أقليم بني شنقول…أصداء من تاريخ قريب 1

امين حسن عمر 

إقليم بني شنقول-قمز يعود للواجهة بعدما إتخذته أثيوبيا منصة للهجوم على ولاية النيل الأزرق وأثيوبيا قد تعلم أن إثارة مسألة إقليم بني شنقول قد يفجر المنطقة بإسرها فهي إن كانت تجهل فتلك مصيبة و إن كانت تعلم وآثرت التجاهل فتلك مصيبة أكبر فقصة الإقليم من أكثر الملفات التاريخية والسياسية تعقيداً في منطقة القرن الأفريقي، نظراً لإرتباطها الوثيق بالتداخل القبلي والحدودي بين السودان وإثيوبيا.
​وخلفيات ذلك ترجع لتبعية هذا الإقليم وتاريخ انتقاله من السيادة السودانية إلى الإثيوبية

​فتاريخياً، كان إقليم بني شنقول جزءاً لا يتجزأ من الممالك السودانية القديمة، وتحديداً سلطنة الفونج (السلطنة الزرقاء) التي اتخذت من “سنار” عاصمة لها.
​وكان على مدى التاريخ ولا تزال تسكنه قبائل (البرتا، القمز، والشناشة) وهي قبائل سودانية أصيلة، وتمتد جذورها وأفرعها داخل العمق السوداني الحالي (ولاية النيل الأزرق).
​أما في العهد التركي المصري و عندما غزا محمد علي باشا السودان عام 1821، كان أحد أهدافه الرئيسية الوصول إلى جبال بني شنقول للحصول على الذهب وتجنيد الرجال الشداد من هناك ،وظل الإقليم تحت الإدارة الإدارية للسودان التركي ثم الدولة المهدية.
​ حتى جاءت إتفاقية عام 1902 لتمثل نقطة التحول
​وإنتقل الإقليم بعدها رسمياً من السيادة السودانية إلى الإثيوبية بموجب معاهدة أديس أبابا (15 مايو 1902)، والتي وقعت بين بريطانيا (بصفتها القوة المستعمرة للسودان آنذاك) والإمبراطور “منليك الثاني” ملك إثيوبيا.
​والسؤال هو لماذا تنازلت بريطانيا عن الإقليم؟
​فعلت ذلك تضية إمبراطور إثيوبيا فقد أرادت بريطانيا كسب ود الإمبراطور منليك الثاني لضمان استقرار حدود مستعمراتها ومنع تمدد النفوذ الفرنسي في المنطقة.
​وأهم من ذلك كانت بريطانيا تسعي لتأمين منابع النيل بينما كانت تهم ببناء خزان سنار لتوفير المياه لمشروع الجزيرة والذي يراد له توفير القطن لمصانع لانكشير في بريطانيا وكان المقابل الذي حصلت عليه بريطانيا هو تعهد إثيوبيا بعدم إقامة أية منشآت مائية على النيل الأزرق أو بحيرة تانا تعيق تدفق المياه إلى السودان ومصر (وهي النقطة
التي يرتكز عليها الجدل الحالي حول سد النهضة).
كما عقدت بريطانيا اتفاقية مع مصر هي إتفاقية عام 1902 لتنظيم تدفق مياه النيل من السودان لمصر وتشييد خزان سنار على النيل الأزرق .

​وأما في بني شنقول فلا يزال الوضع الديموغرافي والسياسي الحالي
​هو ذاته رغم انتقال الإقليم إدارياً لإثيوبيا، إلا أن الروابط لم تنقطع
​و لا تزال القبائل في بني شنقول تشترك مع قبائل النيل الأزرق في السودان في اللغة، العادات، وكما تشترك معها في الدين والمذهب الاسلام ونشأت حركات مطالبة بتحرير الإقليم أو ضمه مرة أخرى للسودان . .
​ وراهن الحال أن سد النهضة الإثيوبي يقع داخل هذا الإقليم تحديداً، وعلى بُعد نحو 15 كيلومتراً فقط من الحدود السودانية، مما يعيد تسليط الضوء على الأهمية الاستراتيجية والتاريخية لهذه المنطقة.
​وتحول الإقليم من السودان إلى إثيوبيا كان نتيجة صفقة سياسية استعمارية لم تراعي الامتداد العرقي والثقافي للسكان، بل ركزت على رسم الحدود السياسية بين القوى الدولية وعلى مصالحها الاستعمارية في ذلك الوقت

نواصل

Exit mobile version