تقارير

هل حسمت الحكومة السودانية خياراتها في انتظار الإعلان الرسمي عن القاعدة الروسية؟

تقرير – أمير عبدالماجد

هل حسمت الحكومة أمرها وقررت الاتجاه بكلياتها إلى المنطقة الروسية مع مغادرة نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومع مغادرة عضو مجلس السيادة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي إلى  النيجر ومالي.. هل حسمت الأمور وأصبحنا على أعتاب الإعلان الرسمي عن إقامة قاعدة عسكرية روسية على ساحل السودان الشرقي وربما طريق يربط أم دافوق ببورتسودان ؟.

 

نقطة تحول

يتبادر أيضاً للأذهان تساؤل هل نحن أمام تحولات عملياتية كبيرة بدخول عسكري كبير للروس في المعارك التي تدور الآن عبر الدعم اللوجستي والتقني.. ماهي الملفات التي ستناقش الآن بين عقار وبوتين والتي استدعت أن يغادر عقار على رأس وفد كبير إلى موسكو وماهي الأسباب التي جعلت الفريق كباشي يتجه إلى دول مثل النيجر ومالي كانت تحت المظلة الفرنسية واتجهت الآن إلى روسيا.. هل للأمر علاقة ما بزيارة عقار لموسكو أم أنها مجرد تكهنات ومخاوف عند من ينظرون إلى هذه التحركات بريبة؟، ثم ماهو أثر هذه التحركات على الأرض وعلى سير المعارك وعلى المفاوضات المقترحة الآن بين الحكومة ومليشيا الدعم السريع بمدينة جدة…؟

يقول الباحث وأستاذ العلوم السياسية أحمد عمر خوجلي (لا أعتقد أن الأمور محسومة تماماً الآن والسودان اتجه إلى روسيا لكن يمكننا القول إنه في الطريق لذلك بعد أن اتضح لمركز القيادة أن أمريكا وشركائها في المنطقة ينظرون فقط لمصالحهم)، وأضاف (لقاء عقار بالرئيس الروسي برأيي سيكون نقطة التحول وسيحدد إلى حد كبير ملامح التفاهمات السودانية الروسية، فروسيا تدرك الآن أنها أمام فرصة تاريخية بالسيطرة على أفريقيا من خلال السودان بعد أن تمددت في الساحل وسيطرت على دول عديدة مثل أفريقيا الوسطى والنيجر ومالي وغيرها، وطردت فرنسا منها وأغلقت قواعدها هناك)، وتابع (كما أن الصراع في الساحل الأفريقي بين فرنسا وأمريكا من جهة وروسيا من جهة سيشهد تطوراً لافتاً بدخول روسيا إلى السودان مايوفر لها عمقاً تحتاجه بشدة لإدارة صراعها هناك وتخيل معي وجود طريق بري بين بورتسودان وأم دافوق كيف سيغير الصراع في منطقة الساحل الغنية بالموارد أضف إليها أن الصراع نفسه امتداد في كثير من جوانبه للصراع الأمريكي الروسي في أوكرانيا)، وقال (لا أحد يقبل الخسارة في هذا الملف لذا روسيا الآن بحاجة ماسة إلى السودان كموقع استراتيجي يمكنها من إدارة صراعها في الساحل الأفريقي).

 

مخاوف عديدة

بالمقابل يرى أستاذ العلوم السياسية د. أسامة حنفي أن وجود روسيا على البحر الأحمر سيكون كارثياً على امريكا والغرب خاصة وأن القاعدة المقترحة تقع قبالة جدة السعودية ما يفتح الباب أمام مخاوف عديدة لامريكا والسعودية ودول الخليج التي تعلم أن إيران ليست بعيدة من ملف العلاقات السودانية الروسية وأنها منخرطة تماماً في السياق العام لهذه العلاقات التي يعني تطورها دخول إيران في تحالفات مع السودان)، وأضاف (عقار سيجد أمامه ملفات عديدة وتساؤلات عديدة فبوتين يريد أن يعلم تفاصيل الضغوطات الامريكية على السودان في ملف التفاوض وملف قطع الطريق على علاقات الخرطوم وموسكو وإمكانية إقامة القاعدة البحرية العسكرية الروسية الآن لأن روسيا منخرطة الآن في صراعات بساحل أفريقيا تحتاج خلالها إلى السودان فيما يحتاج مالك عقار إلى إجابات حول الدعم العسكري الروسي الذي يمكن أن تقدمه موسكو الآن لحسم المعارك المشتعلة في السودان وهو أمر يقلق القيادة السياسية والعسكرية في بورتسودان ويدفعها إلى الدخول في علاقات معمقة مع موسكو لأن المقابل الموضوعي للانسحاب من علاقات قوية مع موسكو يعني أن تسلم القيادة أمرها إلى الجنجويد وتسمح لهم بالسيطرة على السودان وحكمه وفقاً للإرادة الغربية المدعومة من دول مؤثرة بالإقليم).

 

حسم المعركة

لكن السؤال هنا إذا ما اتجهت الأمور لإقامة قاعدة روسية في السودان هل ستصمت أمريكا ومن خلفها بريطانيا وفرنسا..؟

يقول الباحث وأستاذ العلوم السياسية أحمد عمر خوجلي إن أمريكا أصلاً لاتملك كروت ضغط كبيرة في السودان لذا تستخدم دول في الإقليم مثل السعودية وغيرها في الضغط على السودان وأعتقد أنها أوصلت للقيادة السودانية رفضها لإقامة قاعدة روسية في شرق السودان ورفضها للوجود الروسي نفسه وإجابة الحكومة لم تكن إيجابية بدليل أن مالك عقار اتجه إلى موسكو، هذا يؤكد أن الحكومة بدرجة كبيرة (قنعت) من دور امريكي راشد وتعلمت من دروس الفترة الماضية، وأضاف (أمريكا حلها الوحيد الآن أن تذهب بالحكومة ومليشيا الدعم السريع لمفاوضات سريعة وأن تفرض عليهما اتفاقاً تحت الضغط لأن واشنطن باتت تعلم الآن أن استمرار الحرب في السودان سيمكن روسيا أكثر ويدخلها إلى العمق الأفريقي من خلال إقامتها لمراكز سيطرة وقيادة في السودان، وتابع (أعتقد أن زيارة كباشي لمالي والنيجر رسالة واضحة بأن الخرطوم تتجه إلى الحلف الروسي وأن الرد على ما قدمته حكومات بعض هذه الدول لدعم مليشيا الدعم السريع قادم وهذه الدول تتابع الآن مايحدث على المشهد السوداني وتعلم أن دخول روسيا بأسلحتها وتقانتها وتقديمها الدعم الفني واللوجستي للجيش السوداني سيحسم المعركة فيما سيتيح موقع السودان فرصاً كبيرة لموسكو للإطاحة بالأنظمة الموالية للغرب وفرنسا في الساحل الأفريقي وعلى رأسها النظام التشادي وهو تقريباً النظام الوحيد المتبقي من سلسلة الدول التي كانت تسيطر عليها فرنسا هناك وسقوط نظامها سيتيح للروس الاستفادة من ثروات هذه المناطق وفتح الطريق لاتفاقات وتفاهمات مع دول أخرى تعتقد شعوبها أن فرنسا ظلت تسرق مواردها لسنوات طويلة).

 

تطور كبير

وعن مجريات الأمور يقول أستاذ العلاقات العلوم السياسية د. أسامة حنفي (أيام وربما ساعات بعدها سنعرف ما إذا كانت الأمور ستشهد تطوراً كبيرا بالإعلان عن تدشين قاعدة عسكرية روسية على البحر الأحمر أم لا) وكان سفير السودان في موسكو  محمد سراج قد أكد في تصريحات صحفية أن السودان لن يتخلى عن التزاماته ببناء قاعدة بحرية روسية في البحر الأحمر، مشيراً إلى أنّ المشكلة التي يواجهها المشروع إجرائية فقط.

وكانت مصادر قد أشارت إلى أن مسودة الاتفاق السوداني الروسي تمتد لـ 25 عاما وتنتهي برغبة أحد الطرفين في إنهاء الاتفاق، وبموجب الاتفاق  تدعم روسيا الجيش السوداني بالعتاد الحربي وفق برتوكول منفصل، وبموجب الاتفاق يجب ألا يتعدى التواجد الروسي 300 فرد فقط وأن لا تتعدى عدد السفن الموجودة بنقطة الدعم الفني 4 قطع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى