صلاح السعدني: موسم الهجرة إلى السماء…

صلاح السعدني

موسم الهجرة إلى السماء…

عبدالغني كرم الله

الرحيل مر، في تذوقي الشخصي، لا أباري النقاد، حتى الأذكياء، منهم، لهم دينهم، ولي دين، إنما قلبي، له موازينه الفطرية وميوله التلقائية، فينصب قلبي أبطاله، منهم على سبيل المثال، كريمة مختار والموجي وحسن مصطفى، وسعيد صالح، أحبهم ويرشف حسي نشوة ومتعة عصية الشرح عند مشاهدتهم، عيون الموجي وحركات يديه، وفكه الطويل، شعيرات حسن مصطفى وهو يلصقها على صلعته كل آن، وشكله (الغلبان)، حنان كريمة مختار وصوتها المبحوح، أما سعيد صالح، فعالم لوحده.

 

أما أخي الأكبر، صلاح السعدني، كنت أحسه أخي الأكبر، لا أقل ولا أكثر، أحاول أن أجد علاقه بينه وبين أخوي الأكبر، روحه، صوته، ملامحه، بين هوية القروي الأصيل وفضائل المدنية، وكاريزما حضوره على الشاشة، حين يكون فلاح بسيط أو فتوة، وعمدة، تحبه وتكرهه بصدق جميل..

 

عاش معنا الزمن الجميل، المراهقة ومطلع الشباب، حين كانت الخرطوم دون وصاية وتربص على ملابسك وخطاك، جميلة ونظيفة ومتسامحة مع كل أنماط السلوك الفردي وتنوع وتلون الأزياء، كانت الوجوه مستبشرة، بركات التعليم المجاني، وكذا العلاج ودعم للسلع الأساسية والكهرباء والماء، قبل خصخصة كل شيء، وزمان النخلة الحمقاء (إني مفصلة ظلي على جسدي)، وليس (فلا هطلت علي، ولا بأرضي، سحائب ليس تنتظم البلادا)،

 

في هذا الوقت، هناك فراغ، وسعة وقت، المدرسة قريبة، الطرقات هادئة، تجلس كل الأسر في الحوش، بعد شراب شاي المغربية الكارب وتستعد لمشاهدة المسلسل، كل الخرطوم، لذا تجد الصباح قاسم مشترك، بين كل طلاب الفصل، لمناقشة المسلسل، قبل أن يتبدد أيدي “قناة”، سبأ”، وانتظار المساء على الجمر، لمعرفة ختام ما جرى، في آخر الحلقة بالأمس، كشأن “المخرجين”، في إثارة الترقب فينا، نهاية الحلقة، للحلقة التي تليها، فيحلق كل منا في تصور ما يجري.

 

في هذا الوقت أحببت أخي الأكبر صلاح السعدني، ومنهم في الإعجاب الجميل والشكر، نور الشريف، محمود ياسين، ومحمود عبدالعزيز، ” الترتيب مقصود” وغيرهم كثر..

 

وداعاً بطل مراهقتنا ووجداننا، هذا موسم الرحيل، عن البيوت والأوطان..

طبت هناك.

Exit mobile version