رأي

ورقة الرباعية

د. عبد العظيم حسن

المرحلة الحاسمة والفاصلة التي أفضت للوصول لشفرة التسوية الموقوتة بشأن حرب غزة، ومن ثم توقيع سلام شرم الشيخ، تمثلت في اللحظة التي أدركت فيها الولايات المتحدة الأمريكية، بكل ثقلها، ضرورة لقاء قيادات حركة حماس والتفاهم المباشر على صفقة تبادل الأسرى. في حرب غزة، كانت حركة حماس هي الطرف الوحيد الذي يملك مفتاح وقف الحرب، وكذا الطرف المقابل (إسرائيل). الوسطاء، سواء مصر أو قطر أو تركيا أو أمريكا لم تكن عليهم تحفظات في أداء دور الوساطة.
في حرب السودان، وبجانب تعدد أضلاع الحرب المحليين والدوليين، فتفاصيل ومصالح أطراف الوساطة زادت من تعقيدات المشهد. على أي حال، سواء أُقِرَّ بذلك أم أُنكر، فإن تجاهل هذه الحقيقة سيقود، في نهاية المطاف، إما لفشل الوساطة أو تطاول الجهود الرامية لوقف الحرب.
إن فشل الرباعية المتوقع أو تأخرها في الوصول لحل لا يرتبط حصراً بغياب عنصر الحياد أو تضارب المصالح كمسائل شكلية أساسية، وإنما تعلُق الأمر بجوهر الرؤية ومضمونها. فالمبدأ الذي تنطلق منه الرباعية يظل أحاديّاً، وأخطر عواقبه إطالته لأمد الحرب وتأجيجه لانقسام الشارع هذا فضلاً عن مخاطر جره لاستمرار مواجهة دولية لن يضارّ منها إلا المواطن. أحادية الرؤية، التي يغيب عنها الممثل المقبول وذو النفوذ الفعلي على الأرض، تجعل الرباعية دوماً بعيدة من المواطن المحروم من التعبير عن أشواقه والحلول التي يتوق إليها.
بكل بساطة يمكن لحرب السودان أن تتوقف، وفوراً، بل وتنتهي أسبابها كافة، إذا جرى توصيف الصراع باعتباره تمرداً على الدولة ومؤسساتها. بيان مجلس وزراء المملكة العربية السعودية، الصادر أمس الأول، والداعي صراحة لضرورة وقف الحرب مع التأكيد على الحفاظ على الدولة السودانية الموحدة ومؤسساتها، هذا البيان يمكن أن يُحدث اختراقاً حقيقياً داخل الرباعية من جانب، وأن يكون المدخل الفعلي لوقف الحرب، ومن ثم انخراط الطرفين في تفاصيل وقف إطلاق النار من جانب آخر. بتبني الرباعية لهذا الموقف ستكون — ولأول مرة — قد تطابقت رؤيتها مع موقف المواطن السوداني، الذي يرى فيما ارتكبته قوات الدعم السريع تمرداً على الدولة واعتداءً سافراً عليه في نفسه وماله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى