رأي

ليه تسجيل “أشرف سوكرتا” انتشر بالطريقة الواسعة دي؟

خالد عثمان الفيل
أنا شخصياً ما بتمر بي فترة إلا وأفتش التسجيل بتاع “أشرف سوكرتا” واسمعه وابتسم وبعداك اتعجب كيف عمنا الاتكلم في التسجيل عنده فهم لواقع الحرب والموقف منها أكثر من مئات السياسيين والدبلوماسيين والأكاديميين. امبارح وأنا بسمع في الندوة الأخيرة بتاعت أليكس دي وال ورئيسة مجموعة الأزمة، وقبلها بأيام لمن سمعت الندوة بتاعت جامعة هارفرد الاتكلم فيها رئيس منظمة سابا والدبلوماسي الكندي، رجعت سمعت التسجيل أكثر من خمس مرات ووصلت لنتيجة أنه أليكس دي وال ورئيسة مجموعة الأزمة ورئيس سابا والدبلوماسي الكندي كلهم عندهم نفس عقلية “أشرف سوكرتا” وأنه أفضل رد عليهم كلهم هو نترجم ليهم تسجيل عمنا دا!
بعداك سألت نفسي ليه تسجيل “أشرف سوكرتا” دا اشتهر كدا؟ لقيت أنه الإجابة بسيطة جداً = لأنه التسجيل دا يمثل الرد الشعبي على السردية بتاعت “طرفي النزاع”، وهي أكثر سردية أضرت بالشعب السوداني ودلست الحقيقة الساطعة حول هذه الحرب. والسردية دي ما جديدة ولا ظهرت في الندوات دي، لأنه استخدمها قبلهم فولكر، وقبل فولكر كررتها قوى الحرية والتغيير والتي أعادة إنتاج نفسها بعد الحرب تحت مسمى (تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية-تقدم)، ثم انشقت إلى مجموعتين “صمود” و”تأسيس”؛ كلاهما يدعم الميليشيا بطريقته الخاصة!
باختصار شديد، المشكلة شنو في عقلية “أشرف سوكرتا” ؟ في ثلاثة مشاكل منهجية في سردية “طرفي النزاع” أو عقلية “سوكرتا”، وعمنا في التسجيل المختصر دا ذكرهم كلهم بطرق مختلفة:
1- دي سردية/عقلية عاجزة عن التفكير للأمام أو المستقبل، عقلية كل نقاشتها حول “من أطلق الرصاصة الأولى؟” و “من أسس الدعم السريع في العام 2013؟” و”تاريخ الجيش السوداني في انتهاكات دافور” و”تاريخ الإسلاميين في العنف الخ الخ”. عقلية ما قادرة تفهم الفرق بين “الماضي” وبين “الحاضر”، عشان كدا ما عندها إجابة على سؤال عمنا لأشرف سوكرتا في التسجيل الشهير: “أي عرفنا البرهان زمان اسس الدعم السريع وغلط…. الناس ديل محتلين بيوتنا، نعمل شنو؟” غير الكلام العمومي والما عنده أي معنى بتاع “لا للحرب”.
2- إذا كانت السياسة، أو الحياة كلها في الحقيقية، هي التحرك في مساحات الممكن؛ فالسياسة معناها الأساسي إذن أنه الانسان يعمل أقرب الخيارات للصواب (خير الخيرين) وإذا كان لا محالة حيعمل الغلط يرتكب أقل الأخطاء (يرتكب أخف الضررين). عقلية سوكرتا وأليكس دي وال وغيرهم من أنصار سردية “طرفي النزاع” عقلية غير سياسية، يا أبيض (حكومة مدنية ديمقراطية) يا أسود (مجتمع مفكك ودولة منقسمة). الحاجة دي واضحة برضو في تسجيل عمنا الحكيم لمن قال لسوكرتا: “شابكنا الكيزان و** الكيزان… يا أخ عارفنهم من رحم الكيزان”. وبعدين عمنا عمل اختيار سياسي عجيب لمن قال ليه ” أنت بتقول ما عايز *** الجيش، عايز شنو يعنى؟”، وزاد على القصة أنه عمنا دا قام باختيار سياسي أبعد من الفات دا ذاته وقال لسوكرتا “يا أخ اليعود الكيزان ذاته، الكيزان رجال أحسن من ***** الكانوا حاكمننا ديل”. عمنا دا بالتعريف السابق، سياسي فاهم جوهر السياسة والحياة أكثر من سياسي صمود وفولكر وأليكس دي وال ذاته! عارف متين يتحالف ومتين يتصارع، عارف متين يختار المعركة ومتين يأجلها، عارف عنده مشكلة مع الجيش لكن دا ما وقتها، وهكذا
3- أخيراً، الشعب السودان ما عنده مشكلة يواجه الجيش والبرهان (لأنه فعلياً الشعب دا أسقط أربعة ديكتاتوريات عسكرية) ولا عنده مشكلة يواجه الإسلاميين ويقتلعهم (لأنه فعلياً أسقط أطول تجربة حكم سياسي إسلامي في المنطقة دي كلها)، لكن الشعب السوداني ما بيعرف يتعامل مع قوات فاشية زي الدعم السريع، قوات متي ما دخلت أي مدينة أو منطقة تنتهي كل مظاهر الحياة فيها تماماً، عشان كدا ما داير أي خيارات يمكن أن تعيد هذه القوات إلى واقعهم تاني لأنه ما بعرف يتعامل مع الفاشية ولا عمره اتعامل معاها، أو زي ما قال عمنا “يرجعوا كيف يعنى!”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى