قهوة عم أحمد بالقضارف.. السر في القلية..!!

القضارف/ يس علي يس

وللقهوة في شرق السودان سحرها، ومكانتها التي لا تتزحزح، لها طقوسها وأجوائها، ولكنها تحتفظ بميزة أنها في كل الأوقات، غنى لها الشعراء، وتغنى بها المغنيين، فكانت “القهوة” هي المزاج الذي يتحكم في تفاصيل اليوم منذ بدايته عقب صلاة الفجر، حيث يملأ الجو في كل شوارع رائحة “قلي البن”، وتتزاحم الإيقاعات في الطريقة التقليدية بسحنه بـ”الفندك” الذي يتخذ أشكالاً وأنواعاً مختلفة، ولكنه في كل الأحوال يقود إلى تهيئة المسحوق الساحر إلى طاقة جبارة، وابتسامة توزع عبر الفناجيل الصغيرة، بمختلف النكهات، التي يجلس على رأسها “الجنزبيل” وحرقته التي لا تفارق الألسن، ووصوله السريع إلى مواطن الكيف، ومن ثم الانطلاق إلى عالم العمل، كبداية محفزة “بي مزاج” لا يشبهه شيء.

وفي القضارف تجلس قهوة “عم أحمد” على رأس القائمة، قبلة لكل أهل القضارف الذين يرتادون السوق باستمرار، في ذلك الزقاق الذي يربض بجانب موقف كرري القديم، وقبالة عمارة البدوي الشهيرة، هو مكان تكتشفه بازدحامه، وبرائحة البن التي تملأ المكان، يجتمع فيه الناس شيباً وشباباً، بمختلف مراكزهم الاجتماعية، يحتسون القهوة، ويتبادلون السمر، والأخبار من حول العالم، وفي القضارف الصغيرة، لذلك هي مجتمع ظل محبوباً وقريباً من قلوب وأفئدة أهل القضارف، ولا يمر يوم إلا وكانوا يجتمعون هناك، ويتبادلون الجمال والقهوة ذات المذاق الفريد التي حملت علامة “بن عم أحمد” كعلامة غير قابلة للنسيان أو التنافس من حيث الجودة.

 

البدايات

في حديثه للـ”الأحداث” قال محمد بالعيد نجل أحمد آدم بالعيد، مؤسسو قهوة “عم أحمد” بالقضارف حيث قال: إن تأريخ القهوة قديم في مدينة القضارف، مشيراً إلى أنها ظلت طوال تلك السنوات تقدم جودتها للزبائن، وتحترم أمزجتهم، حيث قال : تأسست قهوة (عم أحمد) في مدينة القضارف في العام ١٩٦٣، على يد السيد آدم بالعيد، كطبيعة كل البجا الذين يعشقون ويجيدون صنع القهوة، فعكس آدم بالعيد عشقه وشغفه للقهوة، بتوليفة مميزة على زبائنه بسوق القضارف العمومي، حازت على إعجابهم، وأدت إلى زيادة الطلب على القهوة، وأضاف: الانطلاقة الفعلية بدأت مع الوالد وابن آدم بالعيد، أحمد الشهير بـ( عم احمد )، والذي كان يساعد والده خلال العطلة، لكنه سرعان ما أحب المهنة، وحفظ سرها، وأكمل لاحقاً ما بدأه والده، وعمل بإضافة طريقة تحميص جديدة، راعى فيها تنمية النكهة، ومضى: منذ خمس سنوات طرحت القهوة اسمها التجاري وماركتها في عالم صناعة القهوة وهي (بن عم أحمد)، وهو موجود حالياً عبر منافذ التوزيع في الأسواق وبعبوات مختلفة في متناول أيدي الجميع.

زقاق الكيف

في ممر ضيق بين عمارتين تقبع قهوة عم أحمد في السوق الكبير، ما إن تدخل الزقاق هذا حتى تشعر بالإلفة والحميمية ، وتجد نفسك مأخوذا بالجو، وبالجلسات والمسامرات، المكان ممتليء عن آخره، بالكاد يمكن أن تجد لك مكاناً للجلوس، ثم ما تلبث أن تجد القهوة أمامك، إن كنت من محبي شرابها في “الجبنة” وبالفناجيل الصغيرة المميزة، أو إن كنت تشربها بـ”الكباية” العادية، فهذا مكان خصص لمزاجل الخاص، ولا أحد يحجر فيه على كيفك، ثم تتوه في الحوارات من هنا وهناك، ما بين الرياضة والسياسة والدين والقضايا العامة والخاصة، مما يشبع الجو بالإلفة، ولا تملك إلا الابتسام وأنت ترتشف قهوتك في صمت، وتتناول كوباً من الماء المثلج ليطفيء عطش الحر، وسخانة لسعة الجنزبيل الحارقة في اللسان.

كل الأطياف

رواد قهوة عم أحمد يعتبروا من المميزين دائماً، فهي تجمع أكثر الناس تعلقاً بالقهوة والبن والمزاج، لذلك فإن كل من يرتاد القهوة، يعتبر من “الكيفيين” جداً للقهوة، ومع ذلك تجمع القهوة مختلف الطبقات الاجتماعية، ومختلف الناس فيها، فمرتاديها من الموظفين والأعيان، والمدراء، وقيادات المجتمع والرياضيين وكذلك المواطنين من مختلف الأعمار، فهي ظلت وعاءً يجمع الناس منذ الصباح وحتى نهاية اليوم لتقدم الأجمل والأروع، ولعلها تعتبر إحدى معالم سوق القضارف البارزة، والمكان الذي تجد فيه من تبحث عنه إذا تاه منك في زحام السوق، فهي الملاذ الآمن للجميع في سوق القضارف.

الفروع

يوجد للقهوة ثلاثة فروع في القضارف،  فرعان منهما في سوق القضارف الكبير، إلى جانب فرع جديد تم افتتاحه في حي ديم النور بالضارف، وهو من الأحياء الشهيرة والعريقة وذات الحركة المميزة من كافة النواحي، لذلك اتجه “محمد بالعيد” إلى افتتاح الفرع الجديد هناك، والذي وجد إقبالاً منقطع النظير، ويقول سكان ديم النور إنه وفر عليهم مشقة الذهاب إلى السوق الكبير لتناول القهوة في قهوة “عم أحمد” بالسوق الكبير.

 

Exit mobile version