إنتقال الحكومة.. عودة الحياة…

عبدالملك النعيم احمد

أصدر مجلس الوزراء تعميماً لكل الوزارات لإجراء الترتيبات اللازمة للإنتقال إلي عاصمة البلاد وممارسة مهامها من داخل الخرطوم بنهاية ديسمبر الجاري وصاحب التعميم أيضاً توجيها لوزارات بعينها حددها المنشور بالإسم لتنتقل إلي الخرطوم بأسرع ما يمكن علي أن تغادر هذه الوزارات العاصمة الإدارية بورتسودان بعد إثنين وثلاثين شهراً قضتها الحكومة بشقيها السيادي والتنفيذي في مدينة بورتسودان حتي أن الذين كانوا يريدون أن يقللوا من شأن الحكومة كان يطلقون عليها “حكومة بورتسودان” بدلاً من حكومة السودان فربما إنتقال الجهاز التنفيذي الي يجعلهم يدركون أن الحكومة هي حكومة السودان وأن الحياة ستعود بكاملها في الخرطوم خلاف ما يريدون وما يسعون لتحقيقه…
إنتقال الوزارات بكاملها إلي الخرطوم يعني للكثير سواء أكان ذلك للمواطن السوداني أو للأجنبي الذي مازال يري أن هذا الهدف صعب المنال…فقد ظلت الحكومة تدعو المواطنين اللاجئين في عدد من الدول أن يرجعوا الي ديارهم ويعمروها بما يستطيعون وان يساهموا في تطبيع الحياة فيها بالوجود الفعلي وكان كل من يستمع لهذه الدعوة يقول في نفسه أو علناً فالترجع الحكومة أولاً قبل أن تطالب المواطن بالرجوع وكذلك يرددون فالتوفر الحكومة الخدمات الأساسية والضرورية وبحدها الأدني من ماء وكهرباء وصحة وتعليم حتي تطالب المواطن بالعودة…وبالطبع كلها مطالب موضوعية ومطلوبة لذلك فرجوع الحكومة يعني أن هناك جهوداً إضافية ستبذل في هذا الإتجاه وأن للحكومة خطة ورؤية لعودة الحياة بإيقاع أسرع مما هو عليه الحال الآن…
من الناحية الهامة الأخري أن الحكومة في بورتسودان ظلت تعمل بقوي عاملة متواضعة ولا تتجاوز ال40% علي أحسن الأحوال مما جعل آداء الجهاز التنفيذي دون المستوي المطلوب وترك أعداد كبيرة من العاملين عطالة يتقاضون مرتبات ضعيفة لا تفي بأبسط إحتياجاتهم دون إيجاد البديل المناسب في ظل الظروف المعلومة في البلاد وفي العاصمة علي وجه الخصوص حيث تم تدمير ما يزيد عن ألفين وثمانمائة مصنع وتشرد علي الذين كانوا يعملون فيها مع حاجة أسرهم لما يفي بجزء من تكلفة المعيشة…
ليت تكون هناك رؤية وترتيبات للحكومة ولكل وزارة علي حدة بأن تستوعب موظفيها وتستفيد من إمكانياتهم في عودة الحياة إلي طبيعتها ليس فقط بالتمام اليومي في المكاتب وإنما بدفع عجلة الإنتاج حقيقة كل في مجاله..لا ينبغي أن تكون الدعوة للعودة إلي الخرطوم أو إجبار الوزارات لممارسة أعمالها من الخرطوم عرضاً سياسياً بقدر ما يجب أن يكون قد تم بخطة ورؤية وبرنامج عمل يحقق الأمن والإستقرار للمواطن الذي عاني كثيرا خلال هذه السودان ويحقق أيضاً أهداف الحكومة بدفع عجلة الإنتاج وإصلاح الإقتصاد السوداني الذي تهاوت فيه العملة الوطنية وتدهورت بمعدل يصعب تصوره…
صحيح أن هناك رئاسة بعض الوزارات ظلت تعمل من داخل الخرطوم كوزارة الداخلية وهناك وزارات نقلت بعض إداراتها الي الخرطوم كوازارة التعليم العالي ولكن معظم الوزارات مازالت في بورتسودان تعمل في مكاتب محدودة وبقوي بشرية متواضعة وقد سبب هذا الوضع الكثير من عدم الرضي وسط العاملين كما أنه أضعف الآداء..
لا نريد أن نسأل عن ترتيبات تسكين هذه الوزارات في الخرطوم خاصة أن وسط الخرطوم الذي تتجمع فيه معظم هذه الوزارات قد أصبح خارج الخدمة وليس هناك نية لصيانته…فالحكومة قطعا قد رتبت أمرها لهذه الوزارات في مناطق أخري في الخرطوم ولكن لماذا لا تفكر الحكومة في توزيع هذه الوزارات علي عدد من المدن في الولايات الآمنة حسب نشاط كل وزارة وعلاقتها بالولاية والمدينة المحددة؟؟؟ لماذا التفكير فقط في تعود الحكومة وبمركزيتها القديمة التي أثرت كثيرا علي تحقيق التوازان في التنمية مما جعل ولاية الخرطوم هي قبلة كل أهل السودان وإنكشفت عورات هذا النهج والتفكير بعد إحتلال الخرطوم وتدميرها خلال هذه الحرب وتوقف الحياة تماما لأن كل شيئ مكانه الخرطوم…
نأمل أن الدعوة لعودة الحكومة الي الخرطوم مصحوبة بكل تلك الرؤي والأفكار التي تجعل العودة فعلاً ليس إجراء سياسي بقدر ما هو هدف عنصره الأساسي المواطن والوطن…

Exit mobile version