رأي

أبلسة الخصوم (1)

فيما أرى

عادل الباز

 

مقدمة

كتبت هذا المقال في مايو ٢٠١٩ وأعيد نشره بمناسة ندوة طيبة برس حول خطاب الكراهية…لعلنا نتعلم من تجاربنا.

1

من أين جاءت فكرة أبلسة الخصوم.؟ هل أنتجتها أزمنة الديكتاتوريات المتطاولة التي سدت أفق الحرية فأخرجت من الناس أسوأ ما فيهم.؟ ذلك ليس صحيحاً فلقد شهدنا في أزمنة الديمقراطية أو الديمقراطيات اسوأ بل أقذر حالات أبلسة الفجور في الخصومة، ابتداء من العمالة والفساد وحتى الاتهامات اللا أخلاقية.!!. هل تذكرون قائداً سودانيا واحدا نجا من الاتهام، ألحقت بهم جميعاً وشربوا من كؤوس الخصومة الدائرة على الكل.؟!!.

2

من أين جاءت تلك الفكرة القميئة؟. من حدة الصراع السياسي المزمن والخطاب الذي ينتجه ذلك الخطاب الفارغ الجوهر الذي لا يعنى بالأفكار وسرعان من ينحط للتسفل بأبلسة الخصوم عوضاً عن  مناقشة الأفكار التي هي ليست موجودة أصلاً في الصراع السياسي بالسودان. إذا رغبت أن تعرف حظ الأفكار في صراعاتنا السياسية فانظر إلى شح كتاباتنا السياسية والإنتاج الفكري لمنظرينا في شتى المجالات. فقر الأفكار في الصراع السياسي يؤدي إلى غياب البرامج والخطط وبالتالي يجر  علينا ويلات الأبلسة. أنظر إلى دعاة المشروع الحضاري ثلاثون عاماً هل قرأت مؤلفاً واحداً عن ماهية هذا المشروع وكيف ولماذا.؟ لم يكتب المؤمنون بالمشروع إياه حرفاً واحداً أو فكرة ليجري الحوار حولها.

قال لي د. التجاني عبدالقادر إن الذين يتحدثون عن المشروع الحضاري لم يدرس أي واحد منهم كتباً في أي حضارة.!! وهكذا إذا كانت الساحة خلو من الأفكار فإن الطبيعي أن يلجأ السياسيون لملء فراغها بالزعيق والاتهامات والتنابذ والسعي للحط من الخصوم بأي وسلية.(هنا استثنى الأستاذ محمود محمد طه رحمة الله عليه.. كان يطرح افكاراً نختلف أو تتفق معه فيها إلا أنه كان عفيف اللسان، لا طعان ولا لعان ولا فاحش ولابذيء وهكذا تلاميذه).

3

السؤال ماذا يجني السياسيون من أبلسة الخصوم.؟ هل الكسب الحزبي الضيق يقود بعضهم بلا سقف أخلاقي؟. يقول د منصور خالد (شيوع التباغض الشخصي للآخر هو من ناحية ظاهرة مرضية ومن ناحية أخرى عاهة خلقية، كراهية الشخص للآخر تعبيراً عن رغبة دفينة في تدميره باعتباره مصدر تعاسة له.). كيف يمكن أن ندعي أننا مجتمع متسامح ونحن نسعى لشيطنة بعضنا تمهيداً لاقصائه؟. هل نحن مجتمع متسامح فعلاً أم إنها خزعبلة تضاف لخزعبلات كثيرة تظلل حياتنا الاجتماعية والسياسية؟

.نواصل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى