تقارير

إصدار فئات عملة جديدة.. الإيجابيات والسلبيات

تقرير – رحاب عبدالله

في خطوة مفاجئة أعلن بنك السودان المركزي عن طرح طبعة ثانية من فئة ال500 جنيه ، وطرح فئة 2 الف جنيه لتلحق بفئة الالف جنيه التي تم اصدارها خلال استبدال العملة في 8 ولايات في ديسمبر 2024، وحملت الورقتين توقيع محافظ بنك السودان المركزي السابق برعي الصديق بتاريخ يونيو من العام الحالي 2025.

ولعل المفاجأة تأتي من كون انه قبل فترة تم تسريب صورة للعملة فئة 2 الف جنيه ،وتم نفي الاتجاه لإصدار عملة في الوقت الراهن تحت حجة الوضع الاقتصادي بسبب الحرب الدائرة التي دخلت عامها الثالث ، فضلا عن أن الغرابة تأتي من كون أن هنالك مناطق تم تحريرها من الدعم السريع ولم يتم إجراء عملية استبدال العملة، ولعل هذه كانت أولوية بسبب انها خلقت العديد من المشاكل.

ويأتي اصدار العملة في وقت فقدت فيه العملة الوطنية جزءا كبيرا من قيمتها امام العملات الاجنبية بلغت نحو 560% لان سعر الدولار الأمريكي في السوق الموازي بالسودان  بلغ 3700 جنيها، مقارنة بسعر 560 جنيها  في منتصف  أبريل 2023 يوم اندلاع الحرب.

ايحابيات الخطوة

النائب الاول لمحافظ بنك السودان المركزي الاسبق د.بدر الدين قرشي أوضح أن إصدار عملة جديدة من الفئة 2 الف جنيه و500 جنيه، على المدى القصير ربما يعمل على حل مشكلة السيولة ويساعد في استبدال العملة في الولايات التي كانت تحت وطأة الحرب اللعينة ، لكنه أشار إلى أنه على المدى المتوسط والطويل ربما يكون لها آثار جانبية للثقافة العامة لدى الجمهور الاحتفاظ بالكاش وعدم التعامل بالنقد الإلكتروني ، بالإضافة إلى تمدد نشاط السوق غير المنظم فى المضاربات فى تجارة العملة والسيارات والاراضي والعقارات.

تحذيرات

فيما حذر الخبير المصرفي وليد دليل من إصدار عملة جديدة أن يكون هناك غطاء نقدي أو ما يعادل القيمة المصدرة من أجل الحفاظ على قوة العملة وثقة الأسواق. مبينا أن الطباعة المفرطة دون غطاء تؤدي إلى التضخم وفقدان قيمة العملة، وأكد وليد أن طباعة النقود ليست مشكلة بحد ذاتها إذا كانت مدعومة بالإنتاج الفعلي والأصول الاقتصادية، ولكنها تصبح خطرا إذا لم يقابلها غطاء حقيقي أو نمو اقتصادي فعلي.

وأوضح أن الدولة يمكن أن تغطي النقد المطبوع بعدة طرق منها، الغطاء الذهبي أو الاحتياطي من المعادن النفيسة، او الغطاء بالعملات الأجنبية (احتياطي العملات الصعبة)، الغطاء بالإنتاج المحلي والأصول الاقتصادية

‏، فصلا عن الغطاء عن طريق الضرائب والإيرادات الحكومية، او الغطاء عن طريق القروض والديون.

ماذا يحدث إذا لم يوجد غطاء مناسب للنقد المطبوع؟

‏واوضح دليل ان ما يحدث إذا لم يوجد غطاء مناسب للنقد المطبوع هو التضخم المفرط: زيادة العرض النقدي دون وجود إنتاج يقابله يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، بالاضافة الى فقدان الثقة في العملة: المواطنون يفضلون الاحتفاظ بالعملات الأجنبية أو الذهب بدلاً من العملة المحلية.

انخفاض قيمة العملة: العملة المحلية تفقد قيمتها أمام العملات الأخرى.أزمات اقتصادية: تراجع القدرة الشرائية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

‏ الحل لتجنب الأضرار:

‏تحقيق توازن بين النقد المطبوع والإنتاج المحلي.

‏دعم العملة باحتياطيات قوية من العملات الأجنبية والذهب.

‏تعزيز الصادرات وزيادة، الإيرادات الحكومية،

‏إدارة السياسة النقدية بشكل مسؤول، ومنع طباعة النقد دون بالتالي، وقطع وليد ان طباعة النقود ليست مشكلة بحد ذاتها إذا كانت مدعومة بالإنتاج الفعلي والأصول الاقتصادية، ولكنها تصبح خطرًا إذا لم يقابلها غطاء حقيقي أو نمو اقتصادي فعلي.

*إصدار الفئات النقدية الكبيرة: عرضٌ لأزمة لا حلٌ لها*

وقال الخبير المصرفي المتخصص في الاستراتيجيات وتنمية الأعمال أيمن جاويش،

ان إصدار الفئات النقدية الكبيرة ليس حلًا للأزمة، بل هو عرضٌ لها، واعتبر في حديثه ل(الأحداث) ان الإصلاح الحقيقي يتطلب معالجة الأسباب الهيكلية للتضخم، مثل ضعف الإنتاج، العجز المالي، وسوء إدارة السياسات النقدية ،أما الثقة في العملة، اكد انها تُبنى بالإصلاح لا بالطباعة.

وقال ايمن انه في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعصف ببعض الدول، تلجأ الحكومات أحيانًا إلى إصدار فئات نقدية كبيرة كوسيلة لتسهيل المعاملات اليومية.

ورغم أن ايمن اعتبر هذه الخطوة تبدو عملية في ظاهرها، إلا أنه رأى غالبًا ما تعكس عمق الأزمة أكثر مما تساهم في حلها.

واضاف ايمن “في الدول التي تعاني من تضخم مفرط، وتدهور في قيمة العملة، وعدم استقرار مالي، يصبح إصدار فئة 50,000 أو 100,000 من العملة المحلية مؤشرًا على فقدان الثقة في القوة الشرائية للنقد، وغياب الحلول الهيكلية الحقيقية.

لافتا الى ان هنالك أمثلة صارخة من الواقع

شهد العالم حالات متطرفة، أبرزها زيمبابوي التي أصدرت ورقة نقدية بقيمة 100 تريليون دولار زيمبابوي في عام 2008، وسط تضخم تجاوز 79 مليار بالمئة. وفي فنزويلا، أُصدرت فئة مليون بوليفار بعد انهيار العملة نتيجة العقوبات والتضخم المفرط. أما السودان، فقد أضاف فئة 1000 جنيه سوداني في ظل تدهور مستمر لقيمة الجنيه وارتفاع الأسعار.

ماذا تقول النظريات الاقتصادية؟

وقال ايمن ان نظرية الكمية للنقود تؤكد أن زيادة الكتلة النقدية دون زيادة مقابلة في الإنتاج تؤدي إلى ارتفاع الأسعار.فيما تشير نظرية التوقعات العقلانية إلى أن الأفراد يتوقعون استمرار التضخم، مما يقلل من فعالية السياسات النقدية.اما نظرية الثقة النقدية تفترض أن الثقة في العملة ترتبط بثبات قيمتها، وإصدار فئات كبيرة يضعف هذه الثقة.

وأكد الخبير الاقتصادي د.محمد الناير ان إصدار فئات جديدة هو استكمال لإصدار فئة الالف جنيه التي بدأت بتبديل جزئي للعملة وهذه أيضا مواصلة للتعديل الجزئي للعملة لانه مازالت هنالك فئة الـ 100 جنيه و200 جنيه وهي تمضي الان في ان لا يكون لها قوة شرائية بعد ان اصبحت ضعيفة ، ورأى الناير ان ضخ العملة الجديدة يمكن أن يحدث أثرا إيجابيا مؤقتا وليس دائما في المرحلة القادمة ، ودعا لأهمية ضح العملة الجديدة وفقا لحسابات دقيقة لا يكون لديها آثار تضخمية فضلا عن ان كل المواطنين تعودوا على التعاملات المصرفية عبر الموبايل والتطبيقات المصرفية، وأعرب الناير عن أمله في ان لا تؤدي كثرة الكاش وضخ الفئات الجديدة إلى التراجع عن هذه الخطوة الجيدة التي كسبها الاقتصاد، مقرا بأنه صحيح هنالك بعض المعوقات التي تواجه ذلك في بعض الأوقات، لكنه اردف” تم التعود عليها ، ولا نريد أن تكون سببا الاحتفاظ بالكاش في المنازل خاصة وان فئة الالفين ستكون مغرية للاحتفاظ بها”، وأبدى خشيته ان تكون سببا لخروج الكتلة النقدية مرة أخرى من الجهاز المصرفي ، مشيرا إلى أنه قبل الحرب كان اكثر من 90% منها خارج الجهاز المصرفي، واعتبرها معادلة مشوهة جدا ولكن بدأت التوازن في فترة استبدال العملة والاعتماد على التطبيقات المصرفية، وأعرب عن امله في ضخ الفئات بحسابات دقيقة بحيث لا تعيد مرة أخرى للاحتفاظ بالكاش والسيولة في المنازل ، لافتا إلى أن ذلك خلال فترة الحرب عرض الأموال للنهب ويمكن ان يكون ذلك بمثابة توعية، منوها إلى أنه اذا تم رصد حجم المبالغ المنهوبة من المنازل سيكون رقم مفاجئ للجميع، وبالتالي رأى الناير أهمية الا يستسهل المواطن وجود فئة الـ2 الف للاحتفاظ بالاموال في المنزل والعودة للعقلية السابقة، ورأى ان الحل الانجع يمكن أن يتم في 2026 حتى وان لم تتمكن السلطات من طباعة العملة الجديدة وتغييرها كليا يمكن خلال الربع الأول أن يتم استبدال كامل للعملة والتفكير الجدي في مسألة حذف اصفار حتى تعيد الالق مرة أخرى الفئات الدنيا وتعود مرة أخرى للعمل في الاقتصاد، ورأى أنه هذا هو التفكير الاسلم كواحد من عناصر تصحيح مسار الاقتصاد بصورة جذرية فيما يلي إعادة النظر في التركيبة الفئوية للعملة السودانية، لافتا إلى انه سياسة بنك السودان النقدية للعام 2025 نصت صراحة بما نادينا به دائما بإعادة النظر في التركيبة الفئوية للعملة السودانية ولكن ما تم هو جزئيا، ودعا لان يتم كليا وإلغاء العملات التي لم يكن لها قوة شرائية وحذف اصفار وطباعة العملات بما يتوافق مع القيمة ما بعد حذف الاصفار، وراى انها ستخلق تحسن في الاقتصاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى