السر السيد
يمكن التوثيق لحضور أفريقيا على صعيد الدراسات النظرية في المسرح السوداني من تاريخ صدور كتاب (في المسرحية الأفريقية) للأستاذ جمال محمد أحمد الذي نشرته دار نشر جامعة الخرطوم في العام 1974م، وكتاب (ملامح وإضاءات.. القيم الفكرية والجمالية بين المسرح والتراث التقليدي الأفريقي) الذي صدر عن مركز عبدالكريم ميرغني قبل سنوات لمؤلفه الأكاديمي والمخرج مأمون زروق.
أما على صعيد النص والعرض المسرحيين فنشير إلى أن حركتنا المسرحية قد عرفت ومنذ سبعينيات القرن الماضي الترجمة لبعض المسرحيات الأفريقية فقد ترجمت د.سلمى بابكر مسرحية “السلالة القوية” وترجم الشاعر النور عثمان أبكر مسرحية “الأسد والجوهرة” والمسرحيتان نشرتا في مجلة معهد الموسيقى والمسرح وترجم الباحث والمؤلف المسرحي الأستاذ حبيب مدثر مسرحية “سكان المستنقع” ونشرت في كتاب والمسرحية نفسها ترجمها التشكيلي عثمان وقيع ونشرت ضمن سلسلة كتاب الخرطوم الذي كانت تنشره مجلة الخرطوم والثلاثة مسرحيات كما هو معلوم من تأليف الكاتب المسرحي والروائي النيجيري وولي شوينكا وترجم الأستاذ أحمد طه أمفريب مسرحية الجزيرة لأثول فوجارد ونشرها نادي المسرح السوداني في العام 1991.
ألفت نظر القارئ والقارئة إلى ان مسرحيات السلالة القوية والأسد والجوهرة وسكان المستنقع قد عرضت على خشبات المسارح في مناسبات مختلفة، فقد عرضت مسرحية الأسد والجوهرة بعد أن أعدها وسودنها الأستاذ عثمان علي الفكي على خشبة المسرح القومي وعرضت مسرحية سكان المستنقع بعد أن تم تغيير إسمها إلى أهل البلد على خشبة المسرح القومي أما مسرحية السلالة القوية فقد عرضت على خشبة المعهد العالي للموسيقى والمسرح وأماكن أخرى
ومسرحية “الجزيرة” عرضت بدورها في اكثر من مكان ومناسبة منها خشبة مسرح المعهد العالي للموسيقى والمسرح.
من جانب آخر ونحن نبحث في موقع أفريقيا الأفريقي في نسيج تجربتنا المسرحية لا يفوتنا أن نشير إلى الكثير من المسرحيات الأفريقية التي قدمت ضمن مشاريع طلاب المسرح وتحديداً مشاريع التخرج في “شعبة التمثيل والإخراج بقسم المسرح في المعهد العالي للموسيقى والمسرح آنذاك “كلية الموسيقى والدراما –جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا حالياً” كمسرحيات “سوزي بانز قد مات” و”الطريق إلى مكة” لاثول فوجارد ومسرحية “اوكونكو” والتي هي عبارة عن إعداد لرواية “الأشياء تتداعى “للكاتب جنو أجيبي ومسرحية “الناسك الأسود” للكاتب جيمس نغوغي وغير ذلك من المسرحيات التي لا يسع المجال لذكرها، هذا على صعيد الترجمة والإعداد والسودنة والعرض أما على صعيد ما يمكن أن نصفه بمقاربة ومناقشة الموضوعات ذات الصلة بالواقع الأفريقي والحياة الأفريقية في تمظهراتها المختلفة على أصعدة التاريخ والمصير المشترك والثقافة والسياسة والاجتماع فسنقف على حقيقة أن المسرح السوداني لم يكن بعيداً عن هموم القارة الأم وقضاياها الاستراتيجية والتي تأتي في مقدمتها قضية الفصل العنصري والذاكرة التي تغذيه والتي نعني بها “تجارة الرقيق” وقضية الاستعمار ونقيضه والذي هو حركات التحرر الوطني الأفريقي ورموزها فقد كتب شاعر أفريقيا الشاعر السوداني محمد مفتاح الفيتوري مسرحية “سولارا او أحزان أفريقيا” التي جسد فيها بشاعة الرجل الأبيض ومعاناة الأفارقة وهم يهجرون عنوة من أوطانهم عبيداً في حقول الرجل الأبيض ومصانعه وهم بين خيارين أما الموت واما العبودية اما فيما يتعلق بالاستعمار وحركات التحرر الوطني واستناداً على (كتاب الأدب المسرحي فى السودان: نشأته وتطوره) للدكتور بشير عباس فسنقف عند مسرحية “نهاية المسرحية” التي كتبها الاستاذ ميرغنى حسن ياسين و نشرتها مجلة “صوت المرأة” في مارس 1962 والتي ناقشت موضوعة الاستعمار كظاهرة عالمية فى مقابل المقاومة له من خلال ثورة الكنغو ورمزها المناضل “باتريس لوممبا” ونضاله من أجل الاستقلال حتى اغتياله، وسنقف وفى ذات الاتجاه عند مسرحية “المائدة الحمراء” التي كتبها الاستاذ الطاهر عبدالكريم ونشرتها مكتبة الكيلاني بالقاهرة “بدون تاريخ” والتى بدورها ناقشت وابانت دور الاستعمار وشركاته وعملائه في الداخل في اغتيال رموز التحرر الوطني الافريقي والعمل على اجهاض الثورة وقتل أحلام الشعوب ونهب مواردها.