«مجزرة مسجد الفاشر» تهز السودان: عشرات القتلى وسط حصار خانق

شهدت مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، واحدة من أكثر الهجمات دموية منذ شهور، بعدما استهدفت ضربة بطائرة مسيّرة مسجدًا مكتظًا بالمصلين أثناء صلاة الفجر يوم الجمعة 19 سبتمبر، وأسفرت عن مقتل عشرات المدنيين.
وبحسب شبكة أطباء محليين، قُتل ما لا يقل عن 43 شخصًا في الهجوم، فيما تحدّثت تقديرات غير رسمية عن حصيلة أعلى. وأظهرت صور متداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد مأساوية لجثث تحت الركام وسط دمار هائل داخل المسجد. ولم يتسنّ التحقق المستقل من جميع المواد البصرية، إلا أن مصادر طبية أكدت مطابقتها للواقع.
الهجوم يُعد الأحدث في سلسلة من الانتهاكات التي تشهدها الفاشر منذ بدء حصارها قبل نحو 18 شهرًا على يد قوات الدعم السريع، التي انسحبت إلى دارفور بعد طردها من الخرطوم في مارس الماضي. تقارير صادرة عن جامعة ييل والأمم المتحدة وثّقت قيام المليشيا ببناء سواتر ترابية بطول عشرات الكيلومترات حول المدينة، ومنع الغذاء والدواء عن أكثر من 260 ألف مدني محاصرين.
الوضع الإنساني في المدينة بلغ مستويات كارثية؛ إذ أشارت شهادات أطباء محليين إلى أن الأطفال المصابين بسوء التغذية اضطروا إلى تناول أعلاف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة، في وقت انهارت فيه الخدمات الصحية وتراجعت قدرة المستشفيات على استقبال الجرحى.
مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان وصف الفظائع في الفاشر بأنها قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، فيما حذّرت منظمات إنسانية من أن استمرار الحصار قد يؤدي إلى مجاعة شاملة.
وتزامن الهجوم مع جدل سياسي واسع حول الدعم الخارجي لقوات الدعم السريع، حيث تواجه الإمارات اتهامات متكررة بتزويد المليشيا بالأسلحة والطائرات المسيّرة، وهي اتهامات تنفيها أبوظبي رسميًا. ولم تُثبت أي جهة مستقلة بعد صلة مباشرة بين هذا الدعم المفترض وضربة المسجد الأخيرة.
قانونيًا، استهداف دور العبادة المحمية أثناء أداء الشعائر يُعتبر انتهاكًا خطيرًا لقوانين الحرب، وقد يرقى إلى جريمة حرب تستوجب المساءلة. ويرى مراقبون أن الحادثة تعكس تصعيدًا خطيرًا في الحرب السودانية، مع مخاطر حقيقية بانزلاق دارفور نحو مزيد من العنف العرقي والدمار الإنساني.
في الختام، يبقى هجوم مسجد الفاشر شاهدًا جديدًا على مأساة المدنيين العالقين بين نار الحرب والحصار، فيما يتواصل غياب أي تحرك دولي فعال لوقف النزيف وحماية الأبرياء.



