تقارير

إخوة موسيفيني يدخلون المعترك السياسي في أوغندا: طموحات تتجاوز الظل الرئاسي

رغم هيمنة يويري موسيفيني على المشهد السياسي في أوغندا لما يقارب أربعة عقود، يبدو أن أفراداً من عائلته باتوا يتطلعون للجلوس إلى جانبه على طاولة السلطة. لكن هذه المرة، لا يتعلق الأمر بشقيقه النافذ الجنرال سليم صالح، ولا بابنه قائد الجيش الجنرال موهوزي كاينيروغابا، بل بإخوته الأقل شهرة.

يحمل موسيفيني اسمين وسطى: “تيبوهابوروا” الذي يعني “من لا يُنصح” بلغة الرونيانكوري، و”كاغوتا” المأخوذ من اسم والده. الإخوة الذين يسعون الآن إلى المناصب السياسية يحملون اسم “كاغوتا”.

القادمون الجدد

بالنسبة لأحدهم، آين غودفري كاغوتا، فإن فوزه بمقعد في البرلمان العام المقبل شبه مؤكد. أما مصير شقيقه نزيري سيدراك كاغوتا، فسيُحسم من قبل حزب “الحركة الوطنية المقاومة” الحاكم قبل نهاية أغسطس، حيث يتنافس على منصب نائب الرئيس الوطني للمنطقة الغربية.

قال آين كاغوتا: “كوني شقيق الرئيس لا يعني أنني غني. أنا مفلس، وكل ما أملكه جنيته بجهدي”. ويُعد هذا أول منصب سياسي له، وقد ساهم تدخل موسيفيني الحاسم في تمهيد الطريق أمامه.

من المقرر أن يمثل آين منطقة “ماواغولا نورث” في مقاطعة سيمبابولي، خلفاً لشارتسي موشيروري، ابنة وزير الخارجية السابق سام كوتيسا، وتوأم شارلوت كاينيروغابا، زوجة الجنرال موهوزي.

كوتيسا، الذي يُعد الشخص الوحيد الذي هزم موسيفيني في انتخابات عام 1980، شغل مقعد “ماواغولا نورث” لما يقارب أربعة عقود، كما تولى وزارة الخارجية لمدة عشرين عاماً حتى تقاعده في 2021.

في انتخابات الحزب عام 2021، فازت ابنته على آين كاغوتا في منافسة شرسة، ما دفع موسيفيني وكبار مسؤولي الحزب للتدخل وإقناع آين بالانسحاب. لكن هذه المرة، يبدو أن الكفة تميل لصالحه.

أما نزيري كاغوتا، فقد شغل سابقاً منصب رئيس الحزب في مقاطعة كيروهورا، مسقط رأس موسيفيني، ويتفاخر بأنه ساهم في حصول شقيقه على أكثر من 99% من الأصوات الرئاسية في الانتخابات السابقة.

“يريدون أن يُعترف بهم”

يسير الأخوان على حبل سياسي مشدود، إذ يربطان نفسيهما بموسيفيني حيناً، ويتنصلان منه حيناً آخر، حسب السياق.

قال آين كاغوتا للصحفيين المحليين: “هل هناك ما يمنعني من دخول السياسة؟ الرئيس موسيفيني له قضاياه، وأنا لي قضاياي. لكل شخص الحق في الترشح”. وأضاف: “أحتاج إلى هوية خاصة بي. في هذا العمر، لا يمكنني أن أعيش في ظل أحد”.

وخلال حملته الانتخابية، روى قصة بداياته المتواضعة، قائلاً إنه عاش عام 2006 في منزل صغير بضاحية في كمبالا دون كهرباء، وكان يعتمد على ضوء الشموع. كما أكد أنه لم يتلقَ من موسيفيني سوى 15 مليون شلن أوغندي (حوالي 4500 دولار) طوال حياته.

أما نزيري، فقد عبّر عن مشاعر مشابهة في مقابلة مع التلفزيون الرسمي، قائلاً: “أنا من تلك العائلة، ولا يمكن القول إن شخصاً واحداً فقط اختير للقيادة”. وأضاف: “كوني شقيقهم لا يكفي. أحتاج إلى هوية خاصة بي. لهذا أنا أترشح، لا بصفتي فرداً من هذه العائلة، بل بصفتي نزيري كاغوتا”.

ومع ذلك، أقر بأن اسم موسيفيني يمثل علامة تجارية وميزة إضافية، قائلاً: “أشكر الله على ما أنجزوه، لكنني لا أستخدم اسم العائلة كعلامة تجارية”.

تحفظات موسيفيني

في العلن، لم يُظهر الرئيس موسيفيني دائماً دعماً لطموحات إخوته السياسية، بل نأى بنفسه عن تحركاتهم في بعض الأحيان. ففي عام 2021، وبعد أن أثارت حملة آين كاغوتا جدلاً، استشهد موسيفيني بآيات من الإنجيل على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلاً: “لا ينبغي أن يُذكر اسمي عندما يترشح أقاربي. كما قال يسوع في إنجيل متى 12:46-50، إخوتي هم من يعملون بمشيئة أبي”.

ومع ذلك، شدد موسيفيني على أن لأقاربه نفس الحقوق السياسية التي يتمتع بها أي مواطن آخر.

محللون: لا إصلاح بل ترسيخ للنفوذ

يرى الباحث السياسي يوسف سيرونكوما أن إخوة موسيفيني لا يدخلون السياسة بهدف الإصلاح أو التغيير، بل لتعزيز ما استفادوا منه بالفعل. وقال: “هم لا يذهبون إلى البرلمان ليقولوا إنهم سيصلحون الحكومة. لقد استفادوا منها مسبقاً”.

ويضيف أن الأمر لا يتعلق بالمكاسب الاقتصادية، بل بالرغبة في الظهور: “هم بالفعل أثرياء، لكنهم غير معروفين. يريدون أن يُروا، أن يُخاطبوا بالألقاب، أن يُدعوا إلى الإذاعات لإبداء آرائهم”.

قبضة العائلة على السلطة

يسعى إخوة كاغوتا إلى السلطة في وقت تُحكم فيه قبضة عائلة موسيفيني على السياسة الأوغندية أكثر من أي وقت مضى.

الجنرال سليم صالح، رغم عدم توليه منصباً حكومياً رسمياً سوى رئاسة برنامج “خلق الثروة”، يُنظر إليه على أنه ثاني أقوى شخصية في البلاد. ويصفه سيرونكوما بأنه “الرئيس المشارك”، إذ تحوّل منزله في مدينة غولو شمال البلاد إلى وجهة سياسية يقصدها السياسيون من مختلف الأحزاب طلباً للدعم.

أما السيدة الأولى جانيت موسيفيني، فلها نفوذها الخاص، إذ شغلت منصب نائبة في البرلمان، ووزيرة لشؤون كاراموجا، وتتولى حالياً وزارة التعليم. ويُنظر إليها كقوة مؤثرة خلف الكواليس في التعيينات الحزبية.

الجنرال موهوزي كاينيروغابا، قائد الجيش، يبني قاعدة سياسية منذ أكثر من ثلاث سنوات، ويُقدّم نفسه علناً كوريث محتمل لوالده. أطلق حركة MK نسبة إلى حروف اسمه، ثم أعاد تسميتها إلى “رابطة الوطنيين الأوغنديين”، وعيّن موسيفيني عدداً من رموزها في الحكومة عام 2024.

كما ينشط أودريك رواوبوغو، صهر موسيفيني وزوج ابنته الثانية باتينس، والذي يشغل منصب مستشار رئاسي للاستثمار. ولم تعد طموحاته الرئاسية سراً، إذ ظهرت منافسته مع موهوزي علناً، بما في ذلك تبادل الانتقادات عبر منصة X، ما أثار تكهنات حول صراع خلافة داخل العائلة.

الباب ليس دائماً مفتوحاً

عندما قررت جانيت موسيفيني الترشح للبرلمان عام 2005، عارض زوجها الخطوة في البداية، قائلاً: “أنا وهيئة الحركة كانت لدينا تحفظات، لكن شعب روهاما كتب وطلب منها الترشح”. وفي مذكراتها “رحلة حياتي”، كتبت: “من بين كل الأمور التي توقعت أن أفعلها في حياتي، لم يكن دخول السياسة النشطة ضمنها”.

وبالمثل، عندما ترشح رواوبوغو لمنصب نائب رئيس الحزب عام 2016، يُقال إن موسيفيني قاد المعارضة ضده.

ترسيخ النفوذ باسم العائلة

يرى المحلل السياسي موامبوتسيا ندبيسا أن دخول إخوة موسيفيني وأفراد عائلته إلى السياسة يبدو مدروساً، بهدف تعزيز النفوذ. وقال: “يسعون إلى تسييس ما حصلوا عليه بالفعل والسيطرة عليه”.

ويخالف ندبيسا ما يقوله إخوة موسيفيني، مؤكداً أنهم يستخدمون اسم العائلة لتحقيق مكاسب سياسية، قائلاً: “يركبون موجة شهرة الاسم لترسيخ السلطة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى