استبدال العملة.. التطبيقات المصرفية فرس الرهان

تقرير – رحاب عبدالله

ربط بنك السودان المركزي استبدال العملة واستقبال العملة الجديدة من فئتي (1000 – 500) جنيه بتوريد الاموال في الحسابات المصرفية للعملاء بالبنوك ، وصاحب ذلك توعية المواطنين بأهمية فتح الحسابات المصرفية لاستبدال العملة والاستفادة من الخدمات المصرفية.

ولعل الهدف الواضح هو تقليل الكتله النقدية والانتقال للاموال الالكترونية والحسابات البنكية، مع دعوة صريحة لزيادة استخدام التطبيقات البنكية للحد من تداول النقود الورقية.

استحداث تطبيقات تشابه “بنكك”

وأكد الخبير الاقتصادي د.ياسر جمال أنه مع بداية الاستعداد لبدء عملية الاستبدال لابد من الاستعداد لتطوير التطبيقات البنكية حتى يتم ضمان دخول أكبر كتلة نقدية داخل البنوك، ورهن ذلك باستحداث تطبيقات مشابهة لتطبيق “بنكك” وتطوير فوري و”أوكاش” و”ساهل”، مؤكدا في مجموعة المنتدى الاقتصادي على تطبيق “واتس اب” أن الخروج من هذه الأزمة لا يتم الا عبر التطبيقات البنكية، وطالب القطاع المصرفي بالاجتهاد في إنفاذ هذا الامر.

غير أن الخبير الاقتصادي د.ياسر الحسين، تساءل من ناحية فنية، هل فك احتكار تطبيق “بنكك” للتعاملات الإلكترونية متعلق بالبنوك أم أنه متعلق بالنظام المصرفي الإلكتروني للدولة أي أن بنك السودان منوط به خطوة في هذا الصدد؟!.

تحذيرات من توقف “بنكك”

ورأى د.ياسر جمال أنه وفقا لاعتقاده الشخصي للأمر لايوجد احتكار لبنك معين في التطبيقات سواء بنك الخرطوم أو بنك فيصل الاسلامي، وحذر من خطورة الإعتماد والتركيز على تطبيق “بنكك” ، مبينا أنه في حالة توقف التطبيق عن العمل فان ذلك يشكل خطورة على المعاملات التجارية في الأسواق الداخلية، واعتبر ذلك نقطة ضعف ينبغي الإسراع في معالجتها، لافتا إلى أن تطبيق بنكك يستحوذ على أكثر 70%من حجم المعاملات المالية مقارنة مع التطبيقات الأخرى.
وبرر ياسر الحسين تساؤله قوله أنه سمع أن هناك خطوة (ربط) مركزية يتعين على الدولة القيام بها مما يمكن كل البنوك من تقديم خدمة مماثلة لخدمة بنكك.

*نظم الدفع الالكترونية*
من ناحيته أوضح الخبير الاقتصادي د.عمر محجوب أن “نـظم الدفـع هي منظومة متكاملة من النظم والبرامج التي يوفرها القطاع المصرفي والمالي، بهدف تسهيل إجراء عمليات الدفع الإلكتروني الآمنة، ويقصد به أي نظام أو ترتيبات لسداد أو تسوية الأموال (بين البنوك، والمؤسسات المالية)، مضيفا أن هذه المنظومة تعمل تحت مظلة من القواعد والقوانين التي تضمن سرية تأمين وحماية إجراءات الشراء وضمان وصول الخدمة.
اما الخدمات المصرفية الإلكترونية (التطبيقات وما في حكمها) تقدمها البنوك لعملائها حسب قدرات وتطور نظم كل بنك، ويتم من خلالها دمج التكنولوجيا في الخدمات المالية، ويتيح هذا التطور الرقمي للعملاء استخدام الخدمات المصرفية بسهولة عبر الإنترنت باستخدام الخدمات المصرفية عبر الإنترنت أو تطبيقات الهاتف المحمول.

واعتبر عمر محجوب تطبيق بنكك لم يكن محتكرا للخدمة، لكنه البنك الوحيد الأول الذي استطاع بعد الحرب تقديم خدمات عبر تطبيقه، مضيفا انه الآن هناك بنوك أخرى فعّلت تطبيقاتها لتقديم الخدمات، ربما بنك فيصل، وأم درمان الوطني.

*توقف سيرفرات البنوك*
وفي السياق أوضح الخبير المصرفي وليد دليل
أنه بسبب الحرب توقفت سيرفرات التطبيقات وغيرها من تكنولوجيا البنوك وذلك بسبب عدم تطبيق بروتوكولات مكافحة الكوارث واستمرارية الأعمال ،
لافتا إلى أنه قد تكون التكلفة حالت دون وجود مقرات لاستمرارية الاعمال في الدولة السودانية ولعدم وجود خطة أصلا للدولة لكيفية التعامل مع الكوارث واستمرارية الاعمال، منوها إلى أنه رغما عن أنها مكلفة وتحتاج إلى أموال إلا ان نفعها كبير وخير مثال ما حدث في السودان من ضياع البيانات في مؤسسات الدولة السودانية.

*بساط سحري*
ويرى المحلل الاقتصادي عبدالوهاب جمعة أن بنك الخرطوم استبق أقرانه من البنوك عندما تعامل مع فتح الحسابات باعتباره عملية “تسويق” وليس “ترف” ،وعندما توسع في الحسابات عبر فتح فروع في مناطق بعيدة عن الأسواق الكبيرة أدخل التطبيق المصرفي بنكك ، مضيفا أنه عندما اندلعت الحرب كان “بنكك” بمثابة البساط السحري لنقل المال سواء للتجارة أو تحويلات الأسر.
وقال “هذا الرؤية لبنك الخرطوم المستبقة لزمن البنوك المتكلسة جاءت نتيجة ادارة جديدة من بينها جنسيات غير سودانية”.

*نظرة استراتيجية*
ولفت المراقب الاقتصادي محمد مدثر إلى أن بعض البنوك الأخرى سخرت من بنك الخرطوم وبدأوا يقولون أنه يفتح حساب لكل من “هب ودب”، غير أن مدثر رأى انه في النهاية اتضح أن نظرة إدارة بنك الخرطوم كانت استراتيجية صحيحة (وكشطت السوق ) بلغة إدارة الأعمال.

ورأى الخبير الاقتصادي الخضر الامين أن الامكانيات المالية الجيدة واستفادة البنك من الفرص بسبب تعدد رأس المال وهو بالطبع من اقدم المصارف.
وأشار إلى أنه بخصوص التحول الرقمي استفاد البنك من ميزة أنه يمتلك محول قيود ، هذه الميزة حرمت منها مصارف اخري عندما كان المنظم يحاول أن يكون المحول القومي للقيود واحد و لم تتمكن بقية البنوك ما عدا قليل منها من أخذ ترخيص لتمتلك محول قيود خاص بها وكلها أصبحت تعتمد على EBS.

*نقاط ضعف*
وأكد د.ياسر جمال أن من أهم نقاط الضعف في القطاع المصرفي الاعتماد على تطبيق واحد “بنكك” حيث عرض هذا التطبيق لتوقف عن العمل مع توقف معظم المعاملات التجارية فى الأسواق الداخلية.
واعتبر أن من البشريات القادمة سعى بقية البنوك لعمل جماعى للتطبيق يخدم بقية البنوك.
وأضاف الخضر ردا على أهم نقاط الضعف بان عملية الدفع الالكتروني نجاحها و استمراريتها يعتمد على :
(١) إطار سياساتي شامل و شفاف ، خصوصا في المنافسة.
(٢) إطار مالي وإداري منضبط.
(٣) إطار فني وتأميني ذو جودة عالية.
يتداخل في الدفع الالكتروني سياساتيا :
(١) الجانب السياساتي النقدي ( البنك المركزي )
(٢) جانب سياسات الاتصالات ( جهاز الاتصالات).
(٣) الجانب السياساتي المالي ( وزارة المالية )
تكامل الثلاثة جوانب اعلاه تهيئ بيئة أو مناخ الشمول المالي Financial Inclusion Ecosystem.
حتي العام 2020م ، السودان واحد من الدول القليلة التي لم تنشر استراتيجية الشمول المالي، طغي على الأداء الاجتهاد والنشاط الشخصي.
البنوك، المؤسسات المالية، شركات الاتصالات، شركات التكنولوجيا المالية، الجمعيات، هذه هي أدوات تطبيق السياسات اعلاه.

وتساءل ياسر الحسين :*هل من أسباب نجاح تطبيق بنكك أن بنك الخرطوم به شريك أجنبي بنسبة كبيرة؟ مما مكنه عبر الاجنبي الانفتاح على الفضاء الدولي متجاوزا أسباب الحظر والعقوبات الدولية المفروضة على السودان ومازالت هناك بقية قيود باقية حتى اليوم في مجال استخدام بطاقات البنوك خارجيا في اطار نظام الدفع الدولي ببطاقات البنوك وهو SWIFT، وهو اختصار لـ Society for Worldwide Interbank Financial Telecommunication، ويُستخدم لتحويل الأموال بين البنوك على المستوى الدولي. بما في ذلك أنظمة الدفع باستخدام البطاقات المصرفية (مثل بطاقات الائتمان أو الخصم)، والتي تشمل*: Visa و Mastercard
وAmerican Express
وUnionPay *فتلك الأنظمة هي شبكات الدفع التي تتيح المعاملات المالية عبر البطاقات المصرفية دوليًا.*

*رخصة المحول*
الا أن الخضر أهم أسباب نجاح تطبيق بنكك استفادته من ميزة حصول البنك على رخصة المحول الخاص وفي وقت مبكر، الاجراءات التنظيمية اللاحقة أضرت بالبنوك الاخرى ، لان المنظم كان يحاول أن يوحد منافذ الدفع وقد كان هذا الامر سببا في نزاع بين بنك الخرطوم و السلطات التنظيمية، كما أن البنك من خلال تعدد راسماله كان قد استفاد من موارد اتيحت له كتمويلات التمويل الاصغر من بنك التنمية الاسلامي بجدة، البنك كان السابق في اطلاق شركة للتمويل الاصغر ، بعض البنوك الاخرى كانت منغلقة داخل ممارسات تمويل الشركات Corporate finance ، كما أن قاعدة العملاء الكبيرة للبنك ساعدت في ذلك.
حاليا وبسياسة الأمر الواقع و السياسات المتراكمة لن يستطيع بنك منافسة بنك الخرطوم خصوصا مع الواقع الماثل، الظروف الحالية جعلت البنك مقدم الخدمة الاكبر رغم تضاد ذلك مع أسس التنافس.

Exit mobile version