اقتصاد
عودة شركات النفط الصينية.. مكاسب مشتركة
تقرير – رحاب عبدالله
شرعت اللجنة العليا لتعزيز علاقات التعاون مع الصين في تنفيذ مهامها بتحديد مجالات التعاون المشترك ووضع السياسات والإجراءات الخاصة بتعزيز وتطوير علاقات التعاون والشراكة بين البلدين بما يخدم المصالح المشتركة ويطور العلاقات الاستراتيجية بينهما. وبدأت اللجنة العليا برئاسة د.جبريل إبراهيم وزير المالية في اجتماعها الأول بمشاركة الوزارات المعنية وبنك السودان – في تنفيذ مخرجات مشاركة رئيس مجلس السيادة في أعمال قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي التي عقدت في الصين 3 – 6 سبتمبر الجاري بتحديد مجالات التعاون المشترك على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية ..ولعل من أهم الأشياء التي ينظر لها السودان عودة شركات النفط للعمل في السودان مرة أخرى، بعد ان غادرت في ظل صمت الحكومة آن ذاك وتكتمها عن الأسباب الحقيقية وراء خروجها.
تراجع التعاون الصيني السوداني
وفي الشأن حمّل وزير النفط والطاقة د.محي الدين النعيم الحقبة التي كانت تسيطر فيها قوى الحرية والتغيير على مقاليد الحكم مسؤولية تراجع برامج التعاون بين السودان والصين في مجال النفط، مبينا أن الزيارة الاخيرة عملت على معالجة هذه المسألة واستعادة الشراكات البناءة في المجال.
وكشف عن قيادة نقاشات مثمرة مع الصين تفتح المسار لشراكات جديدة بين السودان والصين في مجال النفط والاستثمارات ذات الصلة، وأضاف وزير النفط والطاقة لبرنامج “مؤتمر إذاعي” مؤخرا أنه جرت لقاءات على هامش منتدى التعاون الصيني الافريقي تم عبرها إعادة التواصل الفعال وترميم العلاقات مع الشركة الوطنية الصينية للبترول صاحبة المساهمة الكبرى في تأسيس البنية التحتية للقطاع النفطي في السودان.
ديون شركات البترول
من جانبه رأى وزير الطاقة الاسبق مهندس مستشار اسحق جماع أن لقاء الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة مع الشركات الصينية، بداية الطريق لعودة شركات النفط الصينية لاسئناف العمل في السودان بعد الحرب لكن اسحق قطع بأن الامر يحتاج كثير من العمل الفني والمالي في إطار استحقاقات الأطراف وادخال العلاقات الاستراتيجية في مناخ الجو السياسي الحالي.
واقترح اسحق في حديثه ل(الأحداث) تكوين تيم من الفنيين المقتدرين والسياسيين والعارفين بخبايا وألاعيب الفاعلين الخارجيين لترتيب هذا الملف ابتداءاً من الوضع الراهن للحرب وما بعد الحرب، ونبه لضرورة عدم تركها لوزارة المالية والنفط خاصة أن هذه المؤسسات مشغولة بالتسيير اليومي وليس لديهم وقت أو أُفق في التخطيط الاستراتيجي شريطة أن يكونوا مساهمين مع التيم وذلك بدراسة النوايا الدقيقة والفعلية والعملية للجانب الصيني في إطار التفاعلات المتفاوتة.
وكشف اسحق أن هنالك بعض التفاصيل عن اشكالية الشركات الصينية حتى قبل الحرب خاصة بعد فصل الجنوب وذهاب 75% من البترول المنتج وتبقى للسودان 120 الف برميل في اليوم وهذه الكمية 50% منها ملك الشركات الصينية والشركات الأخرى الاسيوية حيث تنص الاتفاقية على امكانية الشراء، مؤكدا أن هذه الكمية تكفي المصفاة فقط، وكان السودان يشتري نصيب الشركات، الا أن هذه المبالغ كانت لا تدفع ولا توجد حتى صيغة مالية لجدولة الديون ، مشيرا إلى أن هذه كانت مسؤولية وزارة المالية، وأكد اسحق أنه وفقا لذلك أبدت الشركات التوقف من العمل والخروج من مشروع البترول، وأضاف” وفي زمننا القصير في الوزارة_وزير طاقة في حكومة ايلا- طلبنا اتاحة بعض الوقت حتى يتم استلام مهامنا في الوزارة والبحث معهم في وسائل للاستمرارية ولكن حدثت ما يسمى بثورة ديسمبر التي تم اختطافها في وقت مبكر بواسطة عملاء لدول خارجية واستخباراتها وكان من أهم أجندتها العمل على التخلص من الصينيين ومشروعاتهم الناجحة في السودان، خاصة البترول وفي الاساس عمليات الاستكشاف الاساسية تمت بواسطة شركة شفرون “chveron”الامريكية ،ولكنها حجبت من الاستخراج والاستقلال في اطار سياسة الدول الكبرى مثل امريكا، وراى اسحق أن القصد كان الا يتمكن السودان من الانطلاقة التنموية بفعل البترول واستخدمت بعض الأدوات الاقتصادية كتدني أسعار البترول وأيضا التمرد في الجنوب لاستعمال القوة القاهرة.
لكنه أشار إلى أن الصين اتت بشركاتها وبما لديها من المعلومات عن بترول السودان وتم استخراج البترول باتفاقية جاذبة جدا للصينيين من جانب السودان وقد كان وبمشروع البترول بدأ الاقتصاد السوداني ينمو بوتيرة مذهلة 10% نمو في السنة من 2000 حتى 2010 وحقق السودان أعلى نمو اقتصادي في تاريخه بلغ 65 بليون دولار عام 2008 بفعل البترول وبسببه تعدلت استراتيجيات الفاعلين الخارجيين إلى عقد اتفاق سلام مع الجنوب وخدعة الاستفتاء لفصل الجنوب وخلق حركات دارفور ودعمها للضغط لفصل الجنوب.
مكاسب عديدة
وأكد الخبير النفطي مهندس عبدالحي علي حامد، امكانية عودة شركات النفط الصينية للسودان لان الاستثمار الصيني شجاع وليس جبان، فضلا عن أنهم يعرفون السودان جيدا وحققوا منه مكاسب عديدة لكن عبدالحي استهجن الحديث عن الديون، مبينا أن الشركات تأخذ حقها من البترول عبر اتفاقية مشاركة في الارباح أو الإنتاج وبذلك يحصلون على أموالهم في شكل خام أو منتجات، وقطع بأن هنالك معلومات مغلوطة عن “المديونية”.
مردود إيجابي
فيما أكد الخبير الاقتصادي د.محمد الناير أن أثر عودة التعاون السوداني الصيني على الاقتصاد السوداني ايجابي، ورأى الناير أن هذه الخطوة تأخرت كثيرا، لافتا إلى أنه كان يفترض على السودان منذ فترة بعيدة العمل جاهدا لعودة الاستثمارات الصينية ،وبرر الناير ذلك لان الصين كان لديها دور كبير جدا في استخراج البترول السوداني حتى وصل انتاج البلاد قبل الانفصال إلى حوالي 480 الف برميل يوميا وانعكس ذلك بصورة كبيرة على الاقتصاد السوداني، ورأى الناير ان عودة استثمارات الصين سواءا في قطاعات النفط أو التعدين مع الاشارة الى أن هنالك حديث عن شركة صينية تنتج 7 طن في العام وهي كمية كبيرة إن استطاعت هذه الشركة أن تنتج.
دلالات التوقيت
وقال الناير ل(الأحداث) إن هذا التطور في هذا التوقيت تحديدا له دلالات كثيرة لأن السودان يعاني من حرب وكونه في ظل الحرب وعدم استقرار الاقتصاد السوداني تكون هنالك اتفاقيات ومذكرات تفاهم توقع في بكين، وعودة الصين للاستثمار مرة اخرى في السودان هذا مؤشر ايجابي ويسهم بصورة كبيرة في اعادة بناء البنية التحتية من جديد والقطاعات الانتاجية بصورة كبيرة ، وتوقع الناير أن يكون هنالك جهد مبذول خلال المرحلة المقبلة لانزال ما تم التوقيع عليه على أرض الواقع والعمل على تقوية العلاقات الصينية السودانية، لان علاقة السودان مع الصين وروسيا ومجموعة البريكس تحديدا يجعل السودان يجد الوقوف بجانبه في المحافل الدولية ، وعدّه الناير أمر مهم حينما يزداد معدل التشابك بين الاقتصاد السوداني والروسي هذا يعني ان الصين وروسيا تسعى إلى حماية استثماراتهم في السودان وبالتالي تكون هنالك شراكة استراتيجية.