رأي

طبول الصفيح (4)

فيما أرى
عادل الباز
المجاعة..(أ) 
ذلك هو الطبل الأخير الذى يقرع في فضاء العالم الآن ليهب لنجدة الجوعى في السودان وليس غزة !!. للحقيقة أن قرع طبول الجوع والمجاعة قد بدأ قبل أشهر ولكنه تصاعد بشكل جنوني الآن، وتعالت (الكورايك) بعد صدور  تقرير نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)  الشهر الماضي. ثم ازداد الضجيج بعد إصدار لجنة من خبراء الأمن الغذائي تقريراً صدر يوم الخميس الماضي، عن تفشي المجاعة بإقليم دارفور بمدينة الفاشر معسكر زمزم.!! إعلم يا هذا إنه وبحسب السيد آدم رجال الناطق الرسمي باسم معسكرات اللاجئين أن هناك 171 معسكراً موجوداً في دارفور، ومن ضمن تلك المعسكرات معسكر (واحد بس) حدثت به مجاعة بحسب زعمهم وهو معسكر يتبع لعبد الواحد محمد نور الذي يعتقل هؤلاء المساكين هناك لعقود ليتاجر بهم سياسياً. أما باقي المعسكرات فهي سليمة 100% ولم تحدث فيها مجاعة، بسبب المجاعة في هذا المعسكر (الواحد) بدأ العزف. براندت قاست، رئيس منظمة كفاية كتب مقالاً مطولاً في الواشنطن بوست، وليندا جونسون السفيرة الأمريكية بمجلس الأمن أدلت بتصريح مطول الأسبوع الماضي حول المجاعة في السودان، وكذلك لم يتوانى السيد توم بيريلو مبعوث الولايات المتحدة للسودان من إصدار تغريدة  في نفس الاتجاه كما عزفت خلفهم فرقة (تقدم) حاملة طبول الصفيح بهاشتاقات متعددة تعلن المجاعة في السودان!!.
تصوروا هذا بسبب معسكر واحد بس حسب تقريرهم.!! وهبت من خلفهم الصحف المغرضة ووكالات الأنباء والمواقع ذات الأجندة التي تلقفت الخبر دون تمحيص لتعلن بالخطوط العريضة (إعلان المجاعة في السودان!!). شفتو  شغل التزييف والاستهبال كيف، يستخدمون الجوع  والتلاعب بأرواح الناس ومآسيهم   لدعم الأجندة السياسية.
 المطلوب من هذه الحملة الضغط على الحكومة لفتح المعابر ووقف الحرب لإنقاذ المليشيا، ثم تحت هذا الضغط مفروض أن تسارع إلى جنيف منصاعة للأجندة الأمريكية التي تحاول أن تجد مخرجاً للمليشيا من مأزقها، وتسجل نقطة لصالح الديمقراطيين في الانتخابات القادمة.!!، ودي أسباب كل الهيصة بتاعت المجاعة.
2
قبل أن نأتي لتعريف المجاعة والجوع بحسب تعريفات الأمم المتحدة وخبراء الغذاء والمقاييس التي يعتمدون عليها نود أن نطرح بعض الأسئلة على السادة قارعي طبول المجاعة لأغراضهم السياسية.؟. أولاً، هل هناك جوع بمعنى نقص في الغذاء… إجابتي بالتأكيد نعم هناك نقص في الغذاء وبالتالي نسبة جوع أعلى، ولكن هل وصلت المجاعة، المرحلة الخامسة وهي المرحلة التي عندما تصلها مستويات الجوع تٌعلن عالمياً حالة المجاعة؟.
بحسب تقارير الأمم المتحدة نفسها أن ذلك لم يحدث حتى الآن، هناك STARVATION وليس FAMINE. وذلك بحسب تقرير نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) الصادر الشهر الماضي والتي اشتركت في إصداره أكثر من عشر وكالات مهتمة بموضوع الغذاء في العالم. ويقول ذات التقرير إن 13 منطقة فقط تشهد نقصاً في الغذاء من جملة أكثر من 50 منطقة في السودان لا تعاني من نقص الغذاء.!!
3
لنفترض أن هناك مجاعة فعلاً… فما هي مسبباتها وما هو العامل الرئيسي فيها؟ هل هي بفعل الطبيعة أو بفعل فاعل؟ ومن هو الفاعل؟ لابد من معرفة مسبباتها لازالتها، فالإغاثة ليست علاجاً للمجاعة إنما علاجها الجذري هو اقتلاع مسبباتها.
بافتراض تلك المجاعة أيضاً، ماذا فعل العالم لإنقاذ الجوعى من الهلاك؟.
بحسب  جماعة المجاعة.. الناس تموت في دارفور.. بمعنى أن على العالم الاسراع بادخال الغذاء بكل المعابر المفتوحة والمتاحة شمالاً وجنوباً وغرباً أو أي مكان .. إذن لماذا الاصرار على معبر واحد (أدري) وهو المعبر الذي تثور حوله كل تلك الضجة الآن، وهو المعبر الذي تسيطر عليه المليشيات المتمردة، في وقت وافقت فيه الحكومة على إدخال الغذاء لدارفور عبر معبر (الطينة) بعد خضوع الإغاثة للتفتيش ومراقبتها، وهو ما ترفضه منظمات الأمم المتحدة التي يتواصل عويلها لفتح المعابر؟ لماذا الإصرار على (أدري) معبراً وحيداً لكل دارفور؟ إن وراء الشعارات الإنسانية المزيفة ما وراءها.
4
لقد كفاني دكتور أمجد فريد مشقة الإجابة على السؤال الأول في مقال له بمجلة المجلة (المجاعة في السودان… مأساة بفعل فاعل). عدد يوليو الماضي. يقول دكتور أمجد (تبرير هذه الكارثة والمعاناة الإنسانية بأنها نتاج حرب 15 أبريل/نيسان 2023 وحدها، هو تحليل قاصر، فحتى الحرب في عصرنا الحديث لها قوانينها ولها قواعدها التي تحكم سلوك الأطراف المتقاتلة لتحدّ من تأثير القتال على المواطنين المدنيين. وقد اتبعت ميليشيا “قوات الدعم السريع”، منذ اندلاع حربها مع قوات الجيش السوداني، استراتيجية حصار التجويع التي استهدفت الضغط على المواطنين لإخضاعهم أو إجبارهم على الانضمام إليها. حيث حاصرت الميليشيا في بداية الحرب مناطق مكتظة بمئات الآلاف من السكان مثل جزيرة توتي، وأحياء مثل بانت والعباسية والفتيحاب والمهندسين في ولاية الخرطوم إبان سيطرتها على مدينة أم درمان، ومنعت خروج المواطنين منها ومنعت عنهم دخول الطعام والمؤونة، وهو ما أدى إلى تسجيل عدد من الوفيات بين المواطنين بسبب الجوع والعطش في تلك المناطق، وضربت الميليشيا حصارا مماثلا على المناطق التي سيطرت عليها في ولاية الجزيرة، وتم استخدام الطعام والمؤن الغذائية كسلاح لإجبار الشباب على التجنيد والانتماء إلى صفوفها. ووثقت تقارير إخبارية تضمنت استقصاءً مع ما لا يقل عن 750 شخصا بينهم على الأقل 65 من الأطفال تحت سن الثامنة عشرة، تم إجبارهم على الإنضمام والتجنيد في صفوف “الدعم السريع” باستخدام التجويع والتهديدات بقطع المؤن الغذائية عن مناطقهم في ولاية الجزيرة في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مارس/آذار 2024. وقبل أيام قليلة، في 14 يوليو/تموز 2024، هاجمت “قوات الدعم السريع” قافلة لتجار محليين متجهين من قريتي فنقوقة الغربية وأم هجليجة للحصول على إمدادات من السوق الأسبوعية في أم صميمة، الواقعة على بعد 75 كيلومترا شمال مدينة أم روابة في شمال كردفان. وقد أطلق أفراد الميليشيا النار عشوائيا على موكب التجار بغرض منعهم من الاستمرار في طريقهم، مما أسفر عن مقتل 23 شخصا على الفور وإصابة العشرات، وتعطيل قوافل الإمداد. وقد ظهر نمط ثابت مع استمرار الحرب، عندما يسيطر مقاتلو “قوات الدعم السريع” على أي منطقة مدنية، حيث يصادرون الطعام ويمنعونه عن المدنيين بشكل منهجي). نواصل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى