بقلم: عبد اللطيف مجتبى
تمر هذه الأيام الذكرى الرابعة لرحيل الشاعر المرهف محجوب سراج الذي نزف عصارة قلبه قصائد أصبحت محراباً يتبتل فيه العاشقون وجرحى وضحايا الهوى العذري الذين انفرط عقدهم جراء ما كابدوا من معاناة وألم لم يكن لهم قِبَلٌ به، فانزووا ريثما تمر العواصف حتى طال عليهم الأمد، تماماً مثلما فعل محجوب سراج وقيس بن الملوح وجميل بثينة ومحلق تاجوج وغيرهم من الذين صاروا رهباناً في هيكل الحب، تعصف بهم الذكرى فينفتح مجرى الغناء الأليم.
كتب محجوب سراج نصوصاً دامية ستظل تنزف بذات المحبة وذات النبض والشجن فكانت عواطف التي صدح بها صلاح بن البادية في أواخر ستينيات القرن الماضي فأصبحت فناراً يهدي قلوب الجرحى والمكلومين الذين سلموا قلوبهم طوعاً و اختياراً لمن يعشقون فخانوهم
كما يقول سراج :
أمنتك عواطفي وخنت الأمانة
حطمت في دقيقة أحلامنا ومنانا
ياناسي المحبة يا ناكر هوانا
كذلك ملحمة الجرح الأبيض ذلك المحراب الأزلي.
وتوالت منزوفات الشاعر الراحل المقيم التي أصبحت لاحقاً معزوفات وأغاني وملاحن فيها الهوى والألم – كما يقول الشاعر التيجاني يوسف بشير – تخيم على القلوب الكليمة التي أحرقها جمر الدنف ونار الغرام وصلف المحبوب فكانت:
(ليه بتسأل عني تاني بعد ما شلت الأماني)
التي صدح بها الفنان الذري إبراهيم عوض رحمه الله رحمة واسعة
ومن أعماله الخالدة حبة شوق تلك الملحمة الغرامية الخالدة التي يؤكد فيها الشاعر ثباته على عهد الحب رغم الصدود والجفاء ورغم تفجر عواصف الشوق ورعود المحبة ووجيب القلب فأصبحت أنشودة يصدح بها العشاق مع صوت الفنان العذب صلاح مصطفى:
(ما بغيرني صدودك عني ولا بحولني غرورك يوم
سيب نيران الشوق تحرقني واملأ ليلى على هموم)
فأصبحت نشيد إنشاد المتبتلين في محراب المحبوب.
محجوب سراج رحمه الله في مكانته الشعرية لا يقل عن أولئك الشعراء العذريين الذين سبق ذكرهم أول هذا المقال فهو الذي نزف دمه وروحه وعمره وقدم قلبه زهرة لمحبوبه كما قال الشاعر الكبير عبدالرحمن الريح
(هاك قلبي هديته ليك زهرة)
رحم الله قيثارة الهوى العذري محجوب سراج.