تقارير

أبحث عن فوبيا الروس… لماذا توتر بلينكن في محادثته مع البرهان ولماذا تحرك العمامرة الآن؟

تقرير – أمير عبدالماجد

 

كان لحديث نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار ارتدادات وهو أمر متوقع وتوقعه الرجل نفسه عندما أشار إلى أنه يتحدث باسم الرجل الثاني في الدولة وأن حديثه هذا يجب الانتباه له والتعاطي معه قبل أن يدلق قراراً بأن الحكومة لن تذهب للتفاوض في جدة وأنه على من يرغبون في دفع الحكومة للذهاب أن يأتوا لقتلنا في بلادنا وحمل رفاتنا إلى جدة.

 

إرسال رسائل

ويدرك عقار تماماً أنه يتحدث هنا باسم الدولة وأن الأمر أبعد من المنضدة التي وضعت عليها مايكرفونات القنوات الفضائية فهل أراد أن يرسل رسائل أم يحدد أنه الموقف النهائي للسودان من المفاوضات غض النظر عن طريقة  بلينكن، ثم ما الذي جعل السودان أولوية هكذا فجأة وجعل بلينكن مهتماً بإحياء مفاوضات جدة بسرعة جعلته يضغط بطريقة لم تقبلها الحكومة السودانية.. ثم إلى ماذا استند عقار وهو يتهكم من السياسة الأمريكية ويرفض دعوتها.

ويقول أستاذ العلاقات والعلوم السياسية د. أسامة حنفي إن ما ذهب إليه عقار يعكس إلى حد ما كواليس النقاش حول ما دار في المكالمة الهاتفية بين البرهان وبلينكن إذ من الواضح أن البرهان نفسه وليس عقار فقط استفزته بعض عبارات بلينكن كما أن بلينكن والإدارة الأمريكية برأيي مستفزة من تصريحات ياسر العطا الأخيرة ومن اتجاهاتها، وأضاف (لازلنا في منطقة ارتدادات تصريحات ياسر العطا الأخير حول روسيا ودورها في السودان فالعطا قال بوضوح إن روسيا طلبت من السلطات السودانية إقامة محطة للتزود بالوقود في البحر الأحمر مقابل توفير أسلحة وذخيرة وأن قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان سيوقع على اتفاقيات بهذا الصدد قريباً وهو مايراه أسامة حنفي سبباً لحالة الغضب الأمريكي والتسرع أيضاً لبدء جلسات مفاوضات جدة لأن المفاوضات ليست فقط وسيلة لجعل أمريكا قيمة على المنطقة بل إن إدارتها للمفاوضات تمنحها كروت للتفاوض مع الحكومة الأمريكية وهناك في الخلفية من يخشى وجود روسيا قبالة أراضيه فالسعودية التي تحتضن المفاوضات لاتريد قطعاً أي وجود روسي على سواحل البحر الأحمر قبالة موانئها لأن هذا تهديد مباشر لها)، وتابع (وجود الحكومة في مفاوضات جدة يمنح أمريكا والسعودية أوراقاً للضغط على بورتسودان).

 

قطع طريق

ويتفق الباحث السياسي وأستاذ العلوم السياسية أحمد عمر خوجلي مع ماذهب إليه حنفي، ويضيف (من يقرأ ما كتب في بعض الصحف الأمريكية عن مقابلة ياسر العطا يدرك أن عبارة مثل إقامة روسيا قاعدة بحرية على شواطيء السودان الشرقية تشكل كابوساً للأمريكيين ودول الخليج لذا أتوقع أن محادثة بلينكن مع البرهان كانت شائكة للأول الذي يحاول الآن بكل السبل قطع الطريق على أي تدخل روسي في السودان على نطاق واسع)، وتابع (حديث الروس عن تقديم دعم عسكري مفتوح للبرهان واعتباره الجهة التي تملك شرعية الحكم في السودان وضع الأمريكيين وشركاءهم في المنطقة أمام خيارات محدودة لذا لا أعتقد أن أمريكا ستتوقف كثيراً عند حدة عبارات عقار بل ستسعى لدفع الخرطوم بأي ثمن للجلوس في مفاوضات لأنها أدركت أن استمرار الحرب سيدفع باللاعب الروسي ولاعبين آخرين كالإيرانيين والأتراك إلى الدخول في الملعب السوداني وإبعادها منه هي وحلفائها الغربيين والإقليميين)، وقال (تحرك المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة يدخل في إطار تكثيف الضغوط على الحكومة للمشاركة في مفاوضات جدة).

وكانت مصر قد أعلنت استضافتها لمؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية نهاية يونيو 2024 وهو مؤتمر حسب الإعلان تشارك فيه دول تتهمها الحكومة بدعم مليشيا الدعم السريع مثل الإمارات وتشاد وهو مادفع وزارة الخارجية لإصدار بيان قالت فيه إنها لن تقبل مشاركة دول تدعم التمرد في مؤتمر وتساءلت الخارجية في بيانها عن ماهية الشركاء الإقليميين والدوليين الذين سيحضرون المؤتمر وحدود دورهم خاصةً وأن المؤتمر القصد منه الوصول لرؤية سودانية خالصة.

 

أجندة ومصالح

يقول د. أسامة حنفي (هذه كلها في النهاية محاولات لا يمكن رفضها لمجرد الرفض بل يجب أن تناقش على أعلى مستوى لإصدار القرار في السودان قبل الموافقة أو الرفض، واعتقد أن الجهة التي ترعي المفاوضات تحاول الآن لملمة الأوراق بما يخدم مصالحها وإلا لماذا لزمت الصمت طوال أكثر من عام وجاءت لتتحرك الآن بهذه الكثافة)، وأضاف (نحن نعلم الدور المصري الإيجابي تجاه السودان ونقدره لكن يجب ألا نسمح بمرور أجندة لا تخدم البلاد)، وتابع (فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا ودول إقليمية أخرى بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي والإيغاد وغيرهم يدفعون الآن إلى طاولة كل له أجندته فيها لذا يجب الآن نضع مصالحنا أمامنا ولا نتنازل عنها وأن نعلم إن كل طرف من هذه الأطراف لديه أجندة ستصطدم اليوم أو لاحقاً مع أجندات الآخرين لذا يجب ألا نسمح ببعثرة جثث مواطنينا على طاولات لا جدوى من وجودنا فيها).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى