رأي

أحزاب الأمة والسقوط المدوي في نهج التسوية الاستسلامية (1 – 2)

حاتم حسن بخيت

1//
ظلت العاصمة الخرطوم على مر التاريخ مركزا للأحزاب السياسية السودانية ومقر لنشاطتها رغم وجود أفرع لبعضها في بعض من مدن ولايات البلاد يمكن أن تكون ملاذا لانشطة قيادتها إذا ما دفعتها ظروف قاهرة للانسحاب إليها لكن حينما اندلعت الحرب في قلب العاصمة انسحبت قيادات الأحزاب إلى الولايات الآمنة لكن دون توظيف مقراتها الولائية لنشاطها حزبي بديل لمواجهة الخطر المحدق بالبلاد أو تستنفر جماهيرها في هذه المواجهة بل وضح أن ثباتها مخفية في تلك الولايات أنها بلا جماهير هناك أو على الاقل أنها ليست مشغولة بها مما يؤكد معه أن شرط الجماهيرية لتكوين الحزب السياسي غير متوفر لدى كثير من مسميات الاحزاب في بلادنا بل لم تمتلك هذه الاحزاب طوال فترة دوران الحرب أي حراك جماهيري منتظم ينمي قدرات عضويتها حزبيا ويطور من الوعي السياسي لجماهيرها على ضعفها وقلة عددها تنظيميا تجاه القضايا العامة للمجتمع والدولة ليكون هذا الوعي زاد المجتمع للتصدي لمعالجة هذه القضايا في أوقات الأزمات والتحديات الوطنية الكبري التي تواجهها البلاد مثل المخطط الدولي والاقليمي الماثل تنفيذه الان بتعاون مكثف لقوى عسكرية و حزبية سياسية محلية وأجنبية من خلال الحرب الدائرة منذ العام الماضي لتفكيك بلادنا
2//
وإن كانت الحرب الغادرة بالسودان قد اندلعت وانتشرت ابتداءا في عاصمة البلاد وكان مفهوما أن تنسحب الاجهزة والقوى المدنية من ساحة المواجهات والمعارك إلى مناطق اكثر امنا في الداخل السوداني الا ان الحرب بحمد الله لم تمتد لمساحات كبيرة من ارض الوطن حتى بعد ان قارب استمرارها اكمال عامين فالمنطقة الممتدة من امدرمان القديمة وحتى تخوم ساحل البلاد الشرقي من البحر الاحمر الي كسلا والقضارف وانحدارا إلى اسفل النيل الازرق وشمالا حتى نهايات حدود وادي حلفا الشمالية. والتي تمتد فيها مئات الاف من الكيلومترات ويتجمع فيها اكتظاظ بشري كثيف الوجود وكبير السعة وحدثت له تضاعيف عددية اضافية بفعل نزوح السكان من مناطق أخرى تأثرت بالحرب واندمجت فئاتهم في مجتمعات المدن الكبري الموزعة في تلك المناطق والتي تقوم فيها مؤسسات دولة بكامل أعبائها وواجباتها ومهامها ويستمر فيها دولاب الحياة بشكل تراتبي طبيعي رغم طابع الوتيرة الاستثنائية في بعض الحالات المرتبطة بالتامين الامني والعسكري الذي تفرضه ضرورات الحرب ورغم ذلك لا توجد أي سمة لاي حياة حزبية وسط تلك المدن وتجمعاتها السكانية في مدن كبرى مثل كسلا والقضارف و وشندي والدامر وعطبرة ودنقلا وحلفا الجديدة والدمازين تساند جماهير الشعب وتحضها على تحمل تبعات الحرب الظالمة عليها وتقوم بواجبات توعية وتثقيف حول مجريات الاحداث والمعارك تحصينا للمواطنين من غلو الشائعات المضادة بل لم يسمع احد ان حزب ما فتح له اي مقر من مقراته في اي مدينة من مدن النزوح لايواء اسر تشردت أو اقام تكايا اطعام تكافلي في احد مقراته في تلك المدن مثل التي قام بها العديد من الافراد ايثارا. واحتسابا من رموز المجتمع الاهلي وعجزت عنها احزاب تتمتع قياداتها بالثراء المعلن وتمتلك شركات استثمار وتعدين الذهب فضلا عن مشاركتها في شبكات التصدير والاستيراد المتداخلة المصالح مع جزء من جهاز الدولة في احيان كثيرة وبذلك اظهرت قيادات ورموز الاحزاب عجزا مريعا في مقابلة أعباء الحرب
3//
بل تكاد هذه المدن الكبري تسجل بجلاء فاضح غياب أي مؤشر حياة حزبية فيها وذلك رغم ان قيادات العديد من الاحزاب اثرت في البدء في الهرب من الخرطوم إلى تلك المدن و المناطق ظنا من البعض انها لجأت إلى هناك لاعادة تنظيم صفوف قواعدها لمواجهة المخاطر التي أحدقت بالبلاد لكن وضح انها لم تنزح لتمارس دورا وطنيا واخلاقيا مرتجى تجاه جماهير شعبها ولكنها تخيرت لنفسها الانكفاء والبيات الذاتي ليتسني لها الترقب بسلام للنتائج المنتظرة لما قد تسفر عنه نهاية هذه الحرب بل فضل الغالب الاعم من قيادات هذه الاحزاب والتنظيمات السياسية لاحقا حتى تلك التي تدعي مؤازرة موقف الجيش السوداني ضد المليشيا المجرمة الهرب خارج البلاد بحثا عن سلامة الروح والمال والولد ومتابعة الموقف من قاعات الائتمار المكيفة وصالات المناسبات الاجتماعية وفضاءات. المقاهي والانشطة الاجتماعية وسط تجمعات اللاجئين ليختاروا في نهاية الحرب تموضعهم الذي ينسجم مع مصالحهم التاريخية التي لاحياد عنها في تقديراتهم الابدية وذلك دون ادني استعداد لدفع الالتزامات الوطنية الواجبة عليهم للتصدي لمخطط الحرب وتفكيك البلاد فهم دوما اهل برد وسلامة لا اهل حرب واحتراق في قضايا الوطن المصيرية ويسارعون لتلبية اي نداء لمسؤول اجنبي لمناقشة الاوضاع في بلادهم دون تروي فهذه الحرب كشفت بجلاء اختلال الانتماء الوطني وفضحت استسهالها للعمالة
4//
وكان طبيعيا ان يؤدي هذا الانزواء الاختياري والمصلحي لقادة ورموز الاحزاب والتنظيمات خارج البلاد وبعيدا عن تفاعلات الاحداث. ان لايكون لهم من دور سوى تلقط مساقط الاخبار الاسفيرية عن الشان السوداني وتجعل بالمقابل من هذه الاسافير محلا دائما لاثبات فاعليتهم ليصبح العمل الاعلامي لديها هو البديل عن العمل السياسي الذي يفصله عنها آلاف الكيلومترات وترتخي اليات عملها فيه لتجعل من الملتقيات الاجتماعية ولقاءات المصادفات هي الاطار المتاح لديها للتدفق المعلوماتي عن تطور الاوضاع في بلادنا سواء في الدور السكنية أو تجمعات المقاهي في مدن اللجؤ الكبري ولذلك عجزت الاحزاب عن القيام باي واجبات نضالية لمقابلة أعباء الحرب وتحولت إلى مجرد ظاهرة صوتية لا مكان لها بين قوى المجتمع الحية
5//
حينما اندلعت التظاهرات الشبابية ضد حكومة الانقاذ في ديسمبر 2018 وابريل2019 وضح تماما أن هناك قوى دولية بلورت لها آليات عمل في شكل منظمات طوعية ومجموعات وأوعية تفكير ومنظمات مجتمع مدني تدعو إلى التغيير عن طريق توظيف طاقات الشباب وذلك باستقطاب مجموعة منهم بدراية وعناية فائقة وفحص دقيق وتأهيلهم ليس لانجاز التغيير السياسي نفسه بل ايضا لتولي قيادة الدولة والمجتمع ان عقد لها النجاح في تغيير النظام وكانت تلك التظاهرات هي التجسيد العملي لذاك المخطط التغييري الذي رفقه دفع خارجي منسق دوليا واقليميا في افضل حالاته و تم انضاج الظروف الذاتية والموضوعية لاحداث التغيير بخنق اقتصادي محكم لتصعيب المعيشة بحيث لاتمنح النظام اي امكانية ان يسترد انقاسه او يستعيد تماسكه بل دفعه بكل قوة نحو السقوط ولذلك انتشرت في البلاد مجموعات العمل تحت يافطات العمل الاجتماعي و الطوعي ومراكز الدراسات الاقليمية ومجموعات الضغط الاقليمية والدولية اللاهثة للتغيير من اجل التغيير في حد ذاته بجانب العديد من التنظيمات الشبابية للتحرك السياسي تحت ستر مغلفة. منعا لبروز حصانة عادة ماتنتاب الكثير من الشباب ضد الانتماء الحزبي المباشر او السياسي الصارخ
لتظهر من ثنايا كل ذلك بشكل اوضح واكثر سفورا تنظيمات وشخصيات فقاعية او حتى احزاب(( مايكروسكوبية.)) لاتمتلك ثقل جماهيري ولا شعبية تؤهلها لمنافسة انتخابية بسيطة ولاتملك غير رئيس حزب وناطق رسمي لكنها تتلقي دعم اعلامي اقليمي ودولي نافخ في اوداجها ودعم خارجي مباشر من تجمعات دولية واقليمية مشبوهة يكاد دعمها الدولاري يقول خذوني. بجريرتي لينضح من واقعنا السياسي خلال. فترة قصيرة ممتدة من ديسمبر 2018/ابريل2019 كائن بكتيري اطلق عليه مسمي(( قوي الحرية والتغيير)) وذلك في توقيت متزامن مع نجاح المخطط لتنفيذ انقلاب داخلي من اركان النظام نفسه اتخذ اسما لتعريف انقلابه مشحونا بالتزييف(( انقلاب اللجنة الامنية )) وكانها هو تغيير شرعي تم باحدي مؤسسات النظام القائم فعلا والتي لم يوجد بين هذه المؤسسات هيكلا. تنظيميا عرف باللجنة الامنية طوال عمر النظام
6//
وللمفارقة افرخت اللحنة الامنية صيغة حكم انتقالي عقيم أوكلت قيادته بتدابير خارجية لشخصية تم تجهيزها وتربيتها في احضان دوائر اجنبية فرضته رئيسا لوزراء البلاد لقيادة التغيير ولم يسبق لاحد ان عرف عنها انها قد سبق لها ان نادت ولو بتغريدة بتغيير ناهيك ان يمتلك رؤية للتغيير وظلت هذه السخصية طوال فترتها الانتقاليه تائه منتفخة الجنبات من الهتافيةالعبيطة (شكرا حمدوك) ليصبح مثل سمكة( التامبيرا) دوما تتبختبر في انتفاخة دائرية في ظل حركة امامية بطيئة وزرعت مرحلتها في فشلها المركز وعجزها عن وضع اهداف لها او حتى مجرد محاولة وضع البلاد في مسار استقرار واضح.. اللبنة الاساسية الاولى للمعاناة الاقتصادية والمعيشية التي ادت الى فوضي سياسية واحتقانات امنية وتحرشات عسكرية صريحة التهديد وهي التي افرزت هذه الحرب اللعينة بجدارة واستحقاق لمشعليها من مليشيا الدعم السريع وقوى الحرية والتغيير المتحورة اميبيا لاحقا إلى قوى تقدم
،7//
فان سعت قوى تقدم للتحالف مع المليشيا المجرمة لتحكم بمساندته من خلال انقلاب دموي يقضي على قيادات الجيش لتحل المليشيا محله لان لانصيب لها ان سارت الامور من خلال تداول سلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات التي كانت الامل. المرتجي من كل التغيير الذي تم على صعيد النظام السياسي السابق ..فما بال احزاب الامة تراهن على الانقلابية لكي تحكم البلاد لاجيال ممتدة وتسلم البلاد لحكم المليشيات ؟؟؟ ولماذا اندفعت في مزايدات سياسية رخيصة تساند تارة في الخفاء والعلن مليشيا الدعم السريع ؟؟؟وتارة اخرى تراهن على صمود المليشيا وتستدعي لها بصوتها المدني تدخل مجلس الامن الدولي وتحالف الالب لكسر صمود الجيش، بحجة كذوبة وهي انقاذ مدينة الفاشر وسكانها من الابادة الجماعية رغم ان من يدافع عن هذه المدينة هم سكانها انفسهم مع القوات المسلحة وحركات الكفاح المسلح
ومقاتليها الابطال؟؟؟ رغم مايروجه البعض بمن فيهم رموز من حزب الامة جماعة برمة ناصر وجماعة مبارك الفاضل ان سقوط مدينة الفاشر قد بات وشيكا..
فلماذا سقط الرجلان في فخ التخذيل وادارا ظهرهما لمعركة الوطن وتعلقا باستار التوهان السياسي ؟؟وكلاهما لايملك حتى قوة عسكرية . يزود بها عن دار اهله ان هوجمت او نهبت من هؤلاء الاوباش ولماذا اسقطا قيم الجهادية الانصارية من منظومتهما السياسية واستبدلاهما بتبني موقف لا وطني يساوي بين مجرمي المليشيا وبين فئات المجتمع الضحية وكاننا على اعتاب مهدوية جديدة خالية من الجهادية ومعطوبة وطنيا ؟؟ولايقدمون لاهل الفاشر سوى العويل على مصيرهم المحتوم بينما هؤلاء السكان لايزالون صامدون امام اكثر من 520هجوم مركز من المليشيا المجرمة دحرت فيها كلها وردت خائبة منهزمة منكسرة علي عقبيها بعد ان فقدت المليشيا المجرمة خيرة قادتها المدربين على الخراب والقتل والتدمير لكنه التخذبل المتعمد خدمة لاجندة الضغط السياسي الخارجي على الجيش لايقاف الحرب والقبول بتسوية سلمية مذلة نسجتها دوائر خارجية لتمكين المليشيا ومرتزقتها من مقدرات البلاد وحكمها
لذلك فاي وعود تلك التي تلقاها السيد برمة ناصر والسيد مبارك الفاضل من المبعوث الامريكي توم بيرييلو للانخراط في التسوية لاخضاع الجيش السوداني بكل تاريخه الوطني لارادة المليشيا والمرتزقة؟؟؟؟ ..بل ما بال السيد مبارك االفاضل الذي تبنى موقف انخراطي في التسوية لم يعلنه عند اندلاع الحرب بل تبناه متاخرا بعد مضي احد عشر شهر من اندلاع المعارك ؟؟ وماذا في احلام السيد برمة ناصر من هذا الانخراط المدوي المنسجم مع طموحات شخصيته في التسوية ضد الجيش؟؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى