تقارير

أعدادهم في تزايد مستمر .. اللاجئون السودانيون في ليبيا تحولوا إلى كرت سياسي بين حكومتي الدبيبة وحفتر

تقرير – أمير عبدالماجد

لا يعرف قيمة جرعة الماء إلا من عبر الصحراء على الحدود الليبية السودانية التشادية، حيث الكثبان العالية والرمال الممتدة التي لا تنتهي والعطش والجوع الممتد، هنا لا مجال للحياة اطلاقاً، إذ لا توجد مياه ولا أشجار ولا حياة لو نفد منك الماء والغذاء فأنت هالك ولو ضللت الطريق وهو أمر يحدث كثيراً لمن يغامرون بالدخول إلى عمق هذه الصحراء القاحلة دون خبرة ودون دراية بدروبها ومسالكها.

هلاك فارين
آلاف هلكوا في هذا الطريق وأثار هلاكهم قد تجدها خصوصاً الحديثة منها على الطريق، جماجم وبقايا عظام بشرية وأخرى لحيوانات هلكت في الصحراء، طريق لا يسلكه إلا المضطر وهو ماحدث لآلاف السودانيين الذي زحفوا من السودان هرباً من الحرب إلى مدن جنوب ليبيا وخصوصاً مدينة بنغازي التي يمكن القول إنها المدينة الليبية الوحيدة التي يمكن أن تحتمل اعداداً من السودانيين الفارين لكنها أيضاً وبالضرورة لا تحتمل أعداد كبيرة لأن بنغازي نفسها مدينة صغيرة مقارنة ببنغازي وطرابلس وخدماتها محدودة و”على قدرها”، لذا فقد شكل وصول آلاف الفارين من السودان إليها ضغطاً كبيراً على خدماتها وعلى مواردها دفع الناطق باسم بلدية الكُفرة عبد الله سليمان للقول إن أعداد المهاجرين من السودان إلى الكفرة وصلت إلى نحو ثلث سكان المدينة وأن وضعهم الإنساني يزداد سوءاً في ظل معاناة السلطات المحلية ببلدية الكفرة من عراقيل عدة بسبب عدم قدرتها على السيطرة على الأوضاع الميدانية، وأضاف أن الفرق الطبية والإغاثية في البلدية رصدت وجود أكثر من 100 مهاجر مصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة (إيدز)، وأكثر من 800 مصابين بالتهاب الكبد الوبائي، وأبدى تخوفه من إمكانية تفشي أمراض بين المواطنين في حال عدم دعم جهود البلدية في ظل تزايد تدفق المهاجرين يومياً وهو وضع بطبيعة الحال يلقي بظلاله السالبة على اللاجئين والمواطنين معاً.

وضع كارثي
فبعد رحلة الصحراء القاسية يجد الفار نفسه أمام وضع كارثي في الكفرة وما جاورها وهو وضع مع اشتداد الأزمات دفع بعضهم إلى محاولة الوصول إلى أجدابيا وبنغازي.. يقول أنور الزوي الناشط في مجال الإغاثة إن الوضع كارثي في ظل وجود مئات من المهاجرين العالقين وسط الصحراء في منطقة المثلث الحدودي بين ليبيا والسودان وتشاد، وفي ظل تكدس اللاجئين والقدرات الضعيفة لبلدية الكفرة وهي قدرات تتناقص يوماً بعد يوم مع تزايد عدد المهاجرين، في حين لم تتلقَ البلدية أي دعم حقيقي يتناسب مع حجم الأزمة، وأضاف “المنظمات الدولية لا تجيد سوى نشر إحصاءات لا تذكر مصادرها في حين أنها يجب أن تساهم في وضع حلول قبل أن تنفجر الأوضاع فالكُفرة لم تعد قادرة على استقبال مزيد من المهاجرين كما أن هناك طرق أخرى لوصول المهاجرين تحديداً عبر تشاد وصولاً إلى مرزق والقطرون جنوب غربي ليبيا، إذ يوجد هناك أيضاً عدد من المهاجرين يعانون بدورهم من مشكلات عدة والحلّ يتمثل في أن تنشئ هذه المنظمات مخيمات لاستقبال المهاجرين ومد يد العون بالغذاء والدواء للمنكوبين، والتوقف عن تسويق الدعايات الإغاثية التي لا تتجاوز إعلان الأرقام”، وتابع “الأوضاع ساءت وستتدهور أكثر بسبب دخول قضية اللاجئين السودانيين إلى خط التجاذبات السياسية داخل ليبيا وخارجها”.

تحقيق نقاط
ويقول المحلل السياسي الليبي أشرف الشح إن حكومة طرابلس المعادية لحكومة بنغازي طرحت مبادرة لحل الأزمة السودانية بلقاء بين البرهان وحميدتي في ظل تبادل الاتهامات بين حكومة السودان وخليفة حفتر الذي تتهمه الخرطوم بارسال الأسلحة إلى قوات الدعم السريع وهو اتهام رغم نفي الأخير له يظل موضوعياً لأن حميدتي مقرب من خليفة حفتر وتجمعهما مصالح مشتركة، والجميع يذكر أن حفتر عندما قرر تشديد الخناق على حكومة طرابلس، وأرسل أغلب قواته لمهاجمة طرابلس، في أبريل 2019 استعان بحميدتي الذي أرسل له نحو ألف من قواته لحماية بنغازي وتمكين قوات حفتر من الهجوم على طرابلس، لذا فان حفتر لن يسمح للدبيبة الذي يبحث عن أي انتصار سياسي بتحقيق نقاط من أزمة السودان، ويواصل “هناك تنافس بين الدبيبة ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ويحاول الدبيبة الآن أن يظهر كلاعب مؤثر في الشأن الإقليمي، خاصة بعد تراجع شعبيته ووضعه الداخلي، كما ان طرحه لاي مبادرة ستفتح له أوراقا للتواصل مع الأطراف المتضادة في الشأن السوداني إذ تمكنه من تكثيف التواصل مع الإمارات التي تدعم حميدتي وكذلك تمكنه من التواصل مع مصر التي تدعم البرهان، ومعلوم أن القاهرة ليست على وفاق مع الدبيبة وتسعى لإزاحته”، وتابع “الدبيبة لا يسعى لحل أزمة السودان بقدر ما يسعي لحل أزمته عبر الازمة السودانية، أما حفتر فيقاتل هنا سياسياً على جبهتين داخليا لمنع تحقيق اي نجاحات فيما يتعلق بملف اللاجئين السودانيين وصولاً إلى مبادرة لحل الازمة وخارجياً ضد الحكومة السودانية والجيش السوداني الذي يتهمه بنقل الإمدادات لمليشيا الدعم السريع”، وقال “تحول السودانيين اللاجئين إلى كرت سياسي في ليبيا سيضر بهم ويضربهم في مقتل”.

أعداد لاجئين
وكانت الهيئة الطبية الدولية وهي أول منظمة إنسانية في ليبيا تعمل على فرق الاستجابة السريعة في مدينة الكفرة قد قدرت العدد الإجمالي للاجئين السودانيين بها بـ45 ألف لاجئ معظمهم موجود في منطقة تسمي بـ(المزرعة) في الكفرة، وقد استضافت هذه المزرعة ما يقرب من 15 ألف شخص في جميع هذه المواقع، وتستقبل يومياً عدد يتراوح بين 250 إلى 300 وافد جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى