عادل الباز يكتب: المشي باتجاه الشعب.. لا محاضن الأجنبي!

 فيما أرى

1
ذات حوار علني في الأسافير مع د. أمجد فريد قال لي (أستاذ عادل الباز.. الطريق إلى بسطام يصنعه المشي، وليس الوصفات الشمولية سريعة الإعداد).
قلت له يا أمجد ، الطريق إلى بسطام يصنعه المشي فعلاً.. لكن المشي فى الاتجاه الصحيح.. المشي نحو شعبك أولاً لا محاضن الأجنبي.. إمشِ لشعبك واكتشف إمكانية أن تجد لديه حلاً ثم هرول لتلك المحاضن المتوافرة دائماً.. لا يمكن أن تمشي طوال عمرك تتضهب في الدروب الما ليها سكة ولا في إيديها حل.).. أدرك امجد اخيرا أن سكة قحت ستوصلنا لما وصلنا إليه الآن من خراب، فتقدم بكل شجاعة وأعلن موقفه من الإطاري ولم يخش الإرهاب الفكري الذي يمارسونه عليه كلما نشر تغريدة لا تساير خطهم الجنجويدي.. لك التحايا يا سيد أمجد، لقد فارقت عقليات القطيع وهذا يليق بك.
2
تذكرت هذا الحوار وأنا أرى قادة قحت يتسللون للخارج والخرطوم تحترق للقاء الرئيس موسيفيني.. ليه ما عارف.. لا.. كيف ما عارف اليس هو رئيس ديمقراطي ظل يحكم 37 عاماً والآن ابنه مستعد للوراثة؟!.على أية حال هو أفضل من حميدتي الديمقراطي الجنجويدي الإطاري.
عندما رأيت في تلك الصورة (ثوار) الأمس الذين هم ضد الدكتاتوريات والحكم الشمولي، يستمعون بأدب للرئيس الديمقراطي موسيفينى، قلت في نفسي ألم يكن من الأوفق وهم في بدء خروجهم من مخابئهم أن يمشوا باتجاه شعبهم بدلاً من الهرولة إلى الخارج؟
3
إذا كانوا متيقنين أن موقفهم تجاه الحرب هو ذات موقف الشعب كان بمقدورهم أن يشرعوا فى جولات في أرجاء السودان الواسعة والآمنة (حتى الآن) ليقنعوا شعبهم بأن موقفهم من الحرب (لا للحرب)، ويعبئوا الشعب في الأقاليم ضد الحرب، ويسيروا المظاهرات المليونية بالمناطق الآمنة وخاصة بالمدن الكبيرة ( بورتسودان / مدنى/كسلا / القضارف / اتبرا ) لإدانة الحرب والسعي لإيقافها.. أو أن يسارعوا لمواساة أهلنا المساليت في الجنينة الذين تعرضوا للابادة بواسطة حلفاؤهم الجنجويد!!
كان بوسعهم أن يطوفوا الأقاليم ليتفقدوا حال شعبهم هناك و يطمئنوا على أوضاعه و يتفقدوا ظروف مأكله ومشربه وعلاجه، كان بوسعهم أن يناشدوا حلفائهم المتمردين أن يخرجوا من بيوت الناس حتى يعود المشردون واللاجئون إلى ديارهم، كان بإمكانهم مخاطبة الحلفاء ليمتنعوا عن نهب واعتقال الناس الذين يهربون من جحيم الحرب في ارتكازاتهم وغزواتهم، كان بوسعهم أن يزوروا المستشفيات التي أرسلت إليها الخرطوم المئات من حالات الاغتصاب وأن يطلقوا نداءً إنسانياً من هناك للجنجويد بأن يكفوا عن اغتصاب أخواتهم وأمهاتهم، ويشرحوا لهم أن الديمقراطية لا يمكن أن تأتي عبر فض بكارات حرائر السودان واختطاف القاصرات.. لعل وعسى ان يفهموا فيتوقفوا عن ارتكاب جرائمهم المخجلة!!
4
كان بإمكانهم أن يتجهوا نحو المعابر ليروا الذلة والمهانة التي يتعرض لها السودانيين ويطلبون من الدول التي تضع الحواجز وتفرض التأشيرات أن يعاملوا أهلهم بما يليق بهم كبشر وبآدميتهم، ويعلنوا هناك في المعابر تعاطفهم مع المهجرين من ديارهم من دون أي عون إنساني، كان بإمكانهم وهم بين شعبهم مناشدة المنظمات الإنسانية أن تعجل بالمساعدات ويستعينوا بنائبة فولكر (يا حليلو الكفيل).
5
باختصار كان بإمكانهم فعل الكثير، لكنهم اختاروا كعادتهم محاضن الأجنبي لا أحضان شعبهم، في وقت هو أشد الحاجة لمواساتهم وليكونوا بقربه، ترى لماذا تسللوا سراً وعلانية وتركوا بسطام خلفهم وهرولوا للخارج؟
لا يثقون في شعبهم، هذا احتمال قائم، وإلا كيف نفهم امتناعهم عن مخاطبة الشعب أو مواساته ويهرلون لمخاطبة العالم؟. تذكرت مقولة السيد عبد الخالق محجوب حين قال لخصومه (أنتم في واد والشعب في واد، ولكنكم بوادٍ ليس ذي زرع).. تماماً كحال القحاتة وجنجويدهم اليوم ، في وادٍ بلقع والشعب في ساحات التضحيات والفداء عن عرضه وأرضه وكرامته وماله.. ترى هل يحق لجماعة لا تثق بشعبها أن تنال ثقته.. الآن ومستقبلاً.؟
احتمال ثانٍ، أنهم متيقنون أن الشعب ضد موقفهم من الحرب ولذا لن يجرأوا على مخاطبته مباشرة (يمكن أن يفعلوا ذلك من مخابئ الأسافير لأنها في الغالب مستوطنات فيالق الحمقى الجبناء).
احتمال ثالث، أنهم يستشعرون عاراً يحيط بهم، يخجلون منه ولا يستطيعون منه فكاكاً، وكيف لا.. فمن يعجز عن إدانة انتهاك أعراض السودانيات وإبادة المساليت بالجنينة ونهب المنازل وتهجير أهلها منها في الخرطوم لن يستطيع أن يرفع عينه لينظر في عيون نساء ورجال السودان!!
6
مرة أخرى، لماذا اختاروا الهرولة للأجنبي عِوضاً عن شعبهم؟
لأنهم بعد أن فقدوا الشعب بسياساتهم ومواقفهم الغبية ولم يصغوا لهتافاته التي تعطر سماء شوارع الخرطوم الآن (جيش واحد شعب واحد) وصمّت آذانهم زغاريد نسائه كلما مر جنود الشعب راكبين أو راجلين، بعد أن فقدوا الشعب ليس لهم ملاذ سوى الأجنبي ليعيدهم إلى سدة الحكم.يظنون من فرط جهلهم واستهتارهم بشعبهم أن الطريق الوحيد لفرض إرادتهم عليه أن (يجوا عايدين) للسلطة على صهوة أحصنة كتشنر( فولكر) مجدداً وهيهات، وخاصة بعد أن عجز جنجويدهم الاستيلاء على السلطة بالخيانة.
7
قال الراوي.. شاهد الناس الجنجويدي الأخير حميدتي (بحسب عشاري) لآخر مرة على أبواب القصر الجمهوري كما شوهدت قحت أول أمس في حدائق قصر موسيفيني، وغداً في تشاد ومنها إلى جدة ثم كينيا حيث قصر وليام روتو حليف الجنجويدي الأخير، ثم الى فندق (راديسون بلو) فى الزهرة الجديدة مع عرابهم آبى أحمد، بحثاً عن وصفه تشبه سيئة الذكر الوثيقة الدستورية، ومنها قد تواتيهم الجرأة للذهاب لأوروبا حيث سيجدون تحالف أبناء المساليت والفور والزغاوة في استقبالهم بلافتات بلون دم خميس أبكر، فتذكرهم بعار صمتهم على جرائم حلفائهم!!

Exit mobile version