تقرير – ناهد أوشي
شهدت أسعار السلع والخدمات تصاعداً ملحوظاً وازدادت معدلاته عقب اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 ومازالت رحاها تدور حتى الآن، وأدى ذلك إلى ارتفاع متوسط معدل التضخم الذي أظهره الجهاز المركزي للإحصاء حيث أعلن ارتفاع معدل التضخم للنصف الأول من العام 2024 والذي سجل 136.67%، بينما خلال 2023.. 66.62% وفي 2022 سجل 138.81%.
انفجار سعر الصرف
ونبه الأمين العام لاتحاد الغرف الصناعية عباس علي السيد، إلى أن سلة الاحتياجات التي كان يقاس بها معدل التضخم في السلم لا تتناسب مع احتياجات وقت الحرب، وأضاف “يظهر معدل الارتفاع في المتوسطات متواضع مع ما يعايشه السكان المتبقين في الولايات، لذا لا نستطيع أن نجزم بمصداقية التقرير في ضوء انفجار سعر الصرف وانعدام فرص العمل، كما أن اعتبار الإيجارات السكنية سببا وحيدا لارتفاع التضخم غير مقبول”.
ورأى الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي وجود محركين أساسيين للتضخم في السودان متعلق بالسياسة المالية والنقدية، مشيراً إلى أن عدم تناغم السياستين المالية والنقدية أدى إلى فجوة حقيقية بين مستوى الدخل للفرد والأسعار وحدوث ارتفاع كبير جداً على مستوى معدلات التضخم، وأضاف “كلما تم تحقيق حالة من التناغم بين السياستين المالية والنقدية نستطيع إيجاد الحلول ونذهب باتجاه تخفيض معدلات التضخم”، مضيفاً أن المحرك الثاني هو محرك ديناميكي يعتمد على سعر صرف الجنيه السوداني وتغير أسعاره حيث كان مستقراً بداية الحرب ومن ثم تغير بطريقة مختلفة تدريجية ومن ثم طريقة جامحة أدت إلى حدوث ارتفاع وضغوط تضخمية وتسجيل أرقام مرتفعة بمعدلات التضخم نتيجة سياسة التمويل بالعجز لتعويض العجز الحاصل بالإيرادات المحلية إضافة إلى هجرة الأموال إلى الخارج وتدمير الممتلكات العامة والخاصة وانخفاض إيرادات الصادر وزيادة المضاربة في العملات الأجنبية واستنزاف الاحتياطي منها بجانب أن زيادة العرض النقدي من أهم أسباب التضخم وارتفاع سعر الصرف من أهم الأسباب التي أدت للتضخم، مما أدى لخسارة السودانيين لأموالهم ومدخراتهم خاصة تلك المودعة في المصارف والتي انخفضت قيمتها منذ حرب 15 أبريل حتى اليوم بنحو 7 أضعاف مقابل العملات الأجنبية.
اقتصاد حرب
وقال هيثم يشهد الاقتصاد الوطني حالة واضحة من عدم الاستقرار ربما يكون عنوانها الأبرز الارتفاع المتسارع والكبير لسعر صرف العُملة الأجنبية، وما يرافق ذلك من تراجع القوة الشرائية التي ترهق ذوي الدخول المحدودة على وجه الخصوص
مع تشوّه بنية آلية التسعير، التي أفرزت مستويات عالية وغير منطقية من الأسعار، وترافقت مع نسب تضخم عالية مصحوبة بمظاهر ركود في بعض القطاعات والأنشطة كمؤشر على ظاهرة الركود التضخمي المركبة، كما وأن الاقتصاد السوداني تحول إلى اقتصاد حرب، وباتت الأولوية فيه لتأمين المواد الأساسية كالوقود والغذاء، وسط تراجع في نشاط العديد من القطاعات الإنتاجية، واعتبر أن الاقتصاد تفادى الانهيار.
تقرير صادم
ووصف مسؤول سابق بالجهاز المركزي للإحصاء تقرير التضخم بالصادم لأن بيانات التضخم يتم جمعها من حوالي 645 سلعة وخدمة من مختلف الأسواق ومن ولايات السودان المختلفة، متسائلاً إذا كانت فروع الإحصاء في الولايات تعمل أم متعطلة بسبب الحرب، مبيناً أن الولايات ذات التضخم الأعلى كلها تقع تحت سيطرة الحكومة، وقال “هل معنى ذلك أن المعيشة في مناطق سيطرة الدعم السريع أفضل من الحكومة، أم أن الزحف على مناطق سيطرة الحكومة زاد من الحاجة أو الطلب الذي لم تستطع الحكومة السيطرة على الأسعار في ظله أم أن هناك أسباب أخرى؟”.
وأضاف أن التضخم العام يعتمد على الترجيح بحسب عدد السكان في كل ولاية، فالخرطوم والجزيرة وجنوب دارفور هي الولايات المرجحة أكثر من غيرها. معنى ذلك إن هذه الولايات لم تتأثر بنزوح سكاني بسبب الحرب، منبهاً إلى أن تضخم 2024 يعتمد على أسعار 2023 وبذلك يكون التقدير ذو انحراف مركب.
اضطرابات النظام الاقتصادي
ونبه وكيل وزارة الزراعة والغابات السابق د. عبد الرحمن هتر لاضطرابات النظام الاقتصادي بالبلاد، وتوقع أن يكون لها أثر أكبر بكثير من الأضرار المادية، وقال كلما طال أمد الحرب كلما زادت الخطورة، مما يجعل التعافي أمراً صعباً، داعياً لضرورة تحليل تفصيلي للآثار الاجتماعية والاقتصادية للحرب والذي من شأنه أن يساعد في ترتيب أولويات ما يُتخذ من إجراءات في أي عملية مستقبلية لإعادة الإعمار والتعافي، واعتبر معدل التضخم غيض من فيض بالنسبة للآثار الأخرى، وقال “نحن في حوجة لتحليل شامل قدر الإمكان للآثار المتوقعة للصراع الدائر”.