أن يكون خطوة على طريق إعلان الحرب أو قطيعة طويلة.
تصاعد الأحداث
تصاعدت الأحداث بين السودان وتشاد عقب إعلان عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام للجيش الفريق أول ركن ياسر العطا عن ضلوع النظام التشادي في الحرب على السودان، وقال العطا في مخاطبة بمدينة أم درمان في نوفمبر من العام الماضي إن تشاد فتحت حدودها ومطاراتها لنقل العتاد العسكري من دولة الإمارات إلى مليشيا حميدتي بدارفور، وفي ديسمبر من ذات العام أعلن نظام إنجمينا طرد الملحق العسكري وثلاثة من الدبلوماسيين السودانيين من أراضيها خطوة قابلتها الحكومة السودانية بإجراء مماثل.
في السياق كشف تقرير لجنة الخبراء الأممية عن تورط تشاد في حرب السودان وانتهاكها قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بحظر توريد الأسلحة إلى دارفور، وأفاد التقرير أن مطاري أبشي وأم جرس يستقبلان شحنات الأسلحة القادمة من الإمارات وإيصالها لمليشيا حميدتي في دارفور.
وتسبب ذلك بحسب تقرير لجنة الخبراء في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أودت بحياة 15 ألف شخص من قبيلة المساليت فضلاً عن تهجير وتشريد الآلاف من قراهم بعد حرقها وتدميرها.
وذكرت تقارير دولية وإعلامية أن مدير مكتب الرئيس التشادي وعدد من جنرالات الجيش التشادي السابقين وبالتنسيق مع سلطات أبوظبي يقومون بحشد المقاتلين المرتزقة من دول مالي والنيجر والدفع بهم للقتال إلى جانب المليشيا في حربها على الدولة السودانية، بجانب نقل آلاف الأسلحة والمعدات القتالية والمركبات المسلحة، ووثقت معارك الخرطوم والجزيرة ودارفور لمشاركة آلاف التشاديين يقاتلون في صفوف المليشيا بجانب مشاركة عناصر حركات مسلحة تشادية معارضة.
أوضاع معقدة :
وطبقاً لمصادر مطلعة تحدثت ل(الأحداث) فإن الخلافات الداخلية لنظام محمد كاكا في تزايد مستمر وأدت لانقسامات كبيرة بين جنرالات الجيش التشادي الذين يرفض بعضهم مشاركة بلادهم في الحرب على السودان، وقالت المصادر إن القيادات المنتمية لاثنية الزغاوة نبهت محمد كاكا لخطورة دعم مليشيا حميدتي والمجموعات العربية الأمر الذي يشكل خطورة على القبيلة المهيمنة على السلطة والنفوذ والاقتصاد في تشاد، وتخشى هذه القيادات تحالف المجموعات العربية ضدها في حال استقرت الأوضاع في دارفور لصالح مليشيا حميدتي.
توتر مستمر :
وتشهد العلاقات السودانية التشادية توترات مستمرة، ورغم أن السودان قد ساعد الرئيس السابق إدريس ديبي فى الوصول إلى السلطة أوائل التسعينات، إلا أن العلاقة شابتها الكثير من التوترات والاتهامات المتبادلة منذ ظهور مجموعات النهب المسلح التي كانت تدخل إلى السودان من تشاد مروراً باندلاع حرب دارفور في 2003 وحتى المحاولة الفاشلة لانقلاب حميدتي وحرب الجنجويد على الدولة السودانية، وانخرط البلدان في سجال طويل من حروب الوكالة كان آخرها محاولة غزو حركة العدل والمساواة بقيادة خليل إبراهيم للخرطوم بدعم تشادي في مايو عام 2008.
وشهدت العلاقات هدوء حذر عقب توقف نظام ديبي الأب عن دعم حركات دارفور المسلحة التي كانت تقاتل الجيش السوداني، وأسفرت التهدئة عن تشكيل القوة العسكرية المشتركة بين البلدين التي تولت أمن الحدود والتصدي للقوى السالبة، كما نظم ديبي مؤتمر أم جرس للسلام ودعم محادثات الدوحة التي أدت لتوقيع اتفاقية الدوحة للسلام في السودان.