وسكت صوت “البيكلو”… العازف أسامة بابكر.. نعي بمداد الحب
الأحداث – ماجدة حسن
توفي، الخميس، الموسيقار السوداني أسامة بابكر الشهير بأسامة بيكلو.
ونعى موسيقيون وفنانون زميلهم الراحل، الذي اشتهر بعزفه على آلة البيكلو وهي من أصغر الآلات ضمن عائلة آلات الفلوت.
واشتهر أسامة بيكلو بمعزوفاته ضمن فرقة الفنان الراحل محمد الأمين، واكتسب شعبية كبيرة بين جمهور الفنان محمد الأمين.
وخلال مسيرته الفنية أنتج أسامة بابكر ألبوما موسيقيا لآلة البيكلو أسماه (شيء في خاطري) ضم 12 مقطوعة موسيقية.
أدب وأخلاق
نعاه الموسيقار د. كمال يوسف فهو أستاذه الذي حببه في عزف الفلوت، ولعل أميز ما قاله كمال يوسف إن فنه معروف للجميع لكن أخلاقه وأدبه الرفيع قصة أخرى، وأضاف “لا يمكنك وأنت في معية الأستاذ أسامة بابكر التوم (أسامة بيكلو)، لا يمكنك إلا أن تكون مبتسماً وبأدب، فأنت في معية واحدٍ من أكثر الناس لطفاً وتهذيباً، وأكثرهم ذوقاً وأناقة في شكله ومظهره وجوهره، لم يسبق أن تناولت سيرة أسامة بيكلو إلا من زاوية الأدب الجم الذي طبع شخصيته وصار سمتها الأبرز، ففنه وتميزه في العزف مبذول ومعروف للجميع، لكن أدب ورفعة ذوق أسامة مما يُحكى عنه ويضرب به المثل في محيط زملائه ومن عرفوه عن قرب، أسامة واحد من أساتذتي الذين حببوني في آلة الفلوت، فعلى الرغم من اشتهاره بآلة البيكلو إلا أنه كان قد عزف الفلوت مع وردي في مطلع الثمانينات وسجّل بصمةً خاصة أضيفت لما وضعه أساتذتي صلاح دهب ووحيد جعفر فضل المولى”.
بحث ونجاح
وكتب الناقد الفني طاهر محمد علي في وداع الجميل أسامة بابكر “بيكلو” “كان صديقنا أسامة بابكر “بيكلو” مولعاً بالفن وعاشقاً للجمال والحياة والموسيقى، زرع نغماته في آذان العاشقين وأفئدة الوالهين لأغنيات الفنان محمد الأمين ولعل بعضهم كان يأتي إلى حفلاته في نادي الضباط بوسط الخرطوم ليستمع إلى صوت “البيكلو”.. وأصبحت بينهم رابطة حب أسموها برابطة أصدقاء ومعجبي أسامة بيكلو. ولعل معظم الفنانين الذين رافقهم أسامة عزفاً كان يجمل لهم أداء الأوركسترا ومن ثم نجح في إصدار ألبوم خاص للمقطوعات الموسيقية البحتة، كان يعجبني بحثه المستمر نحو التجديد والإضافات وإشاعة روح وثقافة الفن السوداني مستفيداً من دراسته في معهد الموسيقى والمسرح، حيث صدر له مؤلف بعنوان “تعلم أبجديات الموسيقى” للمبتدئين والهواة وصدرت له مجموعة مقطوعات وألبومات منها “شىء من الفرح”.. فقد كان يحلم بتطور الموسيقى وانتشارها عالمياً. رحم الله أسامة وأسكنه فسيح جناته، فقد أرهق قلبه الرهيف ما حلٌ بالسودان من خراب وشتات، وفراق معلمه ود الأمين ومدينتهما الجميلة “مدني السني” التي تقاسموا فيروز عينيها وخاتم عرسها وتركوها نهباً للسابلة سيظل أسامة بصورته الوسيم وروحه المحلقة ودأبه الحثيث، ومقطوعته الخالدة “صباح العيد” حاضراً عندنا في كل الأعياد”.
دنيا من المحبة
بالمقابل قال مصعب الصاوي إنه برحيل الموسيقى الفذ أسامة بابكر التوم (بيكلو ) تطوى صفحات باهرات في كتاب الموسيقى والإبداع السوداني، وأضاف “فالفنان أسامة لم يكن مجرد عازف بل كان دنيا من المحبة والتواصل الإنساني الجميل مع الأسرة الفنية والإعلامية بكل ألوان طيفها الإبداعي”.
وأردف”قيمة أسامة بيكلو تكمن في إحياء آلة البيكلو وإعادتها إلى الأوركسترا السودانية في ثوب متجدد وفريد وكان آخر عهد الأوركسترا بها أيام طيب الذكر الموسيقار موسى محمد إبراهيم، الذي حفظت الأذن تجلياته العظيمة ومنمنماته على البيكلو في فراش عثمان حسين الحائر وفي إبداعات أغنية الستينات جملة دون تفصيل وفي ألحان موسى نفسه للبلابل في خاتم المنى وفي غناء أبوداؤد وعثمان مصطفى”.
وقال إن أسامة استطاع أن يسكب خمراً جديداً في قناني قديمة من سلاف هذه الآلة الساحرة عبر مشاركته أوركسترا محمد الأمين وصلاح ابن البادية في نسخة معاصرة فضلاً عن أنه من أفضل كتاب النوتة وإدارة الفرقة الموسيقية وهي ملكات اكتسبها بكاريزما تجمع بين الضبط والربط والمحبة والإنسانية.
ارتباط بالأمكنة
كان بيكلو عازفاً مختلفاً ومبهراً ومرغوباً من كل الفنانين بداية من الفرعون محمد وردي الذي ضم أسامة بيكلو لفرقته في نهاية السبيعينات وهو طالباً بكلية الموسيقى والدراما التي رافق فيها العديد من النجوم الزواهر كان من ضمنهم الفنان الراحل أحمد ربشة، تسلح أسامة بالعلم في الكلية مما أفاده كثيراً في الوضع الأحترافي وذلك ساعده للعمل كأستاذ للموسيقى في الإمارات العربية المتحدة وهو من شدة محبته للإمارات قام بتأليف مقطوعة موسيقية أطلق عليها اسم (حبي للإمارات)، هذا جزء من ما كتبه صديقه الناقد الصحفي سراج الدين مصطفي الذي نعاه بمداد الحب، وأشار لارتباطه الوثيقة بالأمكنة، وقال “رغم أنه يسكن حي أركويت ولكنه لم ينس أبداً حي الحلة الجديدة حيث طفولته ومرتع صباه فكان نتاج تلك المحبة مقطوعة (جولة في الحي القديم) والتي حينما تسمعها تصبح وكأنها مشاهد أمامك من دقة التصوير الموسيقي والبراعة العالية في مخاطبة الأذن بجمل موسيقية قادرة على الطرق على الدواخل بكل حب”.
علاقات فنية
يقول سراج في مقطوعته الشهيرة (شئ في الخاطر) تمظهرت علاقة الآلفة والمحبة الطاغية للموسيقار محمد الأمين ومؤلف شئ في الخاطر فكرته اللحنية المسيطرة نبعت من الجزئية الأخيرة من أغنية (همس الشوق) وهي عبارة عن حوار صوتي وآلي ما بين صوت محمد الأمين وآلة البيكلو، ويضيف “وكما ارتبط أسامة بيكلو بمحمد الأمين فهو أيضاً ارتبط بعلاقة إبداعية وثيقة بالموسيقار والفنان الراحل صلاح بن البادية والذي كان جزء من تشكيل فرقته”.