تقرير – رحاب عبدالله
ظل الاقتصاد السوداني يعاني منذ سنوات من معدلات تضخم مرتفعة، مما كان له تأثير كبير على قيمة الجنيه السوداني.
توالى ارتفاع معدل التضخم في السودان بصورة كبيرة ، حيث قفز في شهر سبتمبر الماضي إلى مستويات قياسية .
وسجل الرقم القياسي لأسعار السلع الاستهلاكية والخدمية 321699.60 نقطة لشهر أغسطس 2024م، بينما كان 101104.87 نقطة في شهر أغسطس 2023م بارتفاع بلغ 220594.73 نقطة، بمعدل تغير سنوي (تضخم) بلغ 218.18% اي ان معدل التغير للمستوى العام للاسعار ارتفع بنسبة %218. عن نظيره في العام السابق.
والشاهد أن أحد الأسباب الرئيسية للتضخم في السودان هو الإفراط في عرض النقود والذي ساهم في انخفاض قيمة الجنيه السوداني. ومع انخفاض قيمة العملة، ترتفع تكلفة السلع المستوردة، وبالتالي يزيد مستوى الأسعار الإجمالي في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، لعبت عوامل جانب العرض مثل ارتفاع تكاليف الإنتاج، وخاصة في القطاع الزراعي، دورا في دفع التضخم.
ولكن في ظل الظروف الراهنة يرجع خبراء اقتصاد ارتفاع التضخم للارتفاع المستمر لأسعار السلع الاستهلاكية بالسودان، إلى الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 بين الجيش ومليشيا الدعم السريع ما زاد من معدلات الفقر، وبات من الصعب ملاحقة وتيرة الأسعار المتصاعدة.
ويُقاس معدل التضخم السنوي بالتغيير في المستوى العام لأسعار الشهر الحالي مقارنة بنظيره في العام الماضي، مما يعني قياس تغير الأسعار على مدار عام كامل.
سخط وشكاوي
وشهدت أسعار السلع الاستهلاكية الضرورية في الخرطوم والولايات الآمنة ارتفاعاً كبيراً ومفاجئاً، مما أثار سخط وشكاوي كثير من المواطنين ، وأكد مواطنون تأثر ميزانية الأسرة بارتفاع معدل التضخم وبات من الصعوبة عليهم تأمين الاحتياجات الضرورية للأسرة، بل أن بعضهم أشار إلى أنه بات يكتفي بتحضير وجبة واحدة للأسرة خلال اليوم.
نتيجة حتمية للحرب
وبرر الخبير الاقتصادي د.هيثم محمد فتحي ارتفاع الحد الأدنى لتكلفة المعيشة في السودان إلى مستويات قياسية لغياب مقومات الإنتاج وقال إن الحد الأدنى للأجور في السودان لا يغطي أكثر من 5% من الحد الأدنى هذه التكلفة في أحسن الأحوال، والحقيقة أن هذه الهوة الواسعة بين مستوى الدخل ومتطلبات الحياة المعيشية هي جوهر المشكلة في المشهد الاقتصادي السوداني.
وأضاف في حديثه ل(الأحداث) “في ظل استمرار الحرب فان السيطرة على التضخم وضبط سعر الصرف وتقليص الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء إلى أرقام معقولة تعتبر خطوة صعبه لذلك شدد على ضرورة تحسين الوضع المعيشي أو تقليل الفارق بين تكلفة المعيشة ومستويات الدخل.
ويري فتحي أثّر معدل التضخّم المرتفع على القوة الشرائية للسكّان من خلال زيادة تكلفة المعيشة بشكل كبير، مبينا أن معدلات التضخّم المرتفعة ترتبط بأسباب داخلية وخارجية منها الانخفاض الكبير لقيمة الجنيه السوداني، الذي يعكس من نواحٍ عديدة تدمير الاقتصاد السوداني حيث عانت صناعة النفط وهي مصدر رئيسي للعملة الأجنبية عانت من دمار هائل وكذلك توقفت الاستثمارات الأجنبية المباشرة والدمار الهائل في قطاعي التصنيع والزراعة إلى انهيار الطاقة الإنتاجية المحلّية وانخفاض حجم الصادرات.
إجراءات لضبط الأسعار
وأشار لفقدان الدولة مصادر دخل كبيرة واضطرت إلى زيادة وارداتها لمواكبة الطلب المحلّي.
فيما أدّت الحاجة المُتزايدة لاستيراد المنتجات الأجنبية وانخفاض قيمة الجنيه إلى زيادة تكلفة السلع والخدمات في السودان . بقي الميزان التجاري سلبياً للغاية، مضيفا أن ذلك أدى إلى ضغوط مستمرّة لشراء العملات الأجنبية، خصوصاً في السوق السوداء، ممّا زاد من الضغوط الهبوطية على الجنيه السوداني ،بالإضافة إلى ذلك، زيادة تكلفة الاستيراد، لأن مجموعة كبيرة من الدول والشركات الخاصّة لا تريد التجارة مع السودان ، وإذا فعلت ذلك، زادت تكاليفها لأن البلاد في حالة حرب .
واشار فتحي إلى أهمية القيام بإجراءات لضبط الأسعار وقنوات الاستيراد وتصحيح الرواتب ربطاً بمعدلات التضخّم،خاصة وأن الارتفاع العام في معدّل الأجور من شأنه أن يؤدّي إلى انخفاض معدل الربح العام، ولكنّه لا يؤثّر على أسعار السلع.
تداعيات الحرب
من جانبه قال الخبير الاقتصادي بروفيسور ابراهيم أونور إن توالي ارتفاع أسعار السلع والخدمات متوقع في بلد تعيش في حالة حرب داخلية، مبينا أن ارتفاع التضخم في ظل الظروف الراهنة بهذا المستوى مرتبط باسعار الصرف التي انخفضت بنسبة قريبة من معدل التضخم مقارنة بالعام الماضي. حيث كان سعر صرف الدولار في السوق الموازي في العام الماضي خلال شهر يوليو في المتوسط كان حوالي 800 جنيه للدولار بينما ارتفع سعر الصرف في يوليو 2024 إلى حوالي 2800 جنيه للدولار.
ارتفاع الأسعار
ويشير الخبير الاقتصادي د.عبد العظيم المهل إلى ارتفاع معدل التضخم بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة مما ادى الى ارتفاع السلع بصورة أكبر وتتباين الأراء حول أرقام التضخم بينما يري المواطن الذي يتجول في الأسواق السودانية أنه أكثر من ذلك بكثير كما وصل سعر الدولار إلى 2800 جنيه ، وقد توقف الإنتاج بصورة كبيرة وتفاقم الموقف الاقتصادي بعد احتلال قوات المتمردين مدينة ودمدني العاصمة الاقتصادية للسودان والزحف نحو مناطق الإنتاج في سنار وسنجة والدندر ومناطق الزراعة الآلية ونهبها، وتوقع المهل انخفاض التضخم.