عادل الباز يكتب: 4 طويلة.. بئس المصير!
*فيما أرى*
1
يتملكني في بعض الأحيان نوع من الأسى على ما آلت إليه مصائر قوى الحرية والتغيير، إذ إن تحالفاً كبيراً يضم طيفاً واسعاً من السودانيين من اتجاهات متنوعة ومهنيين وفصائل مختلفة وحركات مسلحة؛ كان بمقدوره أن يأتي ما لم تستطعه الأوائل.. كان يستطيع أن يشكل وحدةً صماء لإحداث التحول الديمقراطي المأمول، وكان بمقدور ذلك التحالف صنع الاستقرار الذى افتقدته بلادنا منذ الاستقلال، خاصة بعد أن قاد وأنجز ثورة ديسمبر 2018، ولكن لأسباب شتى متعلقة بداء الإقصاء والكراهية والسعي وراء المكاسب الحزبية الصغيرة وشح النفس تلاشت تلك الآمال وتلاشى التحالف نفسه، بل انتهى إلى صفر كبير في الساحة السياسية.
2
هان ذلك التحالف على الناس بحيث أصبح الجميع يتبرؤون منه ولا أحد يسعى للالتحاق به، بل ترى الناس والتنظيمات يخرجون منه أفواجاً.. تشظى التحالف حتى صار هباء منثوراً، فقد التحالف السلطة في خضم صراع محموم وعبثي مع العسكر والحركات المسلحة، برغم المواثيق والعهود التي مهروهاً مع العسكر، ثم عبثوا بها سويا، انتهت الوثيقة الدستورية إلى خرقة بالية لا تتمتع باحترام أحد.
قال العسكر إنهم لن يجلسوا مرة أخرى مع 4 طويلة وطفقوا ينسجون الأحابيل، حتى قذفوا بهم إلى قارعة الطريق.
كسب التحالف بغباء شديد عداء الجيش كله، وليس قيادته فحسب، ثم خسروا شركاء السلام في الحركات المسلحة.. كل المحاولات الجارية الآن سراً وعلانية فشلت في إنجاز صفقة جديدة مع العسكر، تعود بموجبها 4 طويلة إلى السلطة، وفشلت كل المحاولات واستعرت الشتائم والخلافات، وتصاعد دخان الاتهامات بالخيانة بين رفقاء الأمس فاستهان بهم العسكر، واتخذوهم عدواً بشكل نهائي.
3
حين يئست 4 طويلة من العسكر اتجهت إلى الشارع في محاولة للتموضع من جديد، ولكن للشارع ذاكرة حية سرعان ما دوت هتافات الشباب ضدهم (بكم بكم قحاتة باعوا الدم)، وأصبح رموزها مطاردين في المظاهرات وكل مكان يذهبون إليه (خالد سلك/الصديق الصادق/ إبراهيم الشيخ)، فلا مكان اليوم ل 4 طويلة في الشارع العام.
4
ثم اتجهوا إلى مخاطبة لجان المقاومة عبر مجلس التنسيق الذي يقود المظاهرات، ولكن هؤلاء اشترطوا عليهم أن يعتذروا علناً عمّا اقترفوه من بلاوي إبان حكمهم في حق الثورة والثوار، علما بأن تلك التنسيقية تضم ممثلين لطويلة ولكن الغالبية مستقلة، ورغم ذلك لم يرتضوا بقيادتهم مرة أخرى للشارع، ولا لموجة الثورة الجديدة، فأضحوا على هامش الحركة السياسية التي تقود الشارع.لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك.. يا لمكر التاريخ.
5
ذهبوا يطرقون أبواب الحزب الشيوعي الذي يتمتع بوجود مقدر في التنسيقية، رافعين شعار بناء “أوسع تحالف لهزيمة الانقلاب”، ولكن الحزب الشيوعي الذي يتكئ على تجارب عميقة مع البرجوازية الصغيرة رفض حتى الجلوس معهم كقوى حرية وتغيير، وطلب منهم أن يلتقوه فرادى، فهو لا يرغب في نفخ الروح في جثة 4 طويلة، وكان مشهداً غرائبياً وخاصة حين ذهب السيدان خالد سلك وياسر عرمان إلى دار الحزب الشيوعي فأكرموهما بردهما خاليي الوفاض، وطالبوهما بمكتوب رسمي أولاً لكي يستمعوا إليهما.. ترى من أين أتى الحزب الشيوعي بذلك الصلف، أمن قوته أم من هوان 4 طويلة؟
6
باب أخير هرول إليه قادة تحالف 4 طويلة، وهو باب السيد فولكر.
لم يصدق التحالف أن فولكر أطلق دعوة هلامية أبرز ما يميزها دعوته للجميع (ماعدا البعاتي.. اقرأ مقالي القادم.. ما عدا البعاتي) للتشاور والخروج من الأزمة حتى هرولت طويلة بقائمة من المطالب والاشتراطات، فاحتار الخواجة في أمرهم، وكأن القوم ملكوا الشارع ودباباتهم على أبواب القصر الجمهورى.
استمع إليهم فولكر مثلما استمع للبسوى وللما بسوى، مضيعاً زمنه وزمن البلاد والعباد والأمم المتحدة بلا طائل، وظل يلف صينية لم يستطع الخروج منها بفكرة ولا خطة تجمع الناس على هدى، أسوأ ما حدث ل4 طويلة أن فولكر ومن خلفه الاتحاد الأوروبي بدأوا يستمعون للفلول.. سبحان الله!
في الوقت الذى تهتف فيه طويلة مع الهاتفين فى الشارع (لاشراكة لا تفاوض لا مساومة) تقبل (تحت تحت) التفاوض مع العسكر.. كلام الشارع الساخن نهاراً تمسحه برودة المكيفات والتنازلات ليلاً وهيهات أن يقبل منهم أحد فكرة احتكار الساحة السياسية مرة أخرى.لم يتبق لهم الآن إلا باب السماء، و(كدي خليهم يمشوا يقيفوا قدامو).. وأنصحهم إن فعلوا أن لا يصطحبوا معهم النصرين، عبد الباري ومفرح.. ولكن على العموم رحمة الله واسعة!