تقارير

(مهاجر 6).. الموت الذي يتسلل إلى غرف الجنجويد

المسيرات في حرب السودان

(مهاجر 6).. الموت الذي يتسلل إلى غرف الجنجويد

الأحداث – أمير عبدالماجد

 

لا يمكن لأي كان تصور حجم رعب الطائرات الحربية على اختلافها للمقاتلين أو حتى للمتواجدين على الأرض.. ما لم تعايش تلك اللحظات فإن أي كلمات لن تصفها.. صوت هذه الطائرات لحظة إطلاقها للقذائف للمتواجدين على الأرض أشبه بيوم القيامة لأن (الميراج) و(السوخوي) التي يستخدمها الجيش عندما تنزل إلى مستويات دنيا بسرعة لاطلاق حممها تكاد لاترى ولا تسمع.. تتجمد في مكانك كان هذا هو ما نشاهده خصوصاً في الأشهر الأولى للحرب قبل أن تأتي مسيرات الجيش وقبل أن نشاهد مسيرات مليشيا الدعم السريع.

 

مهمة استطلاعية

 

في حدود الشهر الرابع للحرب أصبحنا نستمع إلى أصوات انفجار قذائف الطيران وقذائف الطيران صوتها لمن عاش أجواء الحرب مختلف عن أصوات المدافع والهاون والقرنوف والآر بي جي وغيرها.. صوت ارتطام قذيفة الطائرة مختلف وأثره واضح.. مع دخولنا الشهر الرابع ظهرت المسيرات في الخرطوم وكان أغلبها بدائياً يطلق عليه السكان هنا (أم شبتو) وهو إسم لـ(حشرة) منتشرة في السودان وإطلاق الاسم يدل على القوائم وكونها متعددة الأطراف وهي شبيهة إلى حد كبير بطائرات (الدرون) التي تستعمل اليوم في معظم القنوات الفضائية لالتقاط مشاهد من الأعلى، وأعتقد أن معظمها (درون) تم تعديله. عموماً كنا نشاهدها تحوم هنا وهناك ولا نعرف ما إذا كانت تابعة للجيش أم للدعم السريع فكلاهما يملك (أُم شبتو) هذه التي تحمل قذائف أحياناً وتكون مهمتها استطلاعية غالباً لأن ما تحمله من قنابل في الغالب صغير ونتائجه محدودة كما أنها لاتستطيع قطع مسافات طويلة.

 

وجود في المشهد

 

ويقول الخبير العسكري الطيب المالكابي إن معظم المسيرات المستخدمة بدائية يغلب عليها الطابع الانتحاري وقطعها لمسافات طويلة لتصل إلى شندي وعطبرة أمر غريب يطرح تساؤلات عديدة لأن المؤكد أنها أطلقت من مسافات قريبة.

بالمقابل يقول مصدر عسكري وهو ضابط رفيع يقود عمليات عسكرية في أم درمان “ألقينا القبض مؤخراً على متسللين للولاية الشمالية ونهر النيل يحملون طائرات مسيرة تم تفكيكها وشحنها في شنط السفر العادية وهذا يشرح لك كيف وصلت وأطلقت من داخل الولاية”، وأضاف “الهدف من عمليات إطلاق المسيرات في عطبرة وشندي وحتى في مروي هو إحداث جلبة إعلامية تذهب بهم لمفاوضات تحافظ على وجودهم في المشهد لأنهم يعلمون أن هذه المسيرات لن تحقق لهم نصر عسكري في عطبرة وشندي وفي مروي”، وسخر من القصص التي تتحدث عن إطلاق الجيش للمسيرات على كتائب تقاتل إلى جانبه، وقال “هذه كتلك وهي محاولة لإحداث جلبة تحقق لهم بعض المكاسب”، وتابع “نحن نخوض معركتنا على الأرض ولاتشغلنا مثل هذه الشائعات”.

 

انقلاب في العمليات

 

مع مرور عام كامل على الحرب دخلت على الخط طائرة يطلق عليها اسم (مهاجر 6) وهي طائرة أحدثت إنقلاباً في العمليات على الأرض وأصبحت رأس الرمح في العمليات التي يخوضها الجيش في الخرطوم والجزيرة وحتى في معارك محيط الفاشر.. طائرة صامتة لا تصدر الصوت العالي الذي يخرج من الطائرات المقاتلة ولا حتى صوت الطنين الذي يصدر عن المسيرات (أم شبتو)، هذا نوع مختلف يتسلل إلى تمركزات الدعم السريع وينقض عليها ولا يكتفي بالتصوير والرصد والتحليل بل يدخل إلى معاقل القوات ويضرب بقوة تمركزات أو رتل من السيارات وهي أمور كانت تجهد الجيش لأن الدعم السريع نشر مضادات أرضية في كل مكان بعد أن أرهقه الطيران الحربي.

وبالنظر إلى أن اصطياد الطائرات المسيرة الصغيرة (ام شبتو) كان سهلاً للطرفين بأسلحة الثنائي وأحياناً بالدوشكات فإن دخول مهاجر 6 أحدثت فارقاً كبيراً على الأرض وكانت لها دور كبير في معركة تحرير الإذاعة على سبيل المثال إذ انقضت المسيرات على قوات الدعم السريع التي تجمعت حول حوش الخليفة وقضت عليها حرفياً ودمرت القوات التي حاولت الالتحاق بها من الإذاعة.. هي طائرات لاصوت لها وتملك قدرات كبيرة في التصوير والرصد والتحليل وضرب الأهداف بدقة لدرجة أصبحت معها مسيرات مهاجر 6 عنواناً ثابتاً لموت الجنجويد وهي الآن الموت الذي يتسلل إلى مضاجعهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى