فيما أرى .. أيام في ساحل الشرق (2)
عادل الباز
1
في لقاء الرئيس البرهان تحدثنا كلنا بصراحة وأسمعنا الرئيس ما كان يجب أن يسمعه من أسئلة وآراء ويجيب عليها وقد فعل بأريحية تامة دون تشنج أو غضب.. وكان في كل سؤال يتدفق بمعلومة أو معلومتين تعيد تركيب الصورة وتمنحك إضاءة لزوايا غابت عنك في التحليل لتملأ فراغاً لطالما ترك أسئلة حيرى. وما رغبت أن أدونه بعضاً من المعلومات التي رصدتها، وبعضا من الأحاسيس التي انتابتني بعد لقاء المسؤولين وما خرجت به من تصورات وما جعلني أكثر واثقاً من أننا منتصرون بإذن الله طال زمن المعركة أم قصر.
2
يمكنني القول إن ما أفاد به الرئيس في لقاءنا به يتركز في ثلاثة محاور، الأول يتعلق بمعلومات تاريخية يثار حولها جدل كبير وتلك سأتركها للتاريخ والمؤرخين، ومحور آخر يتعلق بما يجرى في المحور العسكري وليس كل ما يدور فيه يقال، ومحور أخير يتعلق بإدارة الدولة والسياسة.
3
في المحور العسكري تحدث الرئيس البرهان طويلاً عن معاناة الجيش في الحصول على إمدادات السلاح، وشرح دور التآمر الخارجي الذي سعى ويسعى لإغلاق كافة المنافذ إلى مصادر السلاح، من المصانع إلى إغلاق الطرق التي يعبرها إلى السودان براً وجواً وبحراً، وفي ذلك أشار لدول عديدة تغلق الطرق وأخرى تشتري مصانع الأسلحة التي يقصدها السودان حتى لا يتحصل عليها.
وهنا شعرت أن الرئيس يحاول أن يبرر البطء الذي تشهده تحركات المتحركات ودخول المدن (سنجة التي سمعنا بدخول المتمردين إليها ونحن في صالة المغادرة في الدوحة، وكدنا نلغي الرحلة نفسها.). ولكن بعد لقاءات مع مسؤولين ذو صلة بملف استيراد السلاح وبعض أعضاء الوفود التي تجوب العالم بحثاً عن رصاصة وقاذفة ومسيرة (هؤلاء أبطال حقيقيون لا يعرفهم أحد يحاربون في جبهة غير مرئية ويفعلون الكثير من أجل وطنهم.. لهم التحايا ويوماً ما سيعرف الشعب ما فعلوه لأجل وطنهم في صمت.). بعد تلك اللقاءات لقاء زملائي مع الفريق ياسر العطا.. (لياسر الصامد والصابر ترفع القبعات) تأكدت من صحة ماقاله لنا السيد الرئيس البرهان وتأكدت أن المعركة التي نخوضها أكبر مما نتصور وأن الأعداء أوغلو في التآمر على وطننا بما لا يمكن تصوره.. ولكنهم خابوا وسيغلبون.
إن أكثر ما يطمئن في معركة استيراد السلاح هذه أن هؤلاء الشباب والجنود المجهولون ابتكروا طرقاً عبقرية في كيفية اختراق هذا الحصار وجعلوا بالإمكان وصول الأسلحة المطلوبة (بصعوبة صحيح) ولكنهم فعلوها.
قال لي أحدهم (تصور أن باخرة سلاح اشتريناها بحر مالنا ظلت تجوب البحار أربعة أشهر، منعوها من الدخول إلى الموانئ السودانية، أربعة دول شاركت في منعها ولكننا في النهاية أوصلناها إلى ميناء بورتسودان… قلت كيف؟ فابتسم وقال نلتقي بعد الحرب فحكاياتها ومؤامراتها بلا نهاية.). سلاح آخر دفعنا كل استحقاقاته من مناجم ذهبنا ولاتزال تلك الدولة تماطل في تسليمه لنا، وآخر دفعنا مقدماته فتم شراء المصنع نفسه ليمنع عنا السلاح.!!.
4
ما يمكن قوله من المعلومات المتناثرة التي جمعتها أن أسلحة جديدة ستدخل المعركة قريباً وأن الآلاف من المستنفرين سيسلمون أسلحتهم وأن طرائق جديدة في القتال وعمل المتحركات قد جرى ترتيبها ستباشر عملها، وأن هناك معارك كبرى في دارفور منتظرة قريباً، وهذا ما أكدته تحركات القوات المشتركة التي تزحف نحو الضعين الآن وتغلق طرق الإمداد من تشاد وتتشون وتتسلح من غنائم المليشيا نفسها.
5
المعركة تمتد من أقصى دارفور إلى قرى الجزيرة إلى حواري أمبدات وصولاً إلى مصانع السلاح إلى أعالي البحار إلى قاعات الدبلوماسية لفضاءات الإعلام لصراعات الأسافير، هذه معركة شاملة لأنها معركة وجود معركة كرامة. معركة أن يبقى سوداننا أو يفنى.. سلمت دائماً وطنى العزيز … .سندحر الباغي الشقي بإذن الله.
نواصل