الأحداث – عبدالباسط إدريس
تنتظم في العاصمة المصرية القاهرة حركة سياسية سودانية نشطة، للدفع بنتائج مؤتمر الحوار السوداني للأمام في خطوة قد تكون الأخيرة للقوى المدنية، فما هي الخطوات القادمة؟ وكيف ستمضي مصر في مسار حل الأزمة؟.
جدل وارتداد :
أثار انعقاد المؤتمر في عدم دعوة قوى سياسية ومدنية أخرى جدلاً واسعاً بالساحة السودانية، فالمؤتمر الذي أكدت مصر أنه يهدف لجمع الفرقاء السودانيين للتوافق حول وقف الحرب اعتبره البعض بأنه قد صمم بالأصل لإقصاء قوى سياسية ومجموعات مدنية أخرى، ووصفه البعض الآخر بأنه مجرد إحياء للاتفاق الإطارى ولكن هذه المرة بدمج قوى الثورة وقوى الانتقال – المتفق عليها- في قائمة واحدة.
في سياق ذلك قال التيار الإسلامي العريض في السودان إن البيان الختامي لمؤتمر القاهرة وقواه لا يعبران عن كل السودانيين، فيما قال جبريل إبراهيم إنه لم يكن جزء من البيان لأنه لم يتضمن انتهاكات مليشيا حميدتي بحق المدنيين، فيما قال رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل إن أهم نتائج المؤتمر هي فصل المسار السياسي عن المفاوضات العسكرية والإنسانية بمنبر جدة.
جهود دبلوماسية :
يبدو أن مصر قد شرعت فعلياً في الخطوة المقبلة، وهي بموجب إعلانها أن الحوار سيكون سودانياً خالصاً دون تدخل أو إملاءات خارجية وبجانب تأكيدها على لسان وزير الخارجية بدر عبدالعاطي من أن أي حل سياسي شامل للأزمة السودانية يجب أن يكون شاملاً للجميع من دون إقصاء، فهي بذلك تنتظر أن تعمل قوى المؤتمر على توسعة مشاوراتها باستصحاب قوى سياسية ومجتمعية مقبلة وقطاع واسع من ممثلي أهل المصلحة من السودانيين الذين اكتووا بلهيب الحرب وهو ماكشفت عنه طبيعة اللقاء الاستثنائي الخاص الذى جمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع قادة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني المشاركين في مؤتمر القاهرة، حيث أكد الرئيس السيسي أن بلاده لن تدخر جهداً للمساهمة في وقف الحرب في السودان سواء كان ذلك على المستوى الثنائي أو عبر تنسيقها مع القوى الإقليمية والدولية.
عملياً شرعت مصر في مايمكن تسميته (تطويق الأزمة) حيث استقبلت القاهرة وزير خارجية تشاد بالتزامن مع انعقاد المؤتمر وهي إشارة ربما أرادت مصر عبرها التذكير بأهمية التقيد بمخرجات قمة رؤساء دول جوار السودان حول الأزمة من ناحية ومن جانب آخر تزيح الخطوة الستار عن شروع مصر الرسمية للتحدث مع الأطراف الخارجية المؤثرة في الحرب، كخطوة أساسية تتجاوز ماهو معلن من إطلاعها بتسهيل المسار السياسي بين الفرقاء إلى مايدفع بالمحادثات العسكرية عبر منبر جدة للمفاوضات بين الحكومة ومليشيا حميدتي المحلولة.
لا أمل :
بدوره يبدي المحلل السياسي د. جلال فالح القدال ل(الأحداث) تفاؤله بنتائج مؤتمر الحوار السوداني بالقاهرة، واعتبر أن القوى المدنية المشاركة هي الأضعف والأقل تأثيراً بالساحة التقليدية، ولفت لغياب أطراف مؤثرة وذات ثقل جماهيري وأصحاب مصلحة من بينها الحزب الشيوعي، المؤتمر الشعبي وأحزاب جديدة وممثلي الشباب ولجان المقاومة والمقاومة الشعبية، وقال إن القوى نفسها قد انقسمت حول البيان الختامي ومقررات المؤتمر، مثل مناوي وجبريل وعقار لأسباب عدم تضمين البيان الجهة المسؤولة عن الانتهاكات وتدمير المؤسسات ومهاجمة القرى وتشريد المواطنين واحتلال منازلهم.
اختراق في الأزمة:
بالمقابل يقلل المحلل السياسي محمد عبدالعزيز من تأثير ذلك على مسار الخطوة المقبلة أو اعتراض قادة اتفاق جوبا على البيان الختامي، واعتبر عبدالعزيز ل(الأحداث) إمكانية تطوير إعلان القاهرة الأخير وضم آخرين له، مستبعداً ماتردد عن أن مؤتمر القاهرة قد صمم بالأساس لإقصاء قوى سياسية ومدنية أخرى، ويرى أن مواقف مناوي وجبريل وعقار ذات طبيعة سياسية بحسبانهم شركاء الجيش في العملية السلمية وتقاتل قواتهم إلى جانب القوات المسلحة فضلاً عن عدم استعدادهم لإلحاق أي خسارة سياسية بهم لمعرفته بمدى حنق السودانيين على المليشيا وداعميها وحلفاءها، وتوقع عبدالعزيز أن يحدث المؤتمر اختراقاً مهماً في الأزمة السودانية ودور أكبر لمصر الرسمية في وقف الحرب بالسودان وحل عقدتي المسار السياسي وإيصال المساعدات الإنسانية.