كيف اساء كتشنر إعداد معركة سومي (1916) (1-2)
عبد الله علي ابراهيم
قضيت يوم أمس بحاله أرد على أصدقاء لصفحتي على الفيسبوك عن تعليقات لهم على معركة كرري في مناسبة مرور ذكراها. ووجدت كثيراً منهم يؤاخذ الخليفة لأنه لم يأخذ برأي الأمير إبراهيم الخليل في مجلس الحرب الذي انعقد للغرض. وكان رأي الخليل بوجوب الهجوم على الجيش الغازي بليل كرري لا انتظار صباحها. ولا يتوقف أحد من الأصدقاء مع ذلك عند أن ذلك الرأي ورد عن صاحبه في مجلس حرب. ولم يأخذ به المجلس. ولا نعرف حيثيات المناقشة التي جرت في المجلس. ولكن من المهم أن نعرف أن الخليفة، المتهوم بالاستبداد بالرأي، لم يكن صاحب القرار كفاحاً وإن كان صاحب الرأي المُرَجِح.
أما ما اعترضت عليه من قول الأصدقاء فهو وثوقيتهم الشديدة من أنه لو سمع الخليفة من الخليل لهزموا الإنجليز ولربما رددناهم على أعقابهم فلا استعمار ولا دوشة. وهذه قراءة لا تأخذ في الاعتبار أن كرري مجرد موقعة في فتوح أوربية استعمارية لم ترتد على أعقابها على طول القارة الأفريقية وعرضها إلا في معركة عدوة في الحبشة عام 1896 خسرها الإيطاليون ممن هم دون فرنسا وانجلترا عدة وعتاداً. ولم تنس إيطاليا عار عدوة وعادت في الحرب العالمية الثانية لتسترد الحبشة إلى حين.
. وحدث بالفعل أن انهزمت جيوش أوربية منهم في معركة واحدة، ولكنها لم تخسر الحرب مطلقاً. فكانت تكر على خصمها وقد جددت فيالقها لسعتها في المناورة ناهيك من تفاوت السلاح بينها وبين الأفارقة. كان النصر في حرب اقتسام أفريقيا الاستعمارية مستحيلاً. ولذا قال شاعرهم في معنى تلك الاستحالة:
‘Whatever happens, we have got, the Maxim, and they have not’
“فمهما حدث فأيديهم (الأفارقة) خلو من المكسيم الذي نتسلح به”
أما ما لم أفهمه من الأصدقاء فهو عقديتهم بأن القائد، مثل بطل الأفلام، لا ينهزم قط. القادة ينهزمون. فالحرب بين اثنين خاسر وكاسب. وقال بليغ إن الذي صنع السفينة لتمخر عباب الماء يعرف أنها ربما غرقت في نفس الماء. ومن خلق الحرب يعرف أن هناك من يخسرها ويخوضها مع ذلك.
وشاء حظ المنتصر في كرري، كتشنر، أن يكون القائد الخاسر في معركة سومي في أوربا خلال الحرب العالمية الثانية. نواصل