إقالة مدير مكتب ديبي.. محاولة إيجاد حل للأزمة في السودان

الأحداث – وكالات

يبدو أن الخطوة محاولة لإيجاد حلول سريعة للأزمة في السودان، خصوصاً في ظل الضغوط الأمريكية على الإمارات لوقف الحرب، ويُنظر إليها على أنها استجابة سريعة قد تكون ضرورية لإنهاء الصراع في السودان. من المحتمل أن تكون هذه الخطوة تهدف إلى طمأنة مؤيدي النظام في السودان وجنوب السودان.

إقالة جنرال
وتقول جيرين عيسى، المحللة السياسية لتشاد والرئيسة التنفيذية لمركز الاستثمار العربي الإفريقي إن إقالة أحد داعمي نظام محمد ديبي، إدريس بوي، ليست استثناءً، فقد تم استبداله بحكام من جنوب ليبيا مثل حفتر، وحكام من إفريقيا الوسطى، لا سيما جنوب السودان. من المؤكد أن إقالة الجنرال إدريس يوسف بوي سيكون لها تداعيات كبيرة، حيث كان له تأثير كبير داخليًا وخارجيًا على مدى السنوات الثلاث الماضية. معارضته لسياسات محمد إدريس ديبي بشأن قضية السودان ودعمه لقوات حميدتي جعلت العديد يشعرون بالارتياح لإقالته، وخاصة أفراد قبيلة الزغاوة.
العديد في تشاد، بمن فيهم الوزراء الذين كانت لهم خلافات شخصية مع إدريس يوسف بوي، قد يشعرون أيضاً بالارتياح. وعلى الصعيد الدولي، سيتم اعتبار إقالة بوي خسارة كبيرة للنظام، خاصة بالنسبة للشخصيات التي كانت تدعم بقوة مؤيدي حميدتي.

نقطة خلاف

السؤال الأكثر تداولاً اليوم في شوارع تشاد هو ما إذا كانت إقالة بوي نتيجة لضغوط من داعمي ديبي الأمنيين والسياسيين، أم أنها كانت ببساطة نتيجة للتوتر المستمر بين بوي وديبي. هناك تكهنات قوية بأنه قد يكون مرتبطًا بادعاءات قديمة ضد إدريس بوي تتعلق باختلاس أموال الدولة، وهو اتهام أدى إلى سجنه بمرسوم صادر عن محمد ديبي نفسه. ذكر ديبي في كتابه “من المهد إلى الرئاسة” أن إدريس يوسف بوي اختلس 12 مليون فرنك من الدولة. وعلى الرغم من أن بوي اعترف بالجريمة وأعاد الأموال، وحصل لاحقًا على عفو من ديبي لأسباب صحية، لا يزال السؤال قائمًا عما إذا كان ابتعاده عن النظام ناتجًا عن هذا الحادث.
فشل علاقة محمد ديبي مع الإمارات قد يكون أيضًا سببًا، حيث لم يكن هناك اجتماع مؤخرًا بين ديبي ورئيس الإمارات محمد بن زايد، رغم زيارة ديبي الأخيرة للإمارات. وهذا يشكل نقطة خلاف كبيرة، خصوصًا في ظل عدم قدرة ديبي على تأمين دعم قوي من الإمارات.

فشل علاقة

رفض الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد استقبال محمد ديبي لمدة عامين متتاليين، سواء في الحاضر أو الماضي، رغم عدة زيارات قام بها مسؤولون إماراتيون إلى نجامينا. يثير هذا التساؤلات حول الأسباب وراء ذلك.
“قدمت الإمارات دعماً لتشاد بلغ حوالي 500 مليون دولار، حيث تلقت تشاد معظم هذه المساعدات. كما قدمت الإمارات مركبات مدرعة لقوات التدخل السريع التشادية، إلى جانب معدات مدنية، وكل ذلك تحت مظلة المساعدات الإنسانية.”

**التساؤل الآن هو:** هل سيتمكن محمد ديبي من إعادة بناء علاقته مع فرنسا بعد فشله في تأمين الدعم المالي من مصادر متعددة للتغلب على الأزمة المالية التي تمر بها بلاده؟
وهل سيلعب دور زيارة رجال الأعمال الفرنسيين إلى إفريقيا قبل بضعة أيام، برفقة الوزير طاهر ولقاءاته مع رجال الأعمال في تشاد، خاصة في مجالات الطاقة والمياه والبنية التحتية، دوراً في إقالة إدريس ديبي؟

**إقالة إدريس يوسف بوي قد تُعتبر فرصة لمحمد ديبي لإعادة العلاقات مع حلفاء بعيدين، خاصة مع دول مثل السعودية، قطر، مصر، وأمريكا، التي تتقاسم مصالح مشتركة مع تشاد وقد تساهم في مساعدة تشاد للخروج من أزمتها المالية التي تثقل كاهل البلاد. وقد ينطبق هذا أيضًا على السودان، حيث تم اتخاذ قرار حاسم آخر بعد إقالة إدريس بوي بعد أيام من اجتماع في عنتيبي ضم السودان وتشاد. كان الاجتماع يهدف إلى إعادة بناء العلاقات بينهما، وتم الاتفاق على أن إدريس لعب دورًا كبيرًا في تعقيد الأمور بين تشاد والسودان.

**الاستفسار المتداول بين البعض هو: هل سيتحرك محمد ديبي لإقالة داعمي عمه وحتى أفراد عائلته المقربين الذين دعموا والده إدريس ديبي؟ وهل ستؤدي مثل هذه التحركات إلى حدوث انقسام داخل العائلة؟

**المجلس العسكري الانتقالي كرّم الإرث السياسي للراحل إدريس ديبي قبل أيام بإطلاق حركة وطنية لإنقاذ البلاد.

أما فيما يخص قوات التدخل السريع التي لعب إدريس بوي دوراً في تأسيسها، فقد كانت تُعتبر في السابق قوة موازية للحرس الوطني التشادي، بقيادة الجنرال طاهر. إلا أن المعارضة همّشت إدريس بوي بسبب موقفه المؤيد للزغاوة، وإقالته تشكل لحظة هامة أخرى في الصراع التشادي السوداني. وقد تم تسليط الضوء على دور قوات التدخل السريع، خاصة بعد اتهامات بالتدخل في الحرب السودانية وغيرها من الحوادث.

يذكر أن قوات التدخل السريع لا تزال تدعي أنها تشارك في 80% من الاشتباكات العسكرية الحالية، بينما تستمر الأطراف الأخرى في تشاد في الخلاف حول الانقسامات الداخلية، والمقاومة ضد حكم محمد ديبي تظل قائمة مع تشكيل تحالفات جديدة. يتوقع البعض تكرار التمرد الذي حدث عام 2008 عندما قادت فصائل الزغاوة تمردًا ضد ديبي، مما أدى إلى توحيد عدة مجموعات معارضة ضد نظامه.

“اجتمعنا قبل بضعة أيام وعقدنا اجتماعًا مع وزير المالية طاهر، الذي وعدهم باستثمارات بمئات الملايين، خاصة في مشاريع تتعلق بالطاقة والمياه والبنية التحتية. فهل لعبت هذه التهاني دورًا في إقالة إدريس ديبي؟

**إقالة إدريس يوسف ديبي قد تكون فرصة لمحمد حمدان دقلو (حميدتي) لإعادة بناء علاقاته مع حلفاء آخرين بعيدًا عن تحالفه الأخير مع دول مثل السعودية ومصر وقطر والولايات المتحدة، التي تشترك في مصالح متبادلة مع تشاد. وتجدر الإشارة إلى أن تشاد لعبت دورًا مهمًا في التأثير على الحرب السودانية التي نشأت بسبب الأزمة المالية التي لا تزال تهز الاقتصاد السوداني.

**إقالة إدريس ديبي، التي جاءت بعد اجتماع مع رؤساء الزغاوة وممثلين من تشاد والسودان ونيجيريا، لبحث إعادة تجديد العلاقات، خاصة مع تشاد، تظهر أن ديبي لعب دورًا أساسيًا في توترات تشاد والسودان.

يتساءل البعض ما إذا كان محمد ديبي سيظل متحالفاً مع حميدتي بعد أن دعمت غالبية الجنرالات الدينيين والده وعائلته، بما في ذلك عمه صالح ديبي. هل لم يوافق محمد ديبي على هذا؟

هل كان تكريم أعضاء المجلس العسكري الانتقالي شكلًا من أشكال الترحيب بعودة إدريس ديبي إلى السياسة، متبعًا خطى والده السياسية؟ خاصة مع توليه منصبًا رفيعًا بعد أول أيام عيد الفطر، عندما تم تعيين محمد ديبي في منصب كبير.

من وجهة نظر أخرى، ما هو مصير قوات الدعم السريع التي أسهم إدريس يوسف ديبي بشكل كبير في تأسيسها؟ يقال إنها قوة موازية للحرس الجمهوري بقيادة الجنرال طاهر. قام إدريس بذلك استجابةً لاتفاقيات تشكلت بين فصائل المعارضة حول قضية الزغاوة، والتي تم تهميشها لسنوات بسبب معارضتها التدخل في الحرب السودانية. وفاة إدريس إلى جانب أفراد آخرين خلق مواقف مختلفة. وتجدر الإشارة إلى أن 80% من قوات الدعم السريع تتألف من أفراد لهم صلة بإدريس والزغاوة.

بالإضافة إلى ذلك، لا تزال المعارضة في تشاد في حالة تأهب، وربما يظهر صراع جديد بين الزغاوة وداعمي إدريس ديبي قريبًا. يتوقع أن تحاول قوات المعارضة تنفيذ انقلاب، مشابه للانقلاب الفاشل في فبراير 2008.

وكما يعيد التاريخ نفسه، قد يقوم إدريس ديبي مرة أخرى بإقالة أصدقاء مثل عباس كوتي، رئيس العمليات، مع رجاله، تمامًا كما فعل والده مع الجنرال مادلوم، وزير الداخلية السابق. قام والده بالتخلص من العديد من أعضاء المجلس الذين دعموه سابقًا حتى أصبح إدريس رئيس تشاد. كان صديق طفولة ديبي والمساعد الجنرال إدريس يوسف هو القوة الدافعة وراء هذه التحركات.

الأمور غير واضحة، لكن يبدو أن الأيام المقبلة ستشهد العديد من المفاجآت، وقد تكون هناك تصعيدات أخرى قادمة مع أطراف أخرى!

Exit mobile version