تقارير

طريق مفاوضات سويسرا هل يمر بـ(جدة المطورة) أم يعبرها إلى مسارات جديدة

الأحداث – أمير عبدالماجد

مع تناقص الأيام التي تسبق سباق الرئاسة الأمريكي بدأ المرشح الجمهوري دونالد ترامب يضرب على المناطق الهشة عند منافسيه الديمقراطيين المشغولين على مستوى الإدارة بلملمة الملفات المبعثرة والمتعثرة في السياسة الخارجية خصوصاً مايلي الحرب في غزة والسودان، وكان ترامب الذي يدرك عمق أزمة الديمقراطيين قد وصف الرئيس الحالي بايدن هذا الأسبوع بأنه اسوأ من تولي رئاسة أمريكا، وقال إن عدم فوزه في الانتخابات القادمة يعني أن حرباً عالمية ثالثة ستقع انطلاقاً من حروب ستقع في الشرق الأوسط المشتعل الآن بالحروب.

منبر جديد
وكانت الولايات المتحدة قد نقلت على نحو مفاجئ المفاوضات حول توقيع اتفاق لتسهيل مرور المساعدات الإنسانية وإيقاف العمليات الحربية من جدة بالمملكة العربية السعودية إلى سويسرا ومع الأقاويل الكثيرة التي انتشرت هنا وهناك بأن أمريكا تسعى لفتح منبر جديد قالت الإدارة الأمريكية إنها لن تفتح ملف المفاوضات السياسية وإنها ستكتفي في هذه المرحلة بالملف الإنساني لتسهيل مرور المساعدات الإنسانية وضمان حماية المدنيين وأن الأمر لن يتجاوز للملف السياسي وهو أمر يرى رئيس تحرير صحيفة إيلاف خالد التجاني أنه غير صحيح لأن الملف الإنساني نفسه جرت حوله تفاهمات ووقع اتفاق فلماذا يتم تجاوز الاتفاق الموقع في منبر جدة والقفز إلى مناقشات جديدة حول نقطة سبق وحسمت، وأضاف “النقاط التي نتحدث والتي تم الاتفاق عليها في منبر جدة ويتهرب منها الدعم السريع الآن هي الخروج من الأعيان المدنية وبيوت الناس فهل أصبحت بيوت الناس معسكرات جيش؟ وهل يدعم المجتمع الدولي وجود الدعم السريع في بيوت الناس واحتلاله لها؟”، وتابع “ما نطالب به هو تنفيذ الدعم السريع لهذه الالتزامات التي لايدعمها اتفاق جدة فقط بل حتى القانون الدولي الإنساني والقوانين الخاصة بحماية المدنيين والقانون الدولي”، وقال “كثرة المبادرات والمفاوضات أعتقد أنها أطالت أمد الحرب وتسببت في كوارث كثيرة نعايشها الآن بالإضافة إلى أن العالم نفسه والأمم المتحدة لايتعاملون مع مايحدث في السودان بجدية بل ولعب هؤلاء أدوار سلبية في هذه الحرب بكثرة المبادرات واللت والعجن والقفز من طاولة لأخرى، دونك ما قالته الأمم المتحدة نفسها فالمنظمة طالبت العالم بتوفير أربعة مليارات دولار لتوفير المعونات الإنسانية لم تتلق منها حتى الآن إلا 20% هذا يؤكد أن العالم غير جاد”، وأضاف “لماذا نذهب إلى منبر جديد ونتجاوز منبر جدة ولماذا أبعدت الولايات المتحدة المملكة العربية السعودية من الوساطة.. كلها أسئلة تحتاج إلى إجابات؟”.
وعلى عكس فرضيات خالد التجاني يرى رئيس تحرير صحيفة التيار عثمان ميرغني أن مفاوضات سويسرا هي منبر جدة المطور، يقول “سياسيون كبار يكتبون لماذا توجه أمريكا الدعوة للجيش وليس الحكومة، وفي الوقت ذاته يقولون مفاوضات جنيف فخ للتخلص من التزامات منبر جدة مع أن مفاوضات جنيف هي منبر جدة المطور إذا تم تغيير الجيش بأية جهة تصبح الالتزامات السابقة ساقطة لتغير أحد أطراف الاتفاق”.

أطماع أجنبية
ويرى تقرير نشره مركز دراسات الشرق الأوسط أن الحسابات الأمريكية فيما يخص السودان واضحة فواشنطن ترى أن للسودان أهمية جيوسياسية واقتصادية واستراتيجية كبرى تجعله محطَ أطماع أجنبية عالمية وإقليمية كما أن أي فوضى فيه يمكن أن تزعزع الاستقرار في منطقة شديدة الحساسية تعاني هشاشة بنيوية أصلًا. ولخص المركز الأسباب التي تدعو أمريكا للاهتمام بالسودان بعيداً عن هواجس الانتخابات هي التصدي للنفوذ الروسي الصيني في أفريقيا وعرقلت تنفيذ اتفاق إيجار مدته 25 عاماً أبرمته روسيا مع السودان في ديسمبر 2020 لإنشاء قاعدة بحرية في بورتسودان يمكن أن تستقبل سفنا تعمل بالطاقة النووية، ويتمحور قلق واشنطن حول النفوذ المتنامي لمجموعة فاغنر في دارفور والذي ترى أنه يساهم في تمكين روسيا من إنشاء ممر عبر السودان إلى المراكز العسكرية الروسية في ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، وحسب خبراء أميركيين فإن دور فاغنر في السودان يندرج ضمن محاولات روسيا تقويض النفوذ الأميركي والفرنسي في أفريقيا والاستفادة من ثروات البلدان الأفريقية كما أن بكين لديها مصالح كبيرة في السودان وفقا لمبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها عام 2013 ففي الفترة 2011-2018 قدمت بكين للخرطوم قروضاً تقدر بحوالي 143 مليون دولار واستثمرت في مشاريع مثل إنشاء خطوط لنقل النفط السوداني وجسور على النيل ومصانع للنسيج وخطوط للسكك الحديدية وفي عام 2021 بلغت قيمة صادرات السودان إلى الصين نحو 780 مليون دولار، وتعد ثاني أكبر شريك تجاري للسودان بعد الإمارات وتحاول أمريكا استراتيجيا وهذا أمر استراتيجي لايخضع للمتغيرات بوجود بايدن أو كاميلا هاريسون أو ترامب.. تحاول أمريكا منع قيام محاور إقليمية متناقضة في المنطقة وهي تخشى الآن أن يؤدي النزاع في السودان إلى قيام محاور جديدة في المنطقة يضع حلفاءها الإقليميين في مواجهة بعضهم إذ تدعم مصر والسعودية بدرجة أقل، قائد الجيش البرهان، في حين تدعم الإمارات العربية المتحدة حميدتي وثمَّة مخاوف من أنه في ظل الخلاف المصري الإثيوبي حول سدِّ النهضة ودعم مصر للجيش السوداني أن تلجأ إثيوبيا إلى دعم قوات الدعم السريع كما تخشى واشنطن من توسع دائرة الصراع لتتجاوز السودان إلى منطقة الساحل الأفريقي، خصوصا بعد اتجاه حميدتي لتجنيد مقاتلين عبر الحدود، من مالي وتشاد وغيرها كما أن الإدارة الامريكية تخشى استمرار الصراع في السودان وحدوث فراغ في السلطة سيُنتج أزمة إنسانية تدفع بمئات الآلاف من اللاجئين إلى دول الجوار خصوصاً نحو إثيوبيا وجنوب السودان وهما بلدان يكافحان من أجل الحفاظ على اتفاقيات سلام هشة، كما تخشى واشنطن من أن يقود عدم الاستقرار في السودان إلى توفير ملاذ آمن للجماعات الإرهابية مثل حركة الشباب الصومالية وغيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى