إبراهيم الصديق علي
من المهم التوقف عند بعض الإشارات بخصوص الدعوة الأمريكية لجولة مفاوضات جديدة بين الحكومة ومليشيا الدعم السريع في جنيف 14 أغسطس 2024م :
– جاءت الدعوة بعد فشل محاولات الدخول من باب الحوار غير المباشر فى جنيف بواسطة رمطان لعمامرة مبعوث الأمين العام للامم المتحدة، وكانت أمريكا قد مارست ضغوطا سياسية وإعلامية لتحقيق اختراق ولم تثمر جهودها.. وخلال الأشهر الماضية تصاعدت دعوات المنظمات الإنسانية لفتح بعض الممرات الإغاثية وخاصة من تشاد إلى السودان عبر معبر أودي، وهو ما رفضته الحكومة السودانية بحزم..
– لا يمكن النظر إلى الدعوة الأمريكية بعيداً عن ظروف وتداعيات الحملة الانتخابية الامريكية، وقد تراجعت حظوظ الحزب الديمقراطي، مع انسحاب بايدين وصعود كامالا هاريس، والحزب الديمقراطي يستنجد بالأقليات واللوبيات ومجموعات المجتمع المدني، وحملة هاريس ذات الأصول المهاجرة (هندية الأم، جامايكية الأب) تسعى إلى جذب أصوات هذه المجموعات، وتحقيق اختراق مهما كان شكلياً، وهذا سبب تحديد التاريخ القاطع.. وظروف الحملة الانتخابية ضاغطة.
– قدم وزير الخارجية الأمريكي في دعوته تنازلات ملحوظة:
أ- اقتصار المحادثات على الجوانب الإنسانية واستبعاد المسار السياسي، وكان هذا البند هو سبب فشل آخر الجولات الأخيرة في جدة، حيث حاولت أطراف دولية وإقليمية حشر قضايا سياسية وأجندة خلاف (وقف إطلاق النار أو الهدنة)..
ب- عاد الحديث عن منبر جدة واعتباره الأساس والمرجعية، بعد محاولات كثيفة لتجاوزه والفكاك منه، خاصة أن منبر جدة مرتبط بالتزامات عملية (اتفاق 11 مايو 2023م).. مع الإشارة إلى أن المبعوث الأمريكي الخاص للسودان سبق أن لمح إلى بعض القوى السياسية بعدم جدوى منبر جدة.
– جاءت الدعوة الأمريكية دون الإشارة للمبعوث الأمريكي الخاص وليم بيرللو، بل لم ترد الإشارة لجهوده، واتصالاته، وهذا تأكيد على أن الدعوة ذات طابع انتخابي ودعائي لا أكثر.
– اقترحت الدعوة أطراف أخرى توسيعاً للحوار وشمل مصر والإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأفريقي بالإضافة للمملكة العربية السعودية، دون مشاركة الأمم المتحدة صاحبة الشأن في القضايا الإنسانية، مما يلقي ضبابية على الدعوة.
– خلا الحديث هذه المرة عن أى تهديدات أو تحذيرات، والحقيقة أن إدارة بايدين في أيامها الأخيرة لا تملك أي خيارات (عصا أو جزرة).
– سيكون على الحكومة السودانية التعامل بهدوء مع الدعوة الامريكية وإجراء حوار مع الطرف الامريكي، لإستكشاف نواياه، وبما أن عامل الوقت هو النقطة الحاسمة، فإن هذا متاح للحكومة، وربما من الأوفق إرسال ذات وفد مفوضية العمل الإنساني الذي شارك فى جنيف مؤخراً مع إضافة استشاريين وخبراء.